بوتين لأوباما: قاعدة الحلّ في سورية أنّ الرئاسة تحسم في صناديق الاقتراع خلوة كيري ظريف لسيناريوات ما بعد التوقيع… وإعلان الاتفاق الجمعة

كتب المحرر السياسي :

موسكو التي أخذت على عاتقها قيادة معادلات التسويات والتفاهمات بعد حرب السنوات الخمس التي شهدها الشرق الأوسط وكانت سورية عنوانها، والعلاقة الأميركية الإيرانية محور التطورات فيها، يؤكد مسؤولوها أنهم قطعوا في الملفين الإيراني والسوري الشوط الرئيسي الحاسم من التفاهمات مع الأطراف المعنية. فقد تمّ على المستوى الدولي التفاهم مع واشنطن على إنجاز التفاهم مع إيران وفق معادلة، لا تخصيب ولا تخزين يوصلان إلى السلاح النووي من جانب إيران ولا عقوبات من جانب الغرب، والباقي هو صياغات تفصيلية، لكنها مهمة وأساسية خصوصاً بوجود حلفاء لواشنطن في الغرب لا يشاركونها هذا الفهم، وحلفاء إقليميين يتصرّفون كخاسرين من هذا التفاهم، ووجود لعبة انتخابية أميركية ورأي عام أميركي يضغطان على صانع القرار في البيت الأبيض، لذلك تبدو المفاوضات النووية قد قاربت خط النهاية لأنّ الصياغات انتهت وصارت جاهزة، والحلفاء الدوليون والإقليميون بلغوا المرحلة التي لم تعد تسمح بالمماطلة، والرأي العام العالمي والغربي صار جاهزاً للاحتفال بالاتفاق كإنجاز تاريخي. أما بالنسبة إلى سورية، فقد تفاهمت موسكو مع واشنطن على أنّ خطر تجذّر الإرهاب وانتشاره قد بلغ مرحلة تستدعي تحرّكاً عاجلاً وشاملاً، وأنّ العمل البرّي العسكري الذي يشكل عصب المواجهة مع الإرهاب وساحته سورية لا تفي بحاجاته غارات التحالف ولا رهانات الحديث عن معارضة سورية معتدلة، وأنّ دعم الجيش السوري في ظلّ حكومة مصالحة وطنية وتطبيع العلاقات السورية بالمجتمع الدولي ودول الجوار، والتزام صارم من الجميع بالكفّ عن تمويل وتسليح ودعم المجموعات الإرهابية بوهم التغيير في سورية، هي عناصر الوصفة التي يجب اعتمادها لتحقيق تغيير جدي في المشهد السوري. أما مواصلة الرهان على جمع هذه السلة من الأهداف مع الإصرار على المواجهة مع الرئيس السوري بشار الأسد واعتباره خارج أيّ حلّ، فلن ينتج منها إلا إطالة أمد الحرب ومنح الإرهاب فرصاً وافرة لامتلاك زمام المبادرة.

تؤكد مصادر متابعة للحراك الروسي في المنطقة، أنّ إقدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إطلاق مبادرته لتشكيل حلف إقليمي مع سورية، يضمّ خصومها، خصوصاً من دول المنطقة، نابع مما يتخطى القناعة بصوابية المشروع إلى امتلاك الوقائع والمعطيات، التي تجعل هذا المشروع قابلاً للحياة، والذي وضعت له موسكو روزنامة تنفيذية، وهي تدرك أنّ واشنطن تلتقي معها على رؤيتها، لكنها تراعي حسابات حلفائها الإقليميين الذين يشكل توجه موسكو نحوهم حلاً للمأزق الأميركي في التعامل مع شكواهم من الشعور بالخسارة، من دون أن يعني ذلك القدرة على التعامل بحيادية روسية نحو مواصلة الآخرين لخطاب إعلامي قديم وفجّ وغير واقعي بالتعامل مع الرئاسة السورية في مرحلة الإعداد للانتقال نحو خطوات عملية لبلورة جبهة قادرة على إحداث فرق في المواجهة مع الإرهاب. وقالت المصادر إنّ الخطاب الإعلامي صار ذريعة مسايرة متبادلة بين واشنطن وحلفائها ويجب أن ينتهي إلى ما يحاكي الواقع، وأنّ الرئيس بوتين اتخذ من كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما عن الحرب على الإرهاب وتكرار معزوفة الجمع بين الاعتراف بالفشل والإصرار على حلّ سياسي في سورية من دون الرئيس الأسد، يعرف الرئيس أوباما أنه فانتازيا مستحيلة مثلما هي المعارضة المعتدلة فانتازيا مستحيلة وفقاً لوصف أوباما نفسه، ليتحادث معه في مضمون خطاب إعلامي يقوم على التسليم بالفصل بين دور المجتمع الدولي في توفير فرص الحلّ السياسي وبين مستقبل الرئاسة في سورية التي يجب أن يقرّرها السوريون وحدهم في صناديق الاقتراع. وقالت المصادر إنّ التفاهم مع عدد من الدول المعنية بالحلّ في سورية والحرب على الإرهاب قد تمّ على هذا الأساس كخطاب إعلامي يتضمّن في السياسة التسليم بالتعاون مع الدولة السورية برئاسة الرئيس الأسد، وترك الشؤون الخاصة بتركيبة الدولة السورية ومؤسساتها والمناصب السيادية فيها للسوريين ليقولوا كلمتهم فيها عبر صناديق الاقتراع، وتقديم المساعدة اللازمة لهم لفعل ذلك بطريقة ترضيهم وتوفر فرصة التعامل مع الشرعية السورية المنبثقة من الانتخابات كممثل لإرادة السوريين تستردّ مكانتها الطبيعية في الأسرتين العربية والدولية سياسياً وديبلوماسياً وقانونياً واقتصادياً.

في المفاوضات الدائرة في فيينا، وكما قالت «البناء»، تمّ التفاهم على إعلان الاتفاق يوم الجمعة ومنح وزيرا خارجية أميركا وإيران يومين كاملين لخلوة، غادر على خلفية توفير فرص نجاحها كلّ الوزراء الآخرين قاعات التفاوض وعاصمة المفاوضات، وقال بعضهم إنّ كيري وظريف يحتاجان هذه الخلوة لرسم سيناريوات مرحلة ما بعد التوقيع، وحلحلة بعض النقاط الإجرائية الخاصة برفع العقوبات وترتيباتها، وربما الدخول في بعض الشؤون السياسية الإقليمية من زاوية التعاون في تسويق الاتفاق وطمأنة حلفاء واشنطن في المنطقة إلى أنّ التفاهم لن يرتب عليهم مزيداً من الشعور بالتهديد.

لبنانياً لا تبدو مساعي الوساطة الهادفة لتبديد مناخ الانفجار في العلاقة بين التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة تمام سلام، التي يقودها حزب الله بالتعاون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قد نجحت في تحقيق أيّ اختراق، فالعماد ميشال عون يؤكد أنّ المسألة باتت وجودية بالنسبة إلى المسيحيين، ولا تحتمل المساومات، ولذلك فهو ذاهب حتى النهاية، والرئيس سلام يقول إنه يفضل أن يكون رئيس حكومة تصريف أعمال إذا كان البعض يفكر بفرط الحكومة، على أن يفرّط بصلاحيات رئاسة الحكومة.

النظام السياسي في العناية الفائقة

بات النظام السياسي في لبنان في العناية الفائقة، فيما تشي الوقائع بتزايد احتمالات عدم خروجه حياً. لقد فجر رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون أزمة نظام، لا أزمة حكومة أو رئاسة جمهورية. يريد رئيس التيار الوطني الحر نظاماً جديداً، فالطائف بالنسبة للمسيحيين بات ميتاً، والشيعة غير متمسكين به، ويعنيهم الاستقرار والاستقرار فقط، أما البحث في النظام فمؤجل إلى يوم آخر.

وأكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» أنّ العماد عون لم يعد يعبّر عن رأي التيار الوطني الحر فقط، إنما بات يعبّر عن الضمير المسيحي العام». ولفتت المصادر إلى أنه «صحيح أنّ العماد عون ليس على توافق أو تنسيق مع الأصوات المسيحية الأخرى كالكتائب والقوات، لكن هذه الأصوات باتت تنطق بعبارات متباينة لكنها تحمل الهدف نفسه».

