أولى

لا شيء مستحيلٌ تحت الشمس 
لإعادة الأموال المنهوبة

 د. جمال شهاب المحسن *

وأخيراً فُتِحَ الملف الشخصي المالي في سويسرا لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة،حيث أعلن القضاء السويسريّ أنه يمتلك وثائق و»داتا» تُثبتُ تورّط رياض سلامة بتهريب مبلغ 400 مليون دولار أميركي إلى حسابات في سويسرا، علماً أنّ المشكلة الماثلة أمام اللبنانيين حالياً هي تهريب الأموال وخاصةً أموال المودعين اللبنانيين والتلاعب بأسعار الدولار الأميركي من قبل مافيات كبرى والتسبّب بتعميق الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية وحتى الصحية للشعب اللبناني، مما يدفع إلى المطالبة بأن يحقق القضاء اللبناني بهذه الـداتا السويسرية ووضع سلامة ومَن يثبت تورّطه معه رهن التحقيق لا أن يُخيّرَ بين القضاءيْن السويسري واللبناني، وأن تتحرّك حالة سلامة على طريقة الأواني المستطرقة المترابطة في منظومة الفساد والإفساد للطغمتين المالية والسياسية وملحقاتهما، لا سيّما ملحَق بعض الإعلام المندمج من الرأس حتى أخمص القدميْن في جوّ هذه المنظومة، فأصبحت رائحتُه منتشرةً بين الأرض والفضاء

ومما يُشار إليه أنّ المشاركين في العديد من الاعتصامات والاحتجاجات الشعبية السابقة ضدّ رياض سلامة «رمز» الطغمة المالية وكبار المصرفيين والمرابين وحيتان المال بما يمثلّه في الداخل والخارج، لاحَظوا بأمّ العين وعن كَثَب أنّ العديد من المحطات التلفزيونية لم تغطِّ صرختهم الهادرة والمرتفعة بالشكل المطلوب أمام المصرف المركزي وعلى امتداد الشوارع القريبة منه لا سيّما على امتداد الشارع الأهمّ في بيروت ألا وهو شارع الحمرا مما دفع بأحد الناشطين ليقول حينها: «عندما كنا نهتف ضدّ الحكومة كانت المحطات الإعلاميّة موجودة، ولكن عندما بدأنا بالهتاف ضدّ رياض سلامة وكبار المصرفيين لم ينقل أغلبها صرختنا بالشكل المطلوب، حتى أنّ بعضها قطع التغطية وانسحب!».

إنّ غالبية المحطات الإعلامية مملوكةٌ من قبل الطبقة الرأسمالية الفاحشة الثّراء التي ترتبط أمعاؤها مباشرةً بأمعاء المصارف، بل هم أمعاء واحدةوهنا تكمن حقائق وتفاصيل كثيرة ترقى إلى مستوى الفضائح التي تُزكم الأنوف

وبالعامية المحكيّة اللبنانية المفهومة جداً نردّد مع العبقري زياد الرحباني:

«كل المصاري اللّي مضبوبة

اللّي ما بتنعدّ وما بتنقاس

أصلها من جياب الناس مسحوبة

ولازم ترجع عَ جياب الناس»…

وطبعاً لا شيء مستحيلٌ تحتَ الشمس لإعادة الأموال المنهوبة والمسحوبة من جيوب اللبنانيين الذين باتوا يؤيّدون بأكثريتهم الساحقة سحبَ الحمايات الطائفية والمذهبية وكلّ أنواع الحمايات الداخلية والخارجية عن الفاسدين المفسدين

*إعلامي وباحث في علم الاجتماع السياسي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى