عراقجي: النص صار منجزاً… والبيت الأبيض: ذاهبون إلى الاتفاق

كتب المحرر السياسي:

لم تعد للمهل قيمة في المسار الواصل لإنجاز الاتفاق حول الملف النووي الإيراني وفقاً لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فما صار منجزاً هو تقريباً كلّ شيء، والباقي كما يقول نائب لافروف غينادي غاتيلوف هو قضايا شكلية في ملحق رفع العقوبات، بعد صياغة كلّ بنوده المهمة، وتتصل النقاط المتبقية برسم آليات رفع الحظر عن تجارة السلاح مع إيران. ووفقاً لمصادر على صلة بالمفاوضات، أنّ هذا البند حسم تقريباً ليل أمس بالنسبة إلى حق إيران ببيع السلاح وفي بند الشراء أيضاً وبقيت قضية شراء متمّمات الصواريخ الباليستية، متوقعة حسمها خلال ساعات اليوم، بينما قال الناطق بلسان البيت الأبيض جوش أرنست أنّ التمديد يجري يوماً بيوم لأننا كما تقول الوقائع ذاهبون إلى الاتفاق. وقال كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي إنّ النص صار جاهزاً للتوقيع، والباقي تفاصيل صغيرة يجري التفاهم على صياغاتها بسلاسة.

في غضون ذلك يصل الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني إلى موسكو للمشاركة في القمة التي تضمّ قادة منظمتي «بريكس» و»شانغهاي»، حيث يلتقي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة يتوقع أن تتناول ما تبقى من قضايا المفاوضات النووية، وفقاً لمصادر متابعة، من دون أن تغيب عنها مساعي وساطة يزمع الرئيس الروسي عبرها فتح الطريق نحو بدء مفاوضات إيرانية سعودية، مستنداً إلى ما سمعه من الملك سلمان في المحادثة الهاتفية بينهما وناقشه بالتفصيل مع نجله وزير الدفاع محمد بن سلمان حول الملفين السوري واليمني، والاستعداد لتلبية وساطة روسية لحلحلة فيهما. ووفقاً للمصادر أنّ الرئيس بوتين قد بدأ بوضع خطوط هذه الوساطة وفاتح وزير الخارجية السوري بها وتلقى إشارات إيجابية على المضيّ فيها قدماً، ويتوقع أن يحدث الشيء نفسه في محادثاته مع الرئيس الإيراني. وختمت المصادر أنّ التسويات تسير على الطريق الصحيح والوقت لن يطول قبل أن تبدأ الإشارات العلنية بالظهور لتغيير المشهد الذي تعرفه المنطقة من توترات تشكل العلاقة الإيرانية السعودية محوراً رئيسياً فيها.

لبنانياً، تسير الأمور عكس الاتجاه، فيبدو الموقف متجهاً نحو التصعيد بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وتتشعّب عن قضية الحكومة وآليات إدارتها، قضية الجلسات التشريعية، وشروط انعقادها في ظروف الفراغ الرئاسي، ويظهر التيار الوطني الحر بصورة محرجة لحليفه الرئيسي حزب الله، بجمع القضيتين في سلة واحدة فيشتبك مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الحليف الأبرز لحزب الله بذات قوة الاشتباك مع تيار المستقبل الذي لم يتردّد حزب الله في مساندة العماد ميشال عون في وجهه، خصوصاً في ملفي التعيينات العسكرية والأمنية ورئاسة الجمهورية.

لا تبدو وساطة حزب الله ولا عتبه على حليفيه بري وعون قادرة على حلحلة الأمور والوصول إلى تسويات، ولا تبدو في المقابل الوساطات على خط الحكومة قابلة للظهور أصلاً ما لم يضع الرئيس بري ثقله لإنجازها، وهذا يستدعي فك الاشتباك عند العماد عون بين قضيتي تعطيل الحكومة وتعطيل المجلس النيابي، إلا إذا كان عون لا يرى في الأفق فرص حلول ويكتفي بتحقيق مكاسب بتجميع الشارع المسيحي وراءه، ليربط كلّ حلحلة لاحقة بالتفاوض معه كممثل للمسيحيين، يسير وراءه كلّ قادة الأحزاب والرأي في الشارع المسيحي برضاهم أو من دون رضاهم، وفي هذه الحالة سيكون الأهمّ هو نجاح القيادات العسكرية والأمنية برسم ضوابط تمنع تحوّل الشارع إلى فتيل انفجار.

المنازلة الكبرى

تبدأ اليوم المنازلة الكبرى عند التيار الوطني الحر، بعدما نفذ العونيون أمس البروفة بمسيرات سيارة جابت المناطق اللبنانية، فرئيس التيار الوطني الحر اتخذ قراراً لا رجوع عنه بخوض معركة ضد الانتداب السعودي في لبنان، وإسقاط الطائف لأن القصة لم تعد قصة رئيس جمهورية ولا قانون انتخاب بل السرقة الموصوفة لحقوق المسيحيين وخطف صلاحيات الرئاسة.

في غضون ذلك، مضى رئيس الحكومة تمام سلام في عقد جلسة مجلس الوزراء متمسكاً بصلاحياته، وانطلاقاً من حرصه على التوافق من دون تعطيل، ومن تشديد رئيس مجلس النواب نبيه بري على ضرورة العمل من قبل الجميع لمصلحة الوطن.

إلا أن الجلسة لا يبدو أنها ستكون هادئة مع إصرار التيار الوطني الحر بوزيريه على طرح آلية عمل الحكومة في بداية الجلسة قبل أي أمر آخر، وبوجوب عدم البحث في جدول الأعمال قبل إقرار بند التعيينات، والكف عن انتهاك حقوق المسيحيين واحترام صلاحيات رئيس الجمهورية.

حزب الله متضامن مع عون

وكان لافتاً أمس الاجتماع الذي عقد في مقر وزارة الخارجية وضم وزراء «التيار الوطني الحر وتيار المرده وحزب الطاشناق وحزب الله» للبحث في التطورات السياسية في لبنان وتنسيق المواقف قبل الجلسة التي أكد المجتمعون المشاركة فيها.

وأكد وزير الخارجية جبران باسيل تضامن حزب الله و»التغيير والإصلاح» بملف الأزمة الحكومية، فنحن أمام سرقة موصوفة وعملية خطف لصلاحيات رئيس الجمهورية، ويتم السعي حالياً إلى سلب الوكالة المعطاة لمجلس الوزراء وإعطائها إلى رئيس الحكومة». ولفت باسيل إلى «أن شعار التوافق الذي رفعته حكومة سلام عند نشوئها استبدلته بشعار التحدي».

لا ضرر في الاختلاف

وفيما غاب وزيرا حركة أمل عن اجتماع قصر بسترس لأن لا علم لهما باللقاء ولم يدعيا إليه. أكدت أوساط سياسية لـ«البناء» «أن العلاقة بين حزب الله وحركة أمل علاقة استراتيجية تنسحب على كل القضايا الاستراتيجية الكبرى وهي لا تصل إلى تماهي الحزب في الحركة أو الحركة في الحزب، بل لكل منهما خياراته المحلية وهامش حركته الداخلية التي تبقى تحت سقف القضايا الاستراتيجية الكبرى». وشددت الأوساط على «أن الطرفين يعلمان جيداً أن المصلحة الوطنية تفرض هذه الثنائية أي وحدة الموقف، ولأن الرئيس بري في موقفه من الحكومة ومن مطالب العماد عون لا علاقة له بالقضايا الاستراتيجية الكبرى، فإنه لا يرى ضرراً في الاختلاف مع حزب الله في هذا الشأن، كما أن حزب الله لا يرى ضرراً في التباين مع بري في المسائل الفرعية طالما أن ذلك لا يؤثر على المسائل الاستراتيجية الكبرى، فالمسألة تبقى في تحديد طبيعة الموضوع بين الاستراتيجي والمحلي».

لقاء المشنوق الحاج حسن

وأشار وزير البيئة محمد المشنوق لـ«البناء» إلى «أن الرئيس سلام ملتزم بالدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء اليوم وبجدول الأعمال الذي حدده وسيفسح المجال لجميع الأطراف لنقاش آلية عمل الحكومة وبند التعيينات وبعدها سيصار إلى الدخول في بنود جدول الأعمال لأنه لا يمكن تعطيل أعمال ومصالح المواطنين بسبب الخلاف على آلية العمل».

وشدد المشنوق على أنه «إذا كان بعض الأطراف ينتظرون من الرئيس سلام التخلي عن صلاحياته في هذا الأمر فلن يحصل ذلك، فسلام هو رئيس الحكومة وليس رئيس القوى السياسية في الحكومة وهو حريص على إعطاء الفرصة لجميع الأطراف للتعبير عن رأيها، لافتاً إلى «أن المواقف ما زالت متباعدة، إلا انه كشف أن الاتصالات التي حصلت حتى الآن تركز على أن تحافظ جلسة اليوم على الهدوء وأنه لا يمكن أن تأخذ الأقلية الأكثرية إلى موقع مخالف لإرادتها».

واستهجن المشنوق تصريحات الوزير جبران باسيل بعد الاجتماع في وزارة الخارجية، معتبراً انه كلام غير منتظر من قوى سياسية نعرف تاريخها، وطالب حزب الله بإيضاح الموقف من هذا الكلام. وأعرب عن عدم اعتقاده بأن تصدر عن حزب الله هذه العبارات التي تهجمت على الرئيس سلام».

وعلمت «البناء» «أن لقاءً حصل بين وزير الزراعة حسين الحاج حسن والوزير المشنوق على مدى ساعة ونصف الساعة، وكان هناك اتفاق على ضرورة معالجة الوضع بكل هدوء في جلسة اليوم وأنه لا بد من الدخول إلى بحث جدول الأعمال».

وكان رئيس الحكومة التقى أمس رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي لم ير مبرراً لتعطيل جلسات مجلس الوزراء التي تدار بحكمة وإدارة الرئيس سلام. وكان جنبلاط أجرى اتصالاً برئيس تكتل التغيير والإصلاح، أوضح خلاله «أنَّه لم «يغدر به» وأن المبادرة التي تقدم بها وتتعلق بملف التعيينات الأمنية لم يكتب لها النجاح لظروف متعددة. واستقبل سلام أيضاً وزراء حزب الكتائب برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، الذي حمل إلى سلام مبادرة تتعلق بآلية العمل الحكومي وفق الإجماع وعدم التعطيل.

العونيون إلى السراي

إلى ذلك استبق التيار الوطني الحر جلسة الحكومة بمسيرات سيارة وبدأ مناصروه تلبية لدعوة العماد عون تنفيذ احتجاجات شعبية احتجاجاً على أداء الحكومة، وتعدي رئيسها على صلاحيات رئيس الجمهورية.

وتوافد العونيون من مختلف المناطق اللبنانية حيث تجمعوا أمام هيئة القضاء في نهر الموت، وجابت مسيرات سيارة مناطق بيروت، جسر الأشرفية الدكوانة، المتن، شوارع جونيه – باتجاه الكسليك – زوق مكايل عينطورة – عين الريحانة – جعيتا، وزوق مصبح، الطريق الساحلي باتجاه الصفراء- البوار- والعقيبة – سوق جبيل، منطقة البترون ، وزحلة، الصالحية- الزهراني- صيدا جزين، رافعة الأعلام اللبنانية وأعلام «التيار» على وقع الأناشيد.

هل تنضم مكونات 8 آذار بعد «الفطر» إلى تحرك التيار؟

وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» أننا باقون على مطالبنا المحقة ولن نتراجع عنها، ولفتت المصادر إلى «أن الحكومة لا تستطيع أن تعمل من دون التوافق الذي تأسست عليه»، مشيرة إلى «أن الوزيرين باسيل والياس بوصعب سيطرحان في بداية الجلسة آلية عمل الحكومة، وعلى ضوء مسار الجلسة سيوجه العماد عون كلمة غير متلفزة إلى العونيين يحدد خلالها وجهة تحركهم».

وإذ لفتت إلى «أن تحرك اليوم مرهون بعمل مجلس الوزراء وأداء رئيس الحكومة الذي بات يتصرف وكأنه الحاكم، شددت على «أن تحرك العونيين اليوم سيكون باتجاه السراي الحكومية، وسيبقون معتصمين أمامها إلى ما بعد عيد الفطر»، مشيرة إلى «أن اعتصام السراي يتماهى مع مطلب حزب الله من رئيس الحكومة، الدعوة إلى جلسة إلى ما بعد عيد الفطر». ولفتت المصادر إلى «أنه في حال دعا الرئيس سلام إلى جلسة بعد العيد، وتكرر السيناريو نفسه، فإن تحركات الوطني الحر لن تقتصر عليه بل ستنضم إليها مكونات أخرى من فريق 8 آذار».

ترقب لكلمتي نصر الله والحريري

وفي السياق نفسه، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم غد الجمعة ستكون مفصلية وسيؤكد خلالها السيد نصر الله الدعم والتأييد لما يقوم به العماد عون، وإلى ترقب كلمة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لكيفية تعاطيه مع أداء رئيس الحكومة إن كان سيؤيد ما يقوم به، أو سيتمايز عنه»، غامزة من «أن الهجوم في الساعات القليلة الماضية انصب على الرئيس سلام، فالتسوية إذا نجحت، فإنها ستأتي بالرئيس سعد الحريري «الأقوى سنياً» رئيساً للحكومة والعماد ميشال عون «الأقوى مسيحياً» رئيساً للجمهورية». وبرز أمس تأكيد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق «أن الأزمة الحكومية يعود سببها إلى الفيتو السعودي على ترشيح العماد عون، بالتالي بداية الحل، والحل الجذري للأزمة الحكومية والتوتر السياسي في البلد إنما يكون برفع الفيتو السعودي عن ترشيح عون، فلبنان لا يحتمل خطاب التحريض المذهبي ولا نهج الاستئثار والإقصاء».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى