عون إلى السعودية وقطر والملفات: السياحة والإبعاد والسلاح والعسكريون سجال ريفي المشنوق بين «العميل» و«التافه»… ونجاح يوم مقاطعة الخلوي
كتب المحرّر السياسي
يرسم محور المقاومة خطواته بهدوء مع نتائج الانتصار التاريخي في حلب وتردداته في عواصم المنطقة والعالم، وبعيداً عن الانفعال بالنصر وإقفال الأبواب أمام تموضعات المهزومين، أو الانفعال بالتموضع وإزالة التحفظات، أو التهيب من التموضع والخشية على التحالفات. يتمّ النظر للموقف التركي ومثله الفرنسي ومثلهما الأميركي، كتردّدات نصر صنعه حلف متماسك قوته بتماسكه لتحقيق المزيد في السياسة وفي الميدان.
دمشق محور اللقاءات لصناع القرار في السياسة والميدان ومكانة الرئيس السوري كمرجعية لكليهما هي العنوان، بين الاتصالات الروسية السورية والاجتماعات السورية الإيرانية، وحزب الله في الصورة على الضفتين، الهدف هو تحويل الانفتاح الذي يدق أبواب دمشق إلى تكريس لموقعها المرجعي في الحرب على الإرهاب. وهذا ما يجب أن تفهمه تركيا التي بدأت تتواضع عراقياً ولا تزال تكابر سورياً، لكن هذا ما بدأت تعبد طريقه باريس وواشنطن بمواقف وإشارات وزيارات، وصولاً لاستضافة دمشق الحوار السوري السوري الذي قد تكون جولاته الراهنة مقبولة في أستانة أو جنيف، لكن ربيعه سيكون دمشقياً، وقد بدأت رحلات العائدين من قادة المعارضة تنقل الوزن المؤثر منها إلى دمشق قياساً بأحجام تذبل للباقين خارجها، و«الخير لقدام»، كما تقول مصادر متابعة لملف الاتصال بقادة المعارضة والتهيئة لمؤتمرات تضم قادتها في دمشق وأخرى لحوارات تجمعها مع الحكومة، وثالثة تضم القيادات الكردية والحكومة.
ميدانياً يستعدّ الحلفاء الروسي والإيراني والسوري ومعهم المقاومة، لجولة مختلفة من القتال المستهدِف، حيث أهداف محددة ومنتقاة، سواء لنيران الطائرات الروسية تتصل بالحرب على الإرهاب، أو لعمليات تقوم بها الدبابات الحديثة التي ورّدتها روسيا في الأيام الماضية لعمليات خاصة في مناطق إدلب والرقة وتدمر، بينما يتولى الجيش السوري والمقاومة التعامل المتواصل مع جيوب الجماعات المسلحة، في وادي بردى وغيره من مناطق تتذرّع بالهدنة لتحفظ وجودها وتتمسك بجبهة النصرة ووجودها وتحميه وتخرب الأمن والاستقرار في محيطها بجرائم من نوع قطع المياه والطرق وضرب خطوط النفط والتغذية الكهربائية في مناطق أخرى مثل دوما وريف حمص.
مع المتغيّرات السورية الكبرى، وما تعنيه من مشهد إقليمي جديد يتوجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى السعودية في أول زيارة للخارج، تلبية لدعوة رسمية تضمّنت تمنياً بتخصيص الزيارة الأولى لها، ووعود بتخصيص الضيف الرئيس بما يليق بهذه اللفتة بمقابل سيطال عودة السياح السعوديين إلى لبنان هذا الصيف، وحلحلة قضية اللبنانيين المبعدين وفقاً لآلية إعادة نظر بالملفات الشخصية للمبعدين، وبالمقابل فتح ملف هبة السلاح السعودية المجمدة، بينما تقول مصادر من الوفد المرافق للرئيس إنّ زيارة قطر ستشهد دعوة للقيادة القطرية للمساهمة الفعّالة في حلّ قضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش.
سياسياً، مع الاستعداد لفتح الدور الاستثنائي لمجلس النواب وما يوحيه من جدية في مقاربة إنجاز قانون انتخابي جديد وإقرار للموازنة العامة، سجلت جماعات الحراك المدني إنجازاً في رصيدها، بنجاحها في تنظيم يوم المقاطعة الشعبية لاستخدام الهاتف الخلوي احتجاجاً على تدني مستوى الخدمات وارتفاع الأسعار، بينما طغى السجال الحادّ بين وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العدل السابق أشرف ريفي على الجو المتوتر بين قياديّي تيار المستقبل وريفي، الذي وصف المشنوق بـ»الخائن» و«العميل»، بينما ردّ عليه المشنوق بوصفه بـ»التافه».
عون يفتتح عهده بزيارة السعودية
فرضت عطلة نهاية الأسبوع حالة من الاسترخاء على المشهد الداخلي على أن تستعيد الحركة السياسية نشاطها وحيويتها اليوم مع الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المملكة العربية السعودية، على أن يعقد مجلس الوزراء جلسة دعا إليها رئيس الحكومة سعد الحريري الأربعاء المقبل في السراي الحكومي، بينما يستعد لبنان لاستقبال عاصفة ثلجية تستمر أياماً عدة، بحسب مصلحة الأرصاد الجوية.
وفي أول زيارة خارجية يقوم بها الرئيس عون بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، وبعد مرحلة من القطيعة بين لبنان ومعظم دول الخليج، يفتتح عون عهده بزيارة الى السعودية يرافقه وفد وزاري موسّع يضمّ الوزراء: مروان حمادة ونهاد المشنوق وعلي حسن خليل وجبران باسيل وملحم رياشي ورائد خوري، وتستمر الزيارة يومين يلتقي خلالها الملك سلمان بن عبد العزيز وكبار المسؤولين في المملكة.
وبينما تهدف زيارة عون للرياض، إلى تعزيز العلاقات اللبنانية ــ السعودية، فإنها ستطوي مرحلة الخصومة السياسية بين «الجنرال» والمملكة طيلة عقد من الزمن كانت السبب دون وصوله الى بعبدا، كما ستشكل الزيارة النافذة لإعادة العلاقات اللبنانية الخليجية الى سابق عهدها على المستوى الاقتصادي وإحياء هبة الأربعة مليارات دولار المجمّدة المخصصة للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية.
ومن المتوقع أن يتوجه عون بعد السعودية إلى قطر للقاء الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني.
وفي حين يحمل عون في جعبته الى الرياض جملة من الملفات لبحثها مع المسؤولين السعوديين والخليجيين كأوضاع اللبنانيين في المملكة وبعض دول الخليج بعد حملة الإبعاد التي طالت قسماً كبيراً منهم الى جانب دعم الجيش وملف العسكريين المختطفين لدى تنظيم داعش، قالت مصادر في 8 آذار لـ»البناء» إن «حزب الله مرن لأقصى الحدود ويترك الهوامش للرئيس عون لاختيار زياراته الخارجية من بينها السعودية ودول خليجية أخرى من دون أي تعقيدات، حيث كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله واضحاً أكثر من مرة بأن الحزب لديه الثقة الكاملة بعون أنّى ذهب». وأشارت المصادر الى أن «أي نتائج إيجابية تعود على لبنان جراء هذه الزيارة أو أي خرق على مستوى تسوية أوضاع المغتربين اللبنانيين وتعزيز أوضاعهم وعودة العلاقات التجارية والسياحية بين البلدين ودعم الجيش اللبناني يباركه حزب الله ولن يقف حجر عثرة أمام ذلك».
وأوضحت المصادر أنّ «رئيس الجمهورية سيحاول لعب دور الوسيط بين الرياض وطهران وتقريب وجهات النظر بينهما، لكن التعقيدات والأزمة بين البلدين أكبر من الاعتبارات اللبنانية والنيات الحسنة بل تتجاوز الأمر الى امتداد المنطقة وملفاتها الساخنة لا سيما في منطقة الخليج والوضع في سورية».
ومواكبة لتسريع وتيرة عمل مجلس الوزراء وقع رئيس الجمهورية، المرسوم الرقم 23 تاريخ 7 كانون الثاني 2017، القاضي بدعوة مجلس النواب الى عقد استثنائي يفتتح في 9 كانون الثاني الحالي ويختتم في 20 آذار المقبل ضمناً.
سجال حادّ بين ريفي والمشنوق
وقد سجل خلال اليومين الماضيين سجال حادّ دار بين وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العدل السابق أشرف ريفي على خلفية استدعاء قوى الأمن الداخلي لمرافق ريفي عمر بحر للتحقيق معه، حيث وصف ريفي المشنوق بأنه «مشبوه ورمز للفساد والعمالة في الوطن»، مضيفاً: «كنت من فريقنا ولم تعد من هذا الفريق ونحن نرسم علامات استفهام كبرى حول نزاهتك. أنت فاسد ومشبوه، وأنا مسؤول عن كلامي».
وبعد هذا الهجوم العنيف ردّ المشنوق على ريفي، عبر صفحته على تويتر من دون أن يسمّيه مستعيناً بحديثٍ نبوي شريف يقول: «سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة. قيل يا رسول الله وما الرويبضة؟ فقال: «هو الرجل التافه يتكلّم في أمر العامة».
جولة بروجردي
وفي غضون ذلك، جال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي علاء الدين بروجردي، والوفد البرلماني المرافق له، المقار الرسمية بحضور السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي، في إطار زيارة يقوم بها الى المنطقة. وكما التقى بروجردي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعرض معه آخر التطورات السياسية في المنطقة.
وأكد بروجردي بعد لقائه الرئيس عون في بعبدا موقف الجمهورية الإيرانية الثابت بضرورة إيجاد حل سياسي للازمة السورية من خلال حوار داخلي سوري ــ سوري.
وأكد عون أن «الأوضاع عادت الى طبيعتها في لبنان بعد الانتخابات الرئاسية، وأن التوافق بين اللبنانيين سوف يؤدي الى مزيد من الازدهار والطمأنينة، لاسيما وأن لغة الحوار السائدة تهدف الى تقريب وجهات النظر في المواضيع المطروحة». وأعرب عون عن أمله في أن «تنجح الجهود المبذولة للوصول الى حل سياسي للأزمة السورية بما يساعد على إيجاد حل لمأساة النازحين السوريين الذين بات عددهم في لبنان يقارب نصف عدد سكانه، ما انعكس سلباً على الوضعين الاقتصادