مقالات وآراء

معادلة الفوضى مقابل ضرب «إسرائيل»

‭}‬ رنا العفيف
حديث الأمين العام لحزب الله في ذكرى القادة الشهداء، يشكل منعطفا تاريخيا حاسما وصارما، من خلال ارتفاع منسوب اللهجة دون أن يعلق على الأساليب الناجعة التي تتحضّر لها المقاومة. ابتداء من مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الشأن اللبناني وغيره من القضايا التي برزت في كلمته عن اندلاع الفوضى، إذ ترافق حديثه عن أساس وأسباب هذه اللهجة بعناوين جيوسياسية ضمن معادلة هادفة ألا وهي معادلة الفوضى مقابل ضرب «إسرائيل»، هل حديث السيد هو مؤشر إلى المشروع التدميري في لبنان وهل وصل هذا المشروع إلى الذروة؟
بكلّ تأكيد كان الخطاب بشكل عام عبارة عن رسالة حاسمة وإنذار لا يتخطى حدوده الصبر أبعاده، فعندما حذر السيد حسن نصرالله الولايات المتحدة الأميركية قائلاً إذا دفعتم لبنان إلى الفوضى، فعليكم أن تنتظروا الفوضى في كلّ المنطقة وخاصة في «إسرائيل»، وقال في كلمته في ذكرى القادة الشهداء كما كنا جاهزين للحرب دفاعاً عن نفطنا، فنحن جاهزون لمدّ أيدي سلاحنا إلى ربيبتكم «إسرائيل».
وقد تصدّرت هذه المواقف الصحف ووسائل الإعلام في أكثر دول العالم، لأنّ الخطاب لامس التكتيك الأمني «الإسرائيلي» بالعمق، خاصة أنّ كلمة السيد كانت مؤشراً إلى أنّ المشروع التدميري في لبنان وصل إلى نهايته، بمعنى أن الفوضى الشاملة أصبحنا على مقربة منها، وبالتالي هذه الفوضى ليست منعزلة عن الأهداف الاستراتيجية لها في المنطقة، وتحديداً في ظلّ تفلت الشارع وسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، فكانت حتمية الموقف الاستراتيجي للسيد بناء على مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي يحاول نقل لبنان من حالة سياسية إلى حالة الهوية السياسية المحدودة، لطالما كانت هناك أرضية مهيأة لتقسيم لبنان بالهوية والسياسة والانتماء، وبالتالي كانت كلمة السيد بمثابة منعطف تاريخي بقرار حاسم يحذر من فوضى، وبمعنى أدق إذا حاولت الولايات المتحدة الأميركية، لمجرد محاولة تحقيق أيّ هدف جيوسياسي من هذه الفوضى، فإنّ المنطقة برمتها ستكون في حالة فوضى، معلقاً بذلك أساليب الحلول الناجعة حتى إشعار آخر وهو وشيك وحتمي.
أيضاً كان للخطاب بعض الرموز المتعلقة بتقارير تحدثت عن اندلاع فوضى، ومنها حديث أميركي أدلت به مساعدة وزير الخارجية باربرا ليف عندما قالت ربما أفضل أن نرى لبنان متشظياً ومنقسماً ومنهاراً حتى نعيد بناء الدولة كما ينبغي للأميركي مع وضع أسس وأهداف جديدة، وهنا بالعودة إلى حديث السيد كان اللافت لكلمته أنّ المنطقة بأسرها متجهة إلى الفوضى وبينما واشنطن تعدّ لأهدافها كانت المقاومة تتحضر لها، وبالمعنى المقصود إذا تم استهداف استقرارنا الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، سنستهدف استقراركم الأمني الذي يقض مضاجعه بالويلات ليل نهار في فلسطين المحتلة، وكأن دلالة الموقف الاستراتيجي للسيد يهدف إلى الوضع الداخلي في «إسرائيل» مع وصف حالة المؤسسات الأمنية، المترافقة بتقارير إسرائيلية من قادة وسياسيين يتحدثون عن حالة التشظي داخل الكيان وتحديداً تجاه حكومة نتنياهو، مبيّنا ًحالة الضعف والخذلان، لا سيما هذه النقطة كانت مهمة لتعلم الولايات المتحدة أن نقاط الضعف على إطلاع وترصد ومتابعة إذ حددها السيد بدقة وعلى أميركا أن تدرك أنها لا تستطيع التدخل في ذلك إلا ضمن ترتيبات معينة، لطالما هناك واقع يتحدث عنه كبار القادة في «إسرائيل» بقولهم «إنّ عدونا (ويقصدون بذلك محور المقاومة وجزءاً كبيراً من العالمين العربي والاسلامي) يتربص بنا وينتظرون لحظة الضعف الداخلي الذي هو اليوم على شفا حفرة كبيرة من الانهيار وانطلاقاً من هذا كانت الرسالة قد وصلت مفادها التالي…
على «إسرائيل» أن تعرف حجمها، مع الإشارة إلى الوضع الداخلي الذي تعيشه، ربما يأتيها من الخارج ما يساعد على تسريع هذا الانهيار الداخلي، خاصة أنها ليست في افضل حال، لا سيما كان هناك حالة ربط بين الإسرائيلي والأميركي لأن المصلحة واحدة، كل منهما يسعى لإعادة ترتيب الأرواق وخلطها في الداخل اللبناني، وبالعموم في الإقليم، مع الأخذ في الاعتبار تشابك المصالح التي تربطهما في ظلّ توغل اليمين الإسرائيلي والأصوات التي تعلو في الداخل، مع أخذ التدابير في القضايا التي يعمل كلّ منها على تبريد الساحة الداخلية على حساب سخونة الساحة الخارجية، مثال على ذلك عندما قامت «إسرائيل» بقصف مصنع في أصفهان، كان نتنياهو يحاول تصدير الأزمة الداخلية إلى الخارج لجرّ إيران إلى ردّ فعل يضعها في موقع اتهام، ولكن كانت طهران تعي تماماً ما المقصود بالهدف، مثلها كباقي الأزمات المفتعلة ومنها لبنان وغيرها التي يسعى إليها نتنياهو لإسكات الأصوات المنبثقة من الداخل، وبالتالي سيكون هناك حسابات ما لم تكن سلسلة أو حزمة ضمن سياق الفشل الإسرائيلي وتحديداً مع المقاومة الفلسطينية المتصاعدة في الضفة، فما بالكم عن المواجهة مع حزب الله والتحدي المقبل الذي سيضع المنطقة على صفيح ساخن…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى