غياب البرازيليين عن الميركاتو يُحدث أزمة في بلاد السامبا
عندما غادرت البرازيل نصف نهائي المونديال بفضيحة كروية على يد المانشافت، توجهت أصابع الاتهام إلى المدرب لويز فيليبي سكولاري ونسي الجميع أن بلاد السامبا التي عودتنا على ولادة النجوم لم تعد تنتج الظواهر الكروية والمواهب الفذّة كما كانت في العقود التي خلت.
في السنوات الخمسين الماضية كانت سوق انتقالات اللاعبين تتصدرها الأسماء والألقاب البرازيلية كماً وكيفاً. من ناحية الكم فعدد اللاعبين البرازيليين الذين ينتقلون بين الأندية العالمية كان الأعلى من بين كل أمم كرة القدم متفوقاً على الأرجنتين ودول أميركا اللاتينية.
ومنذ عام 2011 تراجعت صادرات البرازيل من اللاعبين، إذ باتت الأرجنتين في الصدارة وكسرت هيمنة المواهب البرازيلية. وهو ما بدا ظاهراً على سوق الانتقالات الصيفية الحالية فالبطولات الأوروبية المعروفة لم تكن مهتمة كثيراً بالمواهب البرازيلية، فلم نسمع عن فرق كبرشلونة أو ريال مدريد أو كبار إنكلترا أو إيطاليا أو عمالقة فرنسا أبدت اهتمامها بأحد الأسماء البرازيلية الصاعدة. وكانت صفقة انتقال دافيد لويز إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، الصفقة الوحيدة الملفتة من بين كل الأسماء البرازيلية التي تمارس كرة القدم.
في السابق كانت وسائل الإعلام تنتظر انطلاق فترة الانتقالات لتبدأ في الحديث عن الأرقام الخيالية والتنافس الشديد الذي تشعله الأقدام البرازيلية بين كبار أوروبا.
فمن لا يتذكر لهفة عمالقة الكرة في القارة العجوز على الظاهرة رونالدو حتى وصل الأسطورة الحية للعب مع كبيري إسبانيا ريال مدريد وبرشلونة وعملاقي إيطاليا ميلان وإنتر، ثم جاء رونالدينيو فكاكا وكافو وروبينيو وروبرتو كارلوس وغيرهم من اللاعبين الذين ألهموا بسحرهم ملايين المتابعين لكرة القدم عبر العالم.
أظهرت دراسة أجريت عام 2012 أن عائدات تصدير اللاعبين الأرجنتينيين كانت الأعلى من بين دول أميركا اللاتينية متفوقة على البرازيل، إذ حصدت بلاد التانغو 275 مليون دولار مقابل 182 مليون دولار للبرازيل من جملة قرابة 5 آلاف لاعب لاتيني جرى بيعهم إلى مختلف الوجهات العالمية.
وأرجع أهل الاختصاص أسباب التراجع البرازيلي في تصدير المواهب إلى الاستراتيجية التي باتت تتبعها الأندية البرازيلية، إذ عمد البرازيليون إلى الاهتمام بالمواهب الكبيرة ومحاولة تسويقها من أجل الحصول على مبالغ ضخمة كما حصل مع نيمار دا سيلفا الذي جاء إلى برشلونة بمبلغ قياسي بالنسبة إلى فريق برازيلي مثل سانتوس 57 مليون يورو بحسب النادي الكتالوني .
هذه الاستراتيجية تركت اللاعبين الأقل موهبة في الظل فقلّت الأسماء البرازيلية في سماء أوروبا، ومع تراجع منسوب المواهب إلى القارة العجوز تراجعت هيمنة المنتخب البرازيلي على كرة القدم العالمية وكانت مونديال 2014 خير دليل على النفق المظلم الذي دخلته كرة القدم البرازيلية بفعل الاستراتيجية الخاطئة التي اعتمدتها النوادي.
في الظاهر تبدو المناجم البرازيلية قد نضبت من المواهب لكن الذي يعرف كرة القدم هناك لا يتبنى هذه الفكرة، فبلد مثل البرازيل يتنفس سكانه كرة القدم ويعيش صغاره على وقع المباريات اليومية التي تنظم في أزقة ريو وساو باولو لا يمكن أن تنضب مناجمه الفقيرة اجتماعياً من الأيقونات التي ستعيد البرازيل إلى الواجهة مجدداً بشيء من العمل والتخطيط الجيد لاحتواء كل الطاقات الموجودة في بلاد السامبا.