أخيرة

هل يُعيد تيار المستقبل مناصريه إلى الشارع بعد رأس السنة…!؟

 ليليان العنان

ثمة معطيات صحافية ومعلومات سياسية يتمّ تداولها خلال الأيام الماضية في الأوساط السياسية والإعلامية تتمحور حول عودة مناصري تيار المستقبل إلى الشارع بعد مضي رأس السنة، بحيث صرّح الوزير السابق وئام وهاب عبر حسابه الرسمي على «تويتر» بأن «الحريري يحضّر لتوتير الشارع بعد رأس السنة»، كما أن أوساطاً صحافية متنوعة تحدثت عن الموضوع ذاته ما أدى لإثارة الشك في قلوب اللبنانيين خاصة أنهم سئموا من العمليات التي تعرض لها لبنان منذ بدء التحركات الشعبية وعلى مدار شهرين، إذ إن البعض ممن استغلوا الحراك سياسياً عمدوا إلى ممارسة تصرفات يمكن أن نطلق عليها صفة «البلطجة» القائمة على قطع الطرقات وإذلال الناس والتضييق عليهم من قبل بعض قطّاع الطرق المعروفة خلفياتهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية بحيث ركبوا موجة الحراك الشعبي وأخذوه باتجاه يلائم مصالحهم.

فهل فعلاً تيار المستقبل يحضّر نفسه للعودة إلى الشارع وفق ما يتم الحديث عنه؟ أو أن ذلك مجرد كلام يُراد به إبقاء الأجواء في حالة من التوتر العام على جميع الأصعدة خاصة تلك التي تعني المواطن اللبناني والهاجس الذي يشغل فكره حول إمكانية إفلاس المصارف وما يجري فيها من عدم قدرة المودعين الاستحصال على ودائعهم المالية ولا حتى رواتبهم الشهرية إلا بقيمة ضئيلة كل فترة، وبالأخص أولئك الذين تكون ودائعهم بالعملة الصعبة «الدولار»، إلى القضية الأخيرة التي تم الإفصاح عنها من قبل بعض الجهات الصحافية والتي استدعت اجتماعاً بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المالية علي حسن خليل ورئيس جمعية المصارف سليم صفير وبعض المعنيين بالأزمة المالية التي يعانيها لبنان وآخرها كان عن تهريب بعض رجال السياسة والأعمال المدعومين وفق غطاء سياسي أموال البنوك إلى الخارج وتحديداً سويسرا وبانتظار ما ستؤول عليه التحقيقات بهذا الخصوص، إلى أزمة الدولار في السوق السوداء بحيث وصل سعر صرف الدولار إلى قيمة 2050 والمنحى تصاعدي مع اشتداد الأزمة السياسية دون متابعة المعنيين الموضوع أو ملاحقة من يعمل على كسر سعر الصرف الرسمي للدولار والمحدد بـ 1515 واحتكار السوق؟

هذا عدا عن الأزمات المعيشية والاقتصادية وحتى السياسية والتي تفاقمت بعد الحراك الشعبي واستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري وانتظار شهرين حتى تكليف الدكتور حسان دياب تشكيل حكومة يكون شعارها «الإنقاذ» ومحاربة الفساد للعمل على عودة لبنان شيئاً فشيئاً للاتكاء على ذاته من جديد بدلاً من الغرق في مستنقع الإفلاس المالي_الاقتصادي، كل ذلك يساهم بشكل أو بآخر لإرباك المواطنين والدوران في دوامة الخوف من تفاقم الأزمة الاقتصادية من جهة وعدم القدرة على تشكيل حكومة يمكنها حل المشاكل العالقة والتي تهم المواطن من جهة ثانية وعودة مسألة قطع الطرقات من جهة ثالثة.

خاصة أن هناك فريقاً سياسياً في البلد لا تزال حتى الآن وكما أي اختبار يقع فيه لبنان تكون وجهته أو مرجعيته الأولى الخارج ولن ندخل طويلاً في العمق إلا أننا عندما نذكر كلمة «الخارج» فإننا نعني بذلك الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول الخليج العربي. فإلى متى سيبقى لبنان يدفع ثمن الورقة التي يُلعب بها نتيجة ارتهان بعض القوى السياسية اللبنانية للخارج والانصياع لأوامره حتى ولو على حساب تدمير لبنان أمنياً سياسياً اقتصادياً والآن مالياً..!!!!

وعلى الرغم من أن تيار المستقبل أصدر بياناً نفى من خلاله أي كلام يحكى عن عودته إلى الشارع واعتبر ذلك بمثابة تحريض وبث فتن، إلا أن ما شهده لبنان بعد تكليف الدكتور حسان دياب تشكيل حكومة جديدة وما حدث سابقاً من قطع طرقات واعتداء على الجيش اللبناني ببعض المناطق وأبرزها ما صار على كورنيش المزرعة، إضافة للتحركات التي حصلت تحت منزل الرئيس دياب في محلة تلة الخياط ولا تزال تحصل حتى الآن فمن يقوم بها هم أفراد منهم ما هو مؤيد للرئيس الحريري ومنهم ما هو منظم في تيار المستقبل ومنهم مَن هم حراك مدني.

هذه الخسارة السياسية التي لحقت بسعد الحريري وتيار المستقبل بشكل عام والتي تؤكد بأنه لم يعد هناك توافق دولي على اسم الحريري وحتى الطعن الذي تعرض له من حلفائه القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي خلال مشاورات التكليف التي دارت منذ أسبوعين دفعت بتيار المستقبل لاعتبار الشارع كإحدى ورقات الضغط السياسية التي يرى فيها وسيلة لتحقيق بعض المكاسب السياسية على المستويين الشعبي والسياسي، إلا أن لا قطع الطرقات حقق نتائج محددة ولا التصادم مع القوى الأمنية والجيش اللبناني واللعب على وتر الطائفية ونشر الفتن أنذر بما هو مطلوب ولا حتى حجة «الميثاقية» في التكليف أزمت الواقع أكثر، فلم يعد هناك سوى العودة للشارع والضغط من جديد بورقة الطائفية كأسلوب لتحقيق سياسي في الحكومة الجديدة أو لما لا يكون ذلك هدف لعودة تسمية الحريري تشكيل للحكومة في حال تعذر دياب عن تشكيلها، او حتى تسميته من جديد خاصة أن المعطيات تشير بأن حكومة دياب ستكون إنقاذية ولفترة محددة بستة أشهر.وبالعودة لموضوع «الميثاقية» وما أخذ من حيزّ هام خلال الفترة الماضية وأخذ ورد وتوافق وغير توافق، فإن القانون اللبناني والدستور الذي نعتمد عليه ذكر بأن الميثاقية وجدت للإشارة الى المناصفة ما بين المسلمين والمسيحيين وإن تكليف الدكتور دياب أتى بالتوافق على تسميته من كافة الطوائف الممثلة في البرلمان اللبناني، إلا أن كل حديث عن رفض ميثاقية دياب لا يصب في مصلحة لبنان أبداً، بل هو حالة للمزيد من التشرذم حيث إن الخلاف الواقع في البلد هو خلاف سياسي وليس مذهبياً وعلى الجميع الخروج عن هذا المنطق الذي يأجج الأمور أكثر، هذا عدا عن أن الأصول الدستورية تعتبر أن النائب في البرلمان هو ممثل عن الأمة وليس عن طائفة أو فئة معينة أي أنّ تكليف دياب لا يمس بالميثاقية بتاتاً ذلك أن المرشح ينتمي إلى الطائفة المكرّس لها هذا الموقع وفق العادة اللبنانية، ولم يصَر إلى اختياره من طائفة أخرى ذلك أن النواب المنتمين إلى حزبٍ معيّن امتنعوا بملء ارادتهم عن تسمية مرشحهم لرئاسة الحكومة، أما بقية النواب فقد سموا مرشحهم وفق الأصول القانونية التي لا يوجد فيها تحديد أن يختار نواب الطائفة مرشحهم فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى