أخيرة

إنهم يقتلون الشباب

يقتلوننا يومياً، كلّ يوم يقتل شاب أو فتاة، في محاولة طعن أو محاولة دهس، هذه هبّات، وهي تؤشر الى الشجاعة المطلقة التي يتسم بها شعبنا في ضفة الكرامة والعزة، وتؤشر أيضاً الى انّ السّيل قد بلغ الزبى، وأنّ القلوب بلغت الحناجر، ولكن النمط من المقاومة الذي سوف يجعل العدو في حيص بيص، ويجعله يضرب أخماساً بأسداس ويهدّ المعبد على رأسه ويكشف جبنه جليّاً للعيان، هو نمط المقاومة المسلّحة المصمّمة المخطّطة التي تقبع بعيداً عن كلّ شيء، تخطّط بذكاء، وتتحرك بخفّة وفي الظلام، تتريّث حتى تحين اللحظة المؤاتية، وتنقضّ كما ينقضّ الفهد على فريسته، خاطفة فعّالة لحظية حاسمة قاتلة، وتتزوّد من السلاح ما يكفي للقتل وليس فقط للإصابة.

إنّ العدو راضٍ بما يترتب على الهبّات كمحصلة حسابية، هو جبان رعديد، يتشبّث بالحياة ولا يضحّي في سبيل أيّ شيء، ديدنه الاستمتاع بالحياة حتى الرمق الأخير، وليس في حسبانه الفناء من أجل أيّ قضية أو أيّ إنسان أو أيّ وطن، بينما إنساننا يستحضر الشهادة في كلّ لحظة، الإيثار والتضحية ديدنه، لا يتردّد حينما ينادي المنادي أنّ الوطن في خطر، وأنّ المقدسات تستباح، وأنّ شعبه يستصرخه للعون، لسان حاله يقول:

وللحرية الحمراء بابٌ

بكلّ يدٍ مضرجةٍ يدقّ

يا شعب الضفة الشامخة، حتى لو افترضنا جدلاً أنكم ترتضون فلسفة محمود عباس في الصراع، وأنا أربأ بكم أن تقبلوا ذلك، فإنّ العدو بعد أن أمسك بالأرض بمساعدة سلطة أوسلو لن يترككم، لقد بدأ الآن في تطبيق سياسة التفريغ بعد أن ضمن الإمساك، يريد أن يقتلكم، يريد أن يهدم بيوتكم فوق رؤوسكم، يريد أن يهينكم، يريد أن يجعل حياتكم جحيماً لا يطاق، ببساطة، يريد ان يفرّغ الأرض، فماذا أنتم فاعلون؟ الحلّ أيها الأحبة هو حلّ لبنان، الحلّ هو حلّ غزة، القتل بالقتل، والدم بالدم، والسلاح بالسلاح، يجب أن تتساقط جثث جنود العدو ومستوطنيه في الشوارع والأزقة والحارات، في شوارع جنين، وأزقة نابلس، وحارات طولكرم، هذا العدو الجبان لن يوقف غيّه وجبروته ووحشيته إلّا غيّ مماثل وجبروت مماثل ووحشية مماثلة، أنشروا الرعب والهلع في صفوفه، دعوه يتحسّس رأسه فوق كتفيه كلّ ساعة، وكلّ دقيقة، دعوه ينزف وتلملم أشلاؤه من شوارعنا وحاراتنا ومن الطرقات، نهاية مشروعه في ضفتنا، ضفة العزة والكرامة، كما كانت ولا تزال غزة العزة والكرامة، ولبنان العزّ والشموخ، واعلموا انّ لكم اخوة يحيطون بهذا العدو إحاطة السوار بالمعصم، ينتظرون لحظة الاندفاع والهول، ليذيقوا هذا العدو الجبان مرّ المواجهة، يضعون أرواحهم على أكفّهم، ويتلبّسون الأكفان في الليل وفي النهار عشقاً للشهادة، العدو سعيد بأن يراكم تقتلون فلا يقتل، أقتلوه حيث ثقفتموه، تربصوا له كلّ متربص، أحكموا الخطة في المرابض، وتزوّدوا بقاتل السلاح، واضربوه من حيث يدري ولا يدري، أذيقوه الخاطفة، ولا تتركوه إلا جثة هامدة، الأقصى لنا، الكنيسة لنا، الضفة لنا، وغداً، وإن غداً لناظره قريب، حيفا لنا، يافا لنا، عكّا لنا، وعلى الباغي تدور الدوائر، وسندفن أحلام بني صهيون مرة واحدة وإلى الأبد…

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى