أخيرة

دبوس

ميادين المقاومة

كنت من أوائل أولئك الذين امتطوا صهوة فرس «الميادين» فور انطلاقتها، توقفت فوراً عن مشاهدة «الجزيرة»، التي أدركت من فوري أنها قناة تمّ اصطناعها للتصدي لاحقاً للدولة السورية، الحاضنة لكلّ مشاريع المقاومة، وكان لا بدّ ان يستبق ذلك الحصول على المصداقية، فكان ان حملت «الجزيرة» لواء القضية الفلسطينية، حتى تحظى بقلوب ومهج المشاهدين، ثم، وحينما يحين الحين، وحين الشروع في مخطط إسقاط الدولة السورية، العقبة الكأداء في وجه الهجمة الصهيوانجلوساكسونية، والحاضنة لكلّ المقاومات، تكون تلك القناة، قناة قطر، قد استحوذت على قلوب الناس، فتنطلق تبث السم في الدسم، وتلبس الباطل الحق، وتطعن بخنجرها المسموم ظهر الدولة السورية، تمهيداً لضرب حزب الله في لبنان بعد محاصرته.
قدّم غسان بن جدو استقالته ومجموعة أخرى من الإعلاميين، لأنهم أدركوا فوراً الدور الخبيث الذي بدأت تكشف عنه الجزيرة، معتمدة على تلك المصداقية التي راكمتها بتبنّي القضية الفلسطينية، وفي واقع الحال، فلقد كان لديّ مجموعة كبيرة من علامات الاستفهام حول «الجزيرة»، جعلتني دائماً أشكك بها وبمنطلقاتها، أول هذه الشكوك، هو انّ مموّلة هذه القناة وراعيتها ومالكتها هي الدولة القطرية، المستتبعة كلياً لأميركا، والتي تستضيف على أرضها اثنتين من أكبر القواعد الأميركية في العالم، وثاني هذه الشكوك انّ هذه القناة دأبت على استضافة شخصيات «إسرائيلية» صهيونية من منطلق إعطاء الحق للجميع لإبداء الرأي، وفي واقع الأمر، فإنّ هذا التوجه هو نتاج دراسات نفسية أوصى بها علماء نفس وذلك كي يتأتّى دخول الشخصية الصهيونية الى كلّ بيت عربي والتعوّد عليها فتصبح شخصية مقبولة متعوّد عليها، ولكنها ذات سردية مغايرة، وقد تصبح حتى هذه السردية مقبولة من بعض الذين لا يمتلكون جداراً واقياً معرفياً، وتتسم مناعتهم الفكرية والثقافية بالضحالة… وفي نهاية المطاف فإنّ ابليس نفسه لديه سردية قد تبدو في بعض الأحيان علمية…
لقد انطلقت «الميادين» في الأحد عشر عاماً الفائتة انطلاقة عظيمة، وتبنّت بقوة وبلا هوادة موقف المقاومة، وليس هذا فحسب، بل انها كانت وبصورة مبدئية المدافع الشرس عن قضايا المستضعفين على وجه هذه البسيطة، ولن يصبّ قرار كيان الإحلال بحظر «الميادين» في الأراضي المحتلة إلّا في رصيد «الميادين» المقاوم.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى