أولى

الشيخ خضر عدنان شهيد المصداقية والثبات

يعتقد البعض أن المضي في الإضراب عن الطعام حتى الاستشهاد يشكل طريق استنزاف لقوى المقاومة والحركة الأسيرة، ويطرحون أسئلة حول مدى صحة هذا الخيار مع المعرفة المسبقة بدرجة التوحش اللاإنساني والعدواني لكيان الاحتلال المخالف لأبسط قواعد الإنسانية، خصوصاً مع مسؤولية وزير الأمن الداخلي الجديد ايتمار بن غفير المسؤول عن أوضاع السجون وتهديداته بالإعدام وبالمزيد من القتل.
يفوت هؤلاء أن سبب هذا الإصرار والعناد في المضي بالصيام حتى الاستشهاد، هو أحد أشكال حرب الإرادات التي يخوضها الفلسطينيون ومقاومتهم في مواجهة توحّش الكيان، خصوصاً مع وصول أمثال بن غفير الى مركز القرار الحكومي وتحديداً في وزارة الأمن الداخلي المسؤولة عن أوضاع السجون، ويفوت المتسائلين أن الحركة الأسيرة هي إحدى أكبر جبهات حرب الوعي التي يخوضها المقاومون الفلسطينيون والتي كانت إحدى تعبيراتها حركات الإضراب عن الطعام حتى الاستشهاد، وحركات الفرار من المعتقلات، لتهشيم صورة الكيان ومزاعم القدرة من جهة، والفوز بمعركة كسر الإرادة من جهة موازية.
في ظل التحولات الجارية على جبهة صراع قوى المقاومة مع كيان الاحتلال، والتي تتمثل بصعود المقاومة بأبهى حضورها سواء على مستوى قوة الردع التي تمثّلها غزة، أو العمليات الفدائية المتصاعدة التي تمثلها الضفة الغربية، وبالمقابل صعود اليمين الديني والقومي في الكيان بخطاب مليشياوي عرقي عنصري تطهيري، يبشر بالمجازر والمزيد من الدماء؛ من جهة مقابلة، تمثل حرب الإرادات العنوان الأبرز. وهذا ما قالته معركة الأقصى والصراع حول حرمة مقدساته، وقد فازت بها المقاومة خلال شهر رمضان رغم كل توحّش الاحتلال، عبر إلزامه بمنع مستوطنيه من دخول حرم الأقصى في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان، باستحضار قوة الدرع التي تحرّكت جبهاتها من مختلف ساحات فعل المقاومة، بصورة أجبرت قيادة الكيان على التسليم بأن كلفة تفادي التصعيد هي وقف الاعتداءات على الأقصى.
المعركة اليوم تتمثل برسم معادلة ردع حول حقوق الأسرى الذين يريد الكيان تحويلهم الى رهائن، وتريد المقاومة تقديمهم طلائع حركة الحرية. وفي قلب هذه اللحظة التي يريد خلالها بن غفير تعويض خسائره الناجمة عن معركة الأقصى، تتقدم المقاومة إلى حيث لا حدود ولا ضوابط لمعركة حرية الأسرى، والمعركة في بداياتها، وأول اختبار في هذه المواجهة الشرسة والمديدة، هو اختبار سلاح الردع المتمثل بالإضراب عن الطعام، مقابل سلاح الردع المعاكس المتمثل بالإعدام، والحرب سجال.
في هذه المواجهة تقف قوى المقاومة بمعادلة ردعها وراء الأسرى وخيارهم الاستشهادي، ويقف الكيان ومستوطنوه وراء بن غفير والتهديد بالذهاب إلى خيار عقوبة الإعدام. وفي هذه المواجهة كان خيار الشهيد خضر عدنان بطولياً وهو ذاهب الى الشهادة بكامل وعيه، ليس كما يظن الغافلون عن الحقائق أنه تورّط بالإضراب عن الطعام ولم ينتبه أن الكيان سيمضي بالتحدي حتى لو انتهى الأمر باستشهاد أكثر من أسير، لكن الحقيقة هي عكس ذلك تمام. فالكيان هو الذي تورط في مواجهة تشبه مواجهة الأقصى، سوف تترتب عليها مواجهة بين جيش الاحتلال وقوى المقاومة في غزة، تستحضر فيها قوة ردع الصواريخ. وفي النهاية سوف تنتصر دماء المقاومين الشهداء وفي مقدمتهم الشهيد القائد خضر عدنان، طالما أن هذه الدماء منحت كلمة السر لاستحضار قوة الصواريخ، واستنهضت العمليات الفدائية في الضفة الغربية والقدس.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى