الطحّان: الخطط المنسقة مع القوات العسكرية تمنع تسلل الإرهابيين إيبش: أمن تركيا مرتبط بالحل الشامل للقضية الكردية
حاورهما سعد الله الخليل
نظراً لما تشكله مدينة الحسكة من أهمية استراتيجية في منطقة الجزيرة السورية فقد سعى تنظيم «داعش» إلى التوغل فيها ورمى بثقله للتسلل إلى أحيائها مستخدماً تكتيكات الهجوم بالسيارات المفخخة تارة وبالقذائف والصواريخ تارة أخرى. في المقابل شكّل تعاون مكونات المدينة وتكاتفهم في الدفاع عن مدينتهم نموذجاً يحتذى به في التصدي للتنظيمات المسلحة ودحرها وإبعاد خطرها عن المدينة.
الواقع الميداني في الحسكة وظروف هزيمة تنظيم «داعش» يتناولها الحوار المشترك بين صحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز» مع قائد شرطة الحسكة اللواء حسيب نديم الطحّان وعضو العلاقات الخارجية في حزب الاتحاد الديمقراطي محمد إبيش.
مشاركة فاعلة
استعرض اللواء الطحّان الواقع الميداني وتطوراته في محافظة الحسكة مباركاً لقوات الجيش العربي السوري و قوى الأمن الداخلي بالانتصار الكبير الذي حققه في المدينة، بمشاركة وحدات الأمن الداخلي في كل الأماكن والمواقع التي استهدفها «داعش»، جنباً إلى جنب مع الجيش العربي السوري والقوى المؤازرة.
وقال الطحّان: «تمكنت القوات من السيطرة على المناطق الجنوبية وهي النشوة الشرقية والغربية ودوّار الكهرباء وحي الليلية وحي غويران شرقي وغربي إضافة إلى بعض المواقع الاقتصادية والمؤسسات والبنى التحتية وكليات تتبع للجامعة السورية. وتمت استعادة السيطرة على حي الباعر والمدينة الرياضية ودار الثقافة» واضاف :» استخدمت التنظيمات الإرهابية في هجومها السيارات المفخخة عبر أكثر من 40 سيارة بالإضافة إلى الأسلحة الثقليلة والمتوسطة والخفيفة».
ولفت اللواء الطحّان إلى الخطط المنسقة مع القوات العسكرية والكفيلة بمنع تسلل المسلحين مستقبلاً إلى أي موقع مع متابعة الشأن الميداني على مدار 24 ساعة.
وأشار قائد شرطة الحسكة وضع إجراءات وخطط بالتنسيق مع القوات الأمنية في سائر أحياء المدينة وفي شكل دائم وقائم من خلال غرف العمليات والقيادة، لمعالجة أي حالة في وقتها، لافتاً إلى أن الوحدات الشرطية بكل فروعها وأقسامها، منتشرة في كل مناطق المدينة لضبط أي حالة خلل بأمن المواطنين، مؤكداً أن عناصر الأمن الداخلي والقوى الداخلية عناصر متدربة على المواجهة والقتال في جميع الظروف، في حالة السلم والحرب، بالتنسيق مع الجيش والقوات المسلحة.
أحياء شعبية
وعن أسباب دخول تنظيم «داعش» إلى أحياء النشوة والغويران قال اللواء الطحان: «الأحياء الجنوبية ذات بيئة شعبية ونظام سكن عشوائي لذلك استهدفتها التنظيمات المسلحة مع التنويه إلى أنه كان هناك بعض الخلايا النائمة أثناء هجوم المجموعات المسلحة وقد تم القضاء عليها لاحقاً».
وأضاف: «ونظراً إلى استخدام السيارات المفخخة من قبل تنظيم داعش الإرهابي فقد أصيبت البنى التحتية والمنازل ودوائر الدولة التي تعرضت للهجوم بأضرار كبيرة، وبدورنا وبتنسيق الجهود مع المحافظ والجهات المعنية نعمل على إعادة تأهيل تلك المناطق والبنى التحتية وخصوصاً إعادة تأهيل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي وسيتم التعويض على المتضررين».
وأكد قائد شرطة الحسكة أنه بعد استعادة السيطرة على أي حي تمشّط وحدات الهندسة المنطقة بحثاً عن مخلفات العصابات الإرهابية كالعبوات الناسفة التي تم العثور على أعداد كبيرة منها وتفكيكها من قبل الجهات المختصة ليتم السماح للأهالي بالعودة الآمنة.
وأوضح أنه «بعد تنظيف الأحياء والمناطق تم السماح للأهالي بالعودة الآمنة من دون وجود أي معوقات».
مقاومة عنيفة
بدوره، تحدث إيبش عن التطورات الأخيرة والمشهد في الشمال السوري، فرأى أن مدينة الحسكة لفظت تنظيم «داعش» الأرهابي نتيجة المقاومة العنيدة من لجان حماية الشعب الكردي ووحدات حماية المرأة، وقال: «نظراً إلى لأهمية الاستراتيجية لموقع مدينة الحسكة في الشمال السوري ومنطقة الجزيرة عموماً، فقد شكّل وجود التنظيم الإرهابي في الحسكة تهديداً مباشراً للمناطق المجاورة وهو ما شكّل الدافع الأكبر للتصدي للتنظيم، مؤكداً «أننا معنيون أخلاقياً وسياسياً بأن نبعد خطر الإرهاب عن شعبنا ومكوّنات المنطقة عموماً».
وتابع «إنطلاقاً من سعي الإدارة الذاتية الديمقراطية إلى ترسيخ مبدأ أخوة الشعوب اشترك في الدفاع عن الحسكة كل أبناء المنطقة، فوحدات حماية الشعب تضم مكوّناً سريانياً وآشورياً وعربياً وهناك قوات الصناديد التابعة لوحدات حماية الشعب، فاجتماع هذه الوحدات شكّل عامل الحماية المستقبلي أمام أي هجوم لتنظيم داعش على المدينة في المستقبل».
تركيا و«داعش»
ويرى إيبش أن أنقرة «تكذب في ما تدعيه عن محاربتها «داعش» بل هي على العكس تقدم له كل الدعم عبر الهجمات الأخيرة على مواقع حزب العمال الكردستاني عقب فشل المفاوضات معه».
وأضاف: «فشلت سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتحقيق حلم إقامة الأمبراطورية العثمانية الحديثة، وشكّل فوز حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية في 7 حزيران الماضي صفعة لسياسة لأردوغان غير الراغب في حلّ القضية الكردية سلمياً».
وأكد إيبش أن أمن تركيا مرتبط بأمن مناطق غرب كردستان، وأضاف: «قوات وحدات الحماية تسيطر على أكثر من 600 كم على طول الحدود مع تركيا ، فنحن نقول أن حل القضية الكردية بإطار الدول المعنية يتم على مبدأ وحدة الشعوب والعيش المشترك، فالسيد عبد الله أوجلان طرح منذ العام 2000 حلاً للقضية الكردية لا يتعارض والطروحات السياسية للدول المجاورة، لكن تركيا ترغب بوجود أكراد تابعين لها وليسوا أحراراً كما علاقاتها بالحزب الديموقراطي الكردستاني، فالهدف التركي ضرب منجزات وحدات الحماية الكردية والنيل من إرادة الشعب الكردي» .
ورأى إيبش أن أردوغان إذا ذهب إلى الانتخابات المبكرة سيكسب خسارة أخرى، وانتقد إدعاءاته بإجبار حزب الشعوب الديمقراطي الناخب التركي بالتصويت له، وقال: « حزب الشعوب معارض وليس سلطوياً ليجبر الناخب وهو يملك إيديولوجية وسياسة تقوم على وحدة الشعب وهو ما منحه هذه النسبة في الانتخابات».
وعن تلويح أردوغان بإحالة نواب حزب الشعوب إلى القضاء لدعمهم منظمات إرهابية بحسب زعم حزب الحرية والعدالة قال إيبش: «من يجب أن يحال إلى المحاكمة هو حزب العدالة والتنمية لدعمه تنظيم «داعش» وحادثة طرسوس أكبر شاهد على تشاركية العدالة والتنمية مع داعش وهو ما يجعل هذا الحزب خارج الشرعية والانسانية».
تركيا وسورية
ويعتبر إيبش الدخول التركي إلى سورية بمثابة الدخول إلى مستنقع لا يمكنه الخروج منه، وقال: «الأميركان ينظرون إلى المنطقة من وجهة نظر مصالحهم وهم الآن ينظرون إلى المنطقة وقوات الحماية المنضوية تحت الإدارة الذاتية بنظرة تختلف عن أكراد لوزان ويمارسون السياسة والديمقراطية معنا، فنحن نمثل في الإدارة المركزية الديمقراطية نموذجاً يُحتذى به».
وتعليقاً على مواقف رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني الداعمة للعملية ضد حزب العمال الكردي قال إيبش:» تاريخ برزاني واضح في شرق كردستان وفي إقليم جنوب كردستان، فهو على شاكلة الأنظمة القومية الإستبدادية، فبرزاني لا يملك حق طلب خروج حزب العمال الكردستاني من جبال قنديل، فمن يجب أن يخرج من كردستان هو برزاني وليس حزب العمال».
وتابع « برزاني الذي رفض عقد المؤتمر الوطني الكردستاني لحسابات حزبية ضيقة وطالب بقية القوى السياسية بالتمثيل مناصفة في المؤتمر ينفذ سياسات ضيقة لا تخدم القضية الكردية».
الحل بيد السوريين
وأكد إيبش أن حلّ الأزمة السورية يكمن في يد السوريين أنفسهم وهو ما تطرحه الإدارة الذاتية الديمقراطية، معتبراً أن توافق القوى السورية يمثل الأهمية الأولى قبل توافق القوى الدولية على حلًّ للأزمة. و واشار إلى أن «حلّ القضية السورية مدخله حل القضية الكردية فنحن نطرح مشروع الإدارة الذاتية على مستوى سورية ولكن لدينا مشروعاً أخر كمشروع كونفدرالية الشرق الأوسط مبنية على حل قضية الشرق والعيش المشترك ونسعى إلى بناء علاقة تكرس العيش المشترك وحق الشعوب في الحياة».
ورأى إيبش «أن الأطراف الدولية إذا كانت جادة في حلّ مشكلة نزيف الدم السوري يجب عليها التعامل مع القوى الفاعلة على الأرض ومع النظام السوري والاتفاق على مشروع شامل»، وقال»: حملنا السلاح بعد قراءة المشهد الإقليمي والدولي ، فالقائد أوجلان يقول لو امتلكنا قوة العالم كلها لن نسمح لأنفسنا بأن نهاجم أحداً وإذا هوجمنا سندافع عن أنفسنا»، مؤكداً أن وحدات الحماية لا تسعى لتهجير أي من مكوّنات المنطقة، ودعا كل القوى والمنظمات الإنسانية التي تعمل في هذا المجال بالذهاب إلى مدينة تل أبيض والمعاينة الميدانية لواقع التركمان الذين تدعي تركيا تهجير وحدات الحماية لهم.
يُبثّ الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه عند الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» تردّد 12034 .