الجيش السوري وحزب الله والقوميون يقتربون من حسم الزبداني جلسة الحكومة الخميس بين شارعين… ومساعي التهدئة والوساطات
كتب المحرر السياسي:
كل شيء يتهيّأ في فيينا لحدث كبير خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة، حدث بحجم يسمح بالقول إنه الأهمّ بتداعياته العالمية والإقليمية، وأبرز أحداث القرن، خصوصاً مع التأكيدات على عدم وجود نوايا لتمديد التفاوض في حال الفشل مقابل التبشير بفرص كبيرة للإنجاز بعدما صار كلّ شيء على طاولة الوزراء بصيغة مقترحات أعدّها نوابهم تجيب على الفرضيات التي وضعها الخبراء، ما يشير إلى أنّ حسم الخلافات صار في متناول اليد، كما أكدت تصريحات كلّ الوزراء الذين توافدوا للإقامة والمشاركة في فيينا وأخذ مواقعهم في الماراتون الذي يبدأ صباح اليوم ويتواصل حتى خروج الدخان الأبيض. فقد أفادت وزارة الخارجية الروسية بأنّ الوزير سيرغي لافروف وصل إلى فيينا للقاء نظرائه المشاركين في المفاوضات. وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس والمفوضة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني قد وصلا إلى فيينا، كما يصل صباح اليوم الوزيران البريطاني فيليب هاموند والألماني فرانك فالتر شتاينماير، فيما يواصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف محادثاتهما في صيغ مختلفة. أما وزير الخارجية الصيني وانغ يي فيصل ظهر اليوم للانضمام إلى زملائه الستة، ومع بدء العدّ التنازلي للاتفاق أكدت رئيسة الديبلوماسية الأوروبية فيديريكا موغيريني أنّ مجموعة «5+1» وإيران قريبتان جداً من التوصل إلى اتفاق في شأن برنامج طهران النووي. وقالت موغيريني إنّ وزراء خارجية كلّ من الدول الكبرى الست وإيران سيبدأون يوم الاثنين العمل على إنجاز «الصفقة» خلال اليومين التاليين. وشدّدت موغيريني على أنّ «السداسية» لا ترى جدوى من إعداد «خطة بديلة» يمكن تبنّيها في حال فشل جولة فيينا. من جانبه قال مصدر ديبلوماسي في أحد الوفود الغربية إنّ المدراء السياسيين لإيران والدول الست قد اقترحوا حلولاً لجميع المسائل العالقة، لكن اتخاذ القرار في شأن قبولها أو رفضها يعود إلى وزراء خارجية الطرفين. وأكد المصدر أنّ «المفاوضات تدخل مرحلتها الحاسمة»، مضيفاً: «نحن قريبون جداً من تحقيق الاختراق»، و»سيكون من الصعب إعادة العملية إلى المسار المطلوب» في حالة فشل الجولة الراهنة. بينما قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنّ الطرفين حققا تقدّماً ملحوظاً، لكن هناك مسائل جدية لا تزال عالقة، وأضاف الوزير الأميركي أنه يشاطر الرأي نظيره الإيراني محمد جواد ظريف أنّ الطرفين صارا أقرب من أيّ وقت مضى من التوصل إلى اتفاق نهائي. وأكد كيري إمكانية عقد الاتفاق في الموعد المحدّد مع أنه نبّه إلى أنّ حكومته ستنسحب من العملية التفاوضية في حال الفشل.
أولى الساحات تفاعلاً مع الحدث الكبير المتوقع كانت سورية، حيث تتردّد أصداء الكلام الذي قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تغييرات جوهرية في مواقف دول جوار سورية والمتورّطين في الحرب عليها، مشيراً إلى السعودية والأردن وقطر وتركيا. وفي الكواليس تحليلات وتسريبات عن مبادرات تقودها روسيا لترجمة التفاعل مع هذه التحوّلات تحت عنوان ما أعلنه الرئيس بوتين عن الدعوة إلى حلف إقليمي لمكافحة الإرهاب، وما أضافته موسكو عن مشاريع ومقترحات لتزخيم فرص الحلّ السياسي في سورية بين الحكومة والمعارضة مع حسم الرئيس بوتين لعنوان الحلّ السياسي بالوقوف وراء الجيش السوري في الحرب على الإرهاب، والانطلاق من شرعية الرئيس السوري بشار الأسد في البحث بأيّ حوار.
وعلى خلفية هذا المناخ من التطورات المتسارعة كان الميدان العسكري يشهد تطورات أشدّ أهمية حيث تقترب الزبداني المدينة المرشحة لتكون عاصمة إمارة «جبهة النصرة» المفترض أن تمتدّ من حمص إلى القنيطرة، لتشكل ختام حرب القلمون بعدما نجح الجيش السوري والمقاومة بحزبيها الرئيسيين حزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي بدخول أحياء أساسية منها وتقطيع أوصال المسلحين المنتشرين بين أحيائها وبساتينها، لتدفن مع جثث قتلى النصرة هناك أحلام الإمارة الموعودة.
لبنانياً على إيقاع وتردّد أصوات الحرب التي وصلت إلى البقاع على مدار الساعة من ساحات الزبداني تدور حرب أخرى تنتظر موعد جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، بين دعوة التيار الوطني الحر إلى حسم آلية تحترم موقع الإجماع الوزاري في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية أو النزول إلى الشارع، وردّ تيار المستقبل أنّ الشارع مقابل الشارع، وبين مساعي الوساطات والتهدئة.
بوصعب: مقياس أي تحرك سيكون انعكاساً لأجواء أي جلسة
تعود الاتصالات السياسية مع بداية الأسبوع من أجل الوصول إلى تهدئة الأجواء قبل جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل بعد التجاذبات السياسية التي أحدثتها الجلسة الأخيرة ومحاولة البعض قضم صلاحيات رئيس الجمهورية، بتحديد فريق وحده آلية عمل جديدة للحكومة. ويبدو أن الانقسام في وجهات النظر مرشح للازدياد في الأيام المقبلة، مع دعوة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون قواعد التيار الوطني الحر إلى الاستعداد للتظاهر للنزول إلى الشارع، وتأكيده لدى استقباله وفوداً شعبية «أن التيار الوطني الحر بدأ التحضير لتحركات شعبية وتظاهرات في أقضية جبل لبنان وبعبدا والكورة»، مشيراً إلى «أن أقبح وأوقح الأمور أن يُتهم المطالب بحقوقه بالتعنّت».
وأكد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب لـ«البناء» «أن جلسة الخميس ستشهد نقاشاً مهماً حول آلية عمل الحكومة، لا سيما أن مجلس الوزراء أقر بند المنتجات الزراعية وفق آلية جديدة من دون أن يُناقَش في الجلسة، مع خروج رئيس الحكومة من الجلسة». واستغرب حديث بعض الوزراء عن أن صلاحية رئيس الجمهورية مناطة برئيس الحكومة فقط، معتبراً أن هذا الكلام سابقة خطيرة جداً، والتيار الوطني الحر لن يقبل هذا النمط من التعاطي، فالدستور يؤكد أن صلاحيات رئيس الجمهورية مناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن لفريق أن يحدد وحده آلية عمل الحكومة».
ولفت بو صعب إلى «أن جلسة مجلس الوزراء ستترافق مع حركة احتجاجية شعبية محدودة»، وعلى ضوء مجريات جلسة الخميس، فإن مقياس أي تحرك سيكون انعكاساً لأجواء أي جلسة».
بري: عون لن يفرّط بالدولة
وعلق رئيس مجلس النواب نبيه بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» على كلام العماد عون «أننا بدأنا التحضير لتحركات شعبية وتظاهرات»، مشيراً إلى «أن العماد عون ابن هذا النظام، ولا اعتقد أنه سيفرط بالدولة، لا بل على العكس سيحافظ عليها». وأكد بري أن رئيس الحكومة يدعو إلى الجلسات انطلاقاً من صلاحيته، فهو يقوم بواجبه بحسب الدستور لإقرار جدول الأعمال».
وإذ أشار إلى «أن توقيع فتح دورة استثنائية لمجلس النواب وارد»، لفت إلى «أنه سيدعو إلى جلسة عامة فور توقيع المرسوم، وسيدعو هيئة مكتب المجلس للاجتماع لوضع جدول الأعمال لا سيما أن هناك الكثير من الملفات العالقة في أدراج المجلس النيابي، المتعلقة بالقروض الدولية الميسّرة المهدّدة بالزوال في حال لم ينعقد المجلس ويقرها».
الشارع مقابل الشارع
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» أن الرئيس سلام يقوم بدوره وبواجبه في الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء، وسأل: «كيف يشكل ما يقوم به الرئيس سلام استفزازاً للتيار الوطني الحر ليلجأ إلى التهديد بالنزول إلى الشارع وتفجير الوضع»؟ لافتاً إلى «أن كل مكونات الحكومة لديها شارع ولعبة الشارع خطرة في ظل هذه الظروف في البلد».
وأشار درباس إلى «أن لا اتصالات حتى الآن بين الرئيس سلام والتيار الوطني الحر باستثناء التي تحصل مع الوزيرين الياس بو صعب وجبران باسيل داخل مجلس الوزراء».
وأضاف: «الوطني الحر يغلق جميع الأبواب أمام أي حلحلة للأمور»، موضحاً «أن العدد الكافي لتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش غير متوافر في مجلس الوزراء فالتصويت له تحت الضغط لن يحصل».
ولفت درباس إلى «أن الجلسة المقبلة ستكون عادية وطبيعية إلا إذا قرر العماد ميشال عون الاعتصام وتسكير طريق السراي الحكومي فهذا أمر آخر». وأكد «أن جدول أعمال الجلسة هو نفسه جدول أعمال الجلسة الماضية وستأخذ الحكومة القرارات التي تراها مناسبة لا سيما أن الرئيس سلام يملك حكمة وبعد نظر ومسؤولية وهو لا يبحث عن الاستفزاز والمشاكل».
كلمة لنصر الله الجمعة
ويلقي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كلمة يوم الجمعة المقبل بمناسبة يوم القدس، سيتطرق خلالها إلى التطورات السياسية الداخلية الإقليمية، خصوصاً الأزمة الحكومية والمعركة في الزبداني ضد الجماعات الإرهابية التكفيرية. وسيركز السيد نصر الله في كلمته أيضاً على الملف الفلسطيني، لاسيما أن ما يجري في المنطقة هو محاولة لتغيير هوية العدو وإبعاد الاهتمام عن فلسطين والقضية الفلسطينية». وسيتناول سياسات بعض الدول العربية التي يبدو أنها في أجواء التطبيع مع العدو «الإسرائيلي».
… وللحريري الأحد
وغادر بيروت عصر أمس وفد يضم: وزير العدل اللواء أشرف ريفي، النائبين أحمد فتفت ومحمد كبارة، النواب السابقين: مصطفى علوش وباسم السبع وغطاس خوري، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري، والمستشار الإعلامي للحريري هاني حمود، متوجهاً إلى جدة في المملكة العربية السعودية للقاء النائب سعد الحريري. وتأتي الزيارة قبل كلمة الحريري الأحد المقبل خلال الإفطار المركزي الذي دعا إليه تيار المستقبل في مختلف المناطق.
الزبداني شوكة في خاصرة العاصمة السورية
في غضون ذلك، تواصل المقاومة والجيش السوري العملية العسكرية التي بدأت منذ أيام في الزبداني، حيث دخلا من الجهة الغربية للمدينة، وأحكما السيطرة على كامل منطقة الجمعيات غرب المدينة، كما سيطرا على عدة كتل بحي السلطاني جنوب المدينة ووصلا إلى مثلث حي جامع الهدى بحي السلطاني.
وكان حزب الله بدأ والجيش السوري يوم الجمعة الماضي هجوماً واسعاً على محاور عدة في الزبداني في ريف دمشق الغربي في ظل غطاء مدفعي وجوي كثيف، استعداداً لاقتحام مواقع المسلحين.
وأكد مصدر عسكري لـ«البناء» أن «معركة الزبداني ضرورية وهامة، لأنها تشكل شوكة في خاصرة العاصمة السورية ولا معنى لحرب القلمون إذا لم يتمّ إنهاء الزبداني ذات الموقع الاستراتيجي التي تحيط طريق بيروت دمشق، الطريق الوحيدة المتبقية لسورية مع الخارج إضافة إلى طريق طرابلس – حمص التي تعتبر ثانوية.
وأضاف المصدر: «من الطبيعي أن تتحصّن العاصمة السورية المهدّدة من الشرق من جهة الغوطة الشرقية ومهدّدة من الجنوب من جهة درعا، لذلك فإنّ حسم الزبداني يعتبر ضرورة قصوى وأولوية ضمن أولويات الجيش السوري والمقاومة».
وأشار المصدر إلى أنّ «الزبداني مدينة بعيدة عن طريق بيروت الشام بضعة كيلومترات وموقعها استراتيجي، وحسم المعركة فيها يشكل مزيداً من التضييق والحصار على المسلحين الموجودين في جرود عرسال وما تبقى منهم في القلمون، إلا أنّ الخطوة بحسب المصدر هي انسحاب المسلحين في الزبداني إلى الأراضي اللبنانية عن طريق عسال الورد ورنكوس والتحاقهم بالمسلحين في جرود عرسال، ما سيرفع عدد هؤلاء المسلحين إلى حوالى 5 آلاف، إلا أنّ هناك طريقاً آخر لانسحاب المسلحين هو باتجاه القنيطرة جنوباً، بالتالي انحصار المسلحين بجرود عرسال».
وبيّن المصدر «أنّ الاشتباكات تشتدّ ضراوة حيث تقدّم الجيش السوري والدفاع الشعبي من جهة الشرق والمقاومة من الجهة اللبنانية».
ورجح المصدر أن تستمرّ العملية من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع في حال لم يتمّ انسحاب المسلحين منها وربما ستوقع خسائر إلا أنّ القصف المدفعي والجوي الذي سبق العملية سيقلص ويخفض هذه الخسائر، وأكد أنّ معركة الزبداني مستمرة ولن تتوقف لأنها تحصل ضمن إطار إنهاء «جبهة النصرة»، بعكس معركة جرود عرسال مع تنظيم «داعش» والتي ستطول بعض الوقت، إلا أنها على طريق التقدم وإطباق الحصار على المسلحين فيها».
واستمرت تداعيات مقتل أحمد ماجد عوض عصر الجمعة في مخيم الرشيدية في صور، حيث شهد المخيم أمس حالاً من التوتر، وأقدم أهاليه على إحراق معدات وآليات تابعة للمدعو محمد ياسين في المخيم وتزامن ذلك مع إطلاق نار كثيف في الهواء. وعملت اللجان الشعبية وفاعليات المخيم على تهدئة الأمور.