اليمن جارة فلسطين في معرض دمشق الدولي… محاصرة الحصار والعدو واحد

دمشق ـ إنعام خرّوبي

يقع جناح الجمهورية اليمنية في معرض دمشق الدولي على بعد خطوات من جناح دولة فلسطين، التي لم تغِب قضيتها يوماً عن الشارع اليمني وقد جمعتهما اليوم المأساة نفسها والعدو نفسه، بعد أن غرقت شعوب المنطقة في شؤونها الداخلية إلى حدّ أصبحت معه المسألة الفلسطينية خارج اهتماماتها.

حين تعبرُ باب اليمن الذي أرادت سفارة الجمهورية اليمنية في دمشق أن يكون مدخلاً إلى الجناح لكي تنقل من خلاله جمال فن العمارة التراثية اليمنية، تطالعك في الداخل لافتة كتب عليها: «تعتذر سفارة الجمهورية اليمنية لزوار معرض دمشق الدولي الكرام عن عدم عرض منتجات الجناح اليمني بسبب مصادرة البضائع التي كانت في طريقها إلى دمشق من قبل دول التحالف والعدوان على اليمن لإعاقة المشاركة في المعرض».

تختصر هذه اللافتة معاناة اليمنيين الذين يعيشون مأساة اقتصادية واجتماعية فرضتها ظروف الحصار الجائر على هذا البلد الذي كان يوماً ما «سعيداً»، بينما يعيش اليوم مأساة إنسانية، وقد تسبّب عدوان «الأشقاء» على مدى الأعوام الثلاثة الماضية بتدهورِ الأوضاع الإنسانية فيه، إذ باتت البلاد تعاني من غيابٍ حادّ في مياهِ الشرب والمواد الغذائية الرئيسية، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية وقطاع الخدمات الطبية بشكل كبير، ما أسفر عن انتشار الأوبئة والأمراض والمجاعة.

هذا الجناح الفارغ وهذه اللافتة يشكلان رسالة قوية أبلغ وأكثر تعبيراً من العرض، وفق سفير اليمن في سورية نايف القانص الذي زار أول أمس الجناح اليمني، مجدّداً تأكيد صمود اليمن في وجه الحصار السياسي والاقتصادي والعسكري الذي لم يحُل دون مشاركة اليمن ولو رمزياً ومعنوياً في المعرض في رسالة دعم لسورية المنتصرة في وجه الإرهاب وداعميه ومموّليه.

بالزيّ اليمني التقليدي حضر السفير اليمني يرافقه الملحق العسكري في السفارة شرف الماوردي، حيث كان في استقباله مسؤول الجناح عادل الحداد في حضور عدد من مسؤولي أجنحة الدول المشاركة وممثلي وسائل الإعلام السورية والعربية.

وقال القانص بعد زيارته الجناح: «إنّ مشاركة الجمهورية اليمنية في معرض دمشق برغم تواضعها لها دلالة كبيرة».

وأضاف: «بهذه الدلالة ومن خلال التراث المعماري الذي نقلناه إلى المعرض، عبر مجسّم باب اليمن الذي أردناه أن يكون مدخلاً لجناح الجمهورية اليمنية، نقول للعالم إنّ صنعاء موجودة في قلب دمشق ودمشق موجودة في قلب صنعاء».

وتابع السفير القانص: «نحن هنا اليوم لنشارك سورية انتصارها العسكري وانتصارها الاقتصادي أيضاً ممثلاً بالدورة الستين لمعرض دمشق الدولي وقبلها التاسعة والخمسين التي انطلقت العام الماضي في ظروف أعقد. اليوم اختلفت الظروف تماماً وسورية انتصرت عسكرياً وهي الآن تدشِّن المرحلة الفعلية للانتصار الاقتصادي على مستوى العالم بأسره من خلال هذه الفعالية التي شاركت فيها 48 دولة وأكثر من 2000 شركة، وهي تلفت أنظار العالم وتوجه رسالة إلى الذين راهنوا على سقوطها مفادها أنّ سورية أسقطت الإرهاب ومموليه وداعميه بصمودها وحكمة قائدها الرئيس الدكتور بشار الأسد وبسالة الجيش العربي السوري والتفاف الشعب السوري حول قيادته وجيشه الوطني».

وختم السفير اليمني نايف القانص تصريحه بتوجيه التحية «إلى أبناء شعبنا الصامدين في اليمن رغم ظروف الحصار الجائر، كما نبارك لإخواننا في سورية هذا الانتصار ونقول لدول العدوان المسيطرة على ميناء عدن والتي حالت دون وصول المنتجات اليمنية إلى المعرض: لقد منعتم دخول المنتجات لكنّ هذه الكلمات التي كتبت في داخل الجناح كانت أقوى من العرض، والجمهورية اليمنية اليوم تثبت للعالم أنّ عدوها عدو فاجر وقبيح لا يلتزم بأدنى أخلاقيات الحروب ولا يتطلع إلى السلام وقد شهدنا ما قامت به دول العدوان لكي تحول دون وصول وفد حكومة الإنقاذ الوطني إلى مفاوضات جنيف منذ أيام».

بدوره، تحدث مسؤول الجناح اليمني عادل الحداد لـ «البناء» عن أهمية مشاركة اليمن في المعرض وهي «مشاركة معنوية وسياسية أكثر مما هي اقتصادية، لا سيما أنّ اليمن تعاني اليوم من ضعف الإنتاج الاقتصادي الذي يحتاج إلى تسويق، لكنها بادرت إلى المشاركة وإن بشكل متواضع حرصاً على إثبات وجودها في المعرض ورسالة دعم لشقيقتها سورية».

وتطرق الحداد إلى مصادرة المنتجات اليمنية التي كانت يُفترض أن تُعرض في جناح الجمهورية اليمنية، موضحاً «أنّ كمية المنتجات التي تمّ تحضيرها للجناح اليمني كانت كافية وجاهزة للوصول إلى دمشق، لكنّ دول العدوان الخليجي المسيطرة على ميناء عدن صادرتها، بهدف حرمان الجمهورية اليمنية من المشاركة بالمعرض، وهذا ما جعل اليمن تشارك بمنتج واحد فقط وهو «شاي الكبوس»، الذي يُعتبر من المنتجات اليمنية ذات الجودة العالية».

ثم زار السفير القانص جناح سلطنة عُمان حيث استقبله القائم بأعمال السفارة العُمانية خالد السعدي ومسؤول جناح السلطنة اللذين قدّما له درع غرفة تجارة عُمان.

وكان السفير اليمني افتتح جناح بلاده ليل الخميس بعد حفل افتتاح معرض دمشق الدولي حيث استقبل سفراء عدد من الدول ليزور بعدها جناح دولة فلسطين حيث كان في استقباله السفير الفلسطيني أنور عبد الهادي. كما استقبل القانص، في مقرّ السفارة في المزة أمس، وفداً اقتصادياً يمنياً ضمّ رئيس الاتحاد الزراعي محمد بشير ورجل الأعمال شايف الجبري.

تصوير: يوسف مطر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى