الصواريخ العابرة للقارات تكرّس خرائط دولية جديدة
ناديا شحادة
مؤشرات الاوضاع الميدانية على الارض السورية تشير الى ان روسيا قد اتخذت قراراً استراتيجياً لمواجهة الارهاب والحلف المعادي لسورية. فروسيا التي دعمت موقف سورية سياسياً ودبلوماسياً عبر استخدام الفيتو ضد قراري مجلس الامن للتدخل في سورية مما حال دون اتخاذ أي قرار دولي تحت الفصل السابع وقيّد تحركات أميركا وحلفائها في سورية، فاجأت أميركا والغرب بسرعة التدخل والوجود الروسي في سورية. هذا التدخل الذي أدى الى المزيد من الانتصارات على المنظمات الارهابية ووضع اميركا وحلفائها والجماعات الارهابية في موقف عسكري صعب ومربك، حيث تحولت المجموعات المسلحة المدعومة من قبل اميركا وتركيا والسعودية وقطر بفعل الضربات الجوية الروسية من موقع الهجوم إلى موقع المهزوم.
ويؤكد المحللون العسكريون من خلال متابعة الغارات الروسية التي بدأت في 30 ايلول أن روسيا قادرة على استهداف الإرهاب وتحقيق خسائر كبيرة في صفوفه من خلال ضرباتها العسكرية ذات الدقة العالية، حيث استهدفت الطائرات الروسية مراكز تدريب وقيادة لداعش والجماعات الإرهابية ومصانع ومستودعات أسلحة وذخائر لها، كما استهدفت البنية التحتية لتنظيم «داعش» في العديد من المحافظات السورية، فأتت بالنتائج المرجوة، من إلحاق الخسائر بهم وتقليص قدرتهم الحربية بشكل ملموس، ولكن الموقف الروسي الاستراتيجي الذي قامت به السفن الروسية مؤخراً بقصف مواقع «داعش» في
سورية من بحر قزوين الذي يعد إحدى البقاع الهامة على خريطة العالم الاقتصادية والسياسية على حد سواء. وهي المرحلة الاولى من سلسلة مراحل أخرى يعتزم الروس استخدامها كلما دعت الضرورات التكتيكية اليها، لضرب أهداف معقدة في منطقة الرقة وحلب وأدلب، حسب ما صرّحت مصادر روسية.
ويرى المراقبون أن روسيا باستخدامها صواريخ كاليبر التي تطير على ارتفاع منخفض وذات الكلفة العالية بالمقارنة مع ضربات طائرات السوخوي 24 و25 و34 التي كان بإمكان الجيش الروسي ضرب الأهداف نفسها من خلال تلك الطائرات، الا ان استخدامها لصواريخ العابرة للقارات كانت يدلّ على أن هناك قراراً روسياً بمواصلة استعراض الإرادة الروسية بحشد كل الامكانيات في تلك الحرب التي تعتبرها مصيرية وتوجيه رسائل تحذيرية لكل من تركيا والسعودية والولايات المتحدة، تلك الدول المتورطة بالحرب على سورية والتي تموّل داعش وتسلحه، فالصواريخ العابرة للقارات الفعالة جداً تمثل تحدياً كبيراً جداً لتلك الدول وبالذات للدفاعات الأميركية. وهذا ما أكده قائد الدفاعات الجوية الأميركية مضيفاً ان الصواريخ الجوالة تمكن الطائرات الروسية من توجيه الضربات لأهداف في أميركا الشمالية من دون أن تغادر المجال الجوي الروسي.
فمع استخدام الصواريخ بعيدة المدى التي مفادها أن روسيا ستواصل غاراتها من دون توقف مستخدمة كافة الأسلحة حتى تحقق أهدافها في تدمير البنى التحتية للمنظمات الإرهابية، تكرس بذلك موسكو خرائط إقليمية ودولية جديدة.