ولفتت المصادر إلى «أنّ المسيحيين تعرّضوا لخديعة اتفاق الطائف في السنوات الـ25 الماضية ولم يكن في إمكانهم التمرّد على هذه الخديعة، واليوم بات في إمكانهم العودة عن جزء من التنازلات التي قدّموها في عام 1989، فهذه الإمكانية متاحة لهم بسبب علاقتهم الوطيدة بـ»الشيعة».

ذاهبون إلى النهاية

وأكد العماد عون في مؤتمر صحافي أنّ التحرك الذي أعلن عنه «ذاهب للنهاية ومن يرد أن يسمع فليسمع، ولم نعد نحتمل».

وقال متوجهاً إلى البنانيين: «طلبت منكم أن تتحضّروا للمساهمة في معركة، هي معركة مصير». وأضاف: «الدولة قد مُسّ بها والقوانين لم تعد تُحترم».

وأكد «أنّ المتغيّرات السياسية من حولنا تفرض العودة إلى الشعب لتقرير المصير». وأعلن «أننا نطالب بقانون انتخاب عادل يؤمّن المناصفة والتمثيل الصحيح وننتخب نواباً والنواب ينتخبون رئيساً للجمهورية».

واعتبر «أنّ المجلس النيابي غير شرعي، بمن فيهم أنا، وغير قادر على انتخاب رئيس، واليوم، رئيس الوزراء يلعب دورين، دور رئيس الوزراء ودور رئيس الجمهورية، وهذا غير مقبول قطعاً». وتابع: «أنا العماد عون قاتلت ودفعت مخاطر و15 سنة إبعاد من أجل المحافظة على سيادة لبنان، أنتم ماذا فعلتم سوى امتصاص مالنا وتعبنا».

لا تراجع إلا بعد احترام حقوق المسيحيين

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أنّ تذكير العماد عون باستئثار الرئيس فؤاد السنيورة بالحكم من دون أن يسمّيه، يعطي المطالبة بتعديل وثيقة اتفاق الطائف مفعولاً رجعياً لعام 2007، وأنّ اتفاق الدوحة لم يشكل الإنعاش الكافي لهذا الاتفاق».

وعلمت «البناء» أنّ أحد السفراء سأل العماد عون منذ بضعة أيام، «كيف تندفع في وجه المارد السني في لحظة هيجانه»، فأجابه عون: «أتحصّن لأدافع عن نفسي وأساعده لكي أنقذه من نفسه، فلديّ أصدقاء صادقون معي».

وأكدت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أنّ الوزيرين جبران باسيل والياس بوصعب سيطالبان في جلسة مجلس الوزراء غداً بالعودة إلى الآلية التي تمّ التوافق عليها أولاً لاتخاذ القرارات في مجلس الوزراء»، لافتة إلى أنّ التحرك في الشارع بات مؤكداً ولا تراجع عنه إلا بعد احترام حقوق المسيحيين وبت بند التعيينات في مجلس الوزراء واحترام صلاحيات رئيس الجمهورية التي تناط في غيابه بمجلس الوزراء مجتمعاً».

وأكد النائب نبيل نقولا لـ«البناء» «أنّ قرار النزول إلى الشارع قد حُسم نهائياً، لكن التوقيت يحدّده العماد ميشال عون»، مشيراً إلى «أنّ يوم النزول إلى الشارع سيكون يوماً تحذيرياً، لن يكون البداية ولن يكون النهاية».

وتوجه نقولا إلى الفريق الآخر بالقول: «خسئتم مهما أحرجتمونا لن تخرجونا عن المعادلة الوطنية، نحن متمسكون بالشراكة الوطنية والعيش المشترك»، محذراً رئيس الحكومة «من أيّ خطوة في مجلس الوزراء من شأنها أن تهمّش المسيحيين والمعادلة الوطنية».

في وقت لا يزال حزب الله يقوم بحركة بين التيار الوطني الحر ورئيس مجلس النواب نبيه بري لمعالجة الأزمة. وترافق ذلك مع زيارة وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش أمس إلى رئيس الحكومة تمام سلام للبحث في جلسة مجلس الوزراء التي دعا إليها سلام الخميس وآلية العمل الحكومية.

وتحدث فنيش لـ«البناء» عن اتصالات وقنوات مفتوحة بين المعنيين لكي لا تصل الأمور إلى حدّ النزول إلى الشارع، لا سيما في ظل الأوضاع المحيطة بنا في المنطقة وتجنّب تعريض البلد أو الحكومة إلى هزة». ولفت إلى «أنّ مطلب العماد عون محق ونحن ندعمه وينبغي التعاطي معه بإيجابية لإيجاد حلّ وفي الوقت نفسه متمسكون بالحكومة وآلية عملها».

سلام : أفضّل أن أكون رئيس حكومة تصريف أعمال

وأكد رئيس الحكومة بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أنه إذا كان البعض يريد مني أن أكون حارساً على حكومة لا تعمل، فأفضل لي أن أكون رئيس حكومة تصريف أعمال». وأشار سلام إلى «أنه لن يقبل بحكومة لا يوجد فيها ممثلون عن حزب الله والتيار الوطني الحر، فإذا أرادوا فضّ الحكومة، فإنه سيسبقهم ويستقيل».

ولفت رئيس الحكومة بحسب زواره إلى «أنّ الوزير فنيش تمنى عليه عدم الدعوة إلى مجلس الوزراء حتى إيجاد حلّ للأزمة الحكومية»، مشيراً إلى «أنه لن يكون حريصاً على التعطيل ولا يوفر جهداً لإيجاد حلّ، هو يسير بكلّ حذر بين الألغام ويحاذر أن يستفز أحداً». وأبدى سلام أسفه لكلام العماد عون التصعيدي، داعياً الجميع إلى تحمّل مسؤولياتهم في ظلّ الأخطار المحدقة بلبنان».

«المستقبل»: لا مصلحة لأحد بفرط الطائف

وأكدت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ«البناء» «أن لا مصلحة لأحد بفرط الطائف، وأنّ طرح العماد عون للفيديرالية خطر على كلّ الطوائف وأولهم المسيحيون»، مشيرة إلى «أنّ طرحه هذا يعني أنه سيعزل نفسه في كسروان». ولفتت المصادر إلى «أنّ كلّ اتهامات العماد عون مبنية على أوهام».

وإذ أشارت المصادر إلى «أنّ للعماد عون الحق في الاعتراض الديمقراطي والنزول إلى الشارع سلمياً»، اعتبرت المصادر أن ليس بإمكانه أن يفرض على الأكثرية اسم قائد للجيش وإجراء التعيينات قبل موعدها وأن يعطل مجلس الوزراء، فالمادة 62 من الدستور تحدثت عن أنه في حال خلوّ سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء»، مشددة على «أن المادة 62 لم تأت على ذكر مجلس الوزراء مجتمعاً».

الجيش السوري والمقاومة في قلب الزبداني

أمنياً واصل الجيش السوري والمقاومة تقدّمهما السريع في الزبداني، وتمّت السيطرة أمس على بعض الكتل في حي الزهرة شمال غربي الزبداني وأوقعا في صفوف المسلحين قتلى وجرحى، كما تمّت السيطرة بالنار على كامل الشارع الرئيسي المتداخل بحي السلطاني شارع جمال عبد الناصر جنوب شرقي الزبداني، وأحكما السيطرة على عدة مزارع وأبنية على جانبي الشارع.

وأشار مصدر عسكري لـ«البناء» إلى «أهمية حي السلطانة الذي يحيط بالزبداني من معظم الجهات»، وأكد «أنّ المقاومة والجيش السوري بدآ اختراق هذا الحي من ثلاث نقاط».

ولفت المصدر إلى أنّ السيطرة على حي السطانة ستمكن الجيش والمقاومة من الوصول إلى قلب الزبداني» الذي بات 50 في المئة منه في قبضة المقاومة، باستثناء الكتل السكنية التي تحتاج إلى وقتٍ أكثر لتنظيفها حيث يتحصن المسلحون فضلاً عن الألغام والعبوات التي يمكن أن يزرعوها بين المنازل والتي تعيق سرعة التقدم».

وأضاف: «معركة الزبداني هي جزء من حرب القلمون وهي آخر مفصل يحكم دمشق وأعلى النقاط الحاكمة لها وسقوطها يفتح الباب أمام معركة سرغايا التي تشهد الآن محاولات للوصول إلى تسوية لخروج المسلحين وتسليمها إلى الدولة السورية لأن معظم المسلحين الذين يقاتلون في الزبداني هم من سرغايا المحكومة بنار الجيش السوري من جنطا ومعربون».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى