عقوبات وتوطين وحرب…. لكن سنتمسّك بالمقاومة أكثر!
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
مرة جديدة تُخترق السيادة اللبنانية من أوسع الأبواب، دون أن يتحرك السياديون لا بالنزول إلى الشارع ولا بالمواقف السياسية المندّدة. كلهم صامتون لأنّ مَن يخرق السيادة هو الشرعية الدولية وهو القانون الدولي وهو القوة الدولية التي بنظرهم لا تُنازَع!
مرة جديدة تقف الدولة عاجزة عن حماية مواطنيها، لأنّ قانوناً أميركياً سافراً يريد أن ينتقم من كلّ لبناني يدعم المقاومة ولو بلسانه بإغلاق حساباته أو تجميد أمواله.
البعض من مسؤولي المصارف يقول لا نستطيع أن لا نطبّق القانون الأميركي. لماذا لا تستطيعون؟ لماذا هذا الذعر والانسحاق والخوف الدائم؟ هل أنتم موظفون أميركيون في لبنان؟ أم أنتم لبنانيون تحكمكم القوانين اللبنانية؟
سيقولون إنّ مصارفنا يمكن أن تتعرّض لتهديد فيما لو لم نلتزم. ولكنكم بذلك تعرّضون الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وتضغطون على أرزاق الناس!
في كلّ الأحوال هذه حالة من حالات كثيرة تجعلنا نتمسك بالمقاومة أكثر، لأننا لو تركنا حياتنا ووجودنا لهذه الطبقة السياسية، ولهذه الطبقة المالية التي لا تفكر إلا بمصالحها وترضخ لكلّ أمر أميركي لكنّا اليوم تحت نعال «الإسرائيلي»، ولكان البلد كله مزرعة للأميركيين. العقوبات المالية تؤكد لنا أنّ أعداءنا سيستخدمون كلّ وسيلة لإخضاعنا وهذه المرة عبر قوت المؤيدين للمقاومة. ولكن ليعرف أصحاب المصارف أنّه حين تُعرّضون مصالح اللبنانيين للخطر مراعاة لمستكبرين قسّموا الأمة وزرعوا فيها الكيان «الإسرائيلي» ويعملون اليوم لنشر الفتن في كلّ مكان، إنّما تهدّدون مصالحكم أيضاً، لأنّه لا استقرار مالي ولا ازدهار مصرفي من دون استقرار سياسي واجتماعي ومن دون مراعاة مصالح هذه الشريحة الحاضنة للمقاومة التي ضحّت من أجل بقاء لبنان وبقائكم أنتم أيضاً، فليعلم هؤلاء أنّ تهديد بيئة المقاومة تساوي تهديد القطاع المصرفي برمّته!
أمّا موضوع توطين السوريين في لبنان الذي تحدّث عنه الأمين العام للأمم المتحدة صراحة، فهل تعتقد الطبقة السياسية أنّه سيُبقي للبنان هويته المعروفة؟ وهل سيُبقي لبنان بمعزل عن التوترات والعنف نتيجة التغيير الديمغرافي المتوقع؟
إنّ هناك مخططاً كنا قد تحدّثنا عنه مراراً وهو تمزيق الكيانات وإعادة نشر الشعوب وتوزيعها بطريقة تخدم
الكيان «الإسرائيلي».
لذلك نحن نسأل المنظمات الدولية الإنسانية، وعلى رأسها الأمم المتحدة. إذا كنتم حريصين على الإنسان السوري المعذب، فلماذا تقدّمون له المساعدة المالية في لبنان، ولا تقدّمونها له داخل سورية، مع أنّ هناك مناطق في سورية أكثر أمناً من لبنان؟
لقد خضع المسؤولون اللبنانيون مع بداية الأزمة السورية للرغبات والإملاءات الأميركية والغربية ففتحوا الحدود بلا ضوابط وها هم اليوم يتجرّعون كأس الخيانة الدولية الأميركية بتصريح بان كي مون بتجنيس السوريين وتوطينهم.
لقد أبدت الحكومة السورية استعدادها لإعادة اللاجئين، ووزارة المصالحة الوطنية أبدت استعدادها لتسوية أوضاعهم وملفاتهم السياسية ليعودوا تحت كنف الدولة السورية، لكن العقل الأميركي المجنون هو الذي يريد أن يبقي هذه الورقة للضغط على المقاومة في ظلّ أوضاع جديدة أو عند حرب «إسرائيلية» مقبلة أو بأيّ طريقة تخدم مشروع تفتيت سورية ورسم الخرائط الجغرافية الجديدة.
أمام ما يُحضّر للبنان في كواليس عواصم القرار الدولي، فسنترحّم على بعض أزماتنا، ومنها أزمة انتخاب رئيس جديد للجمهورية العتيدة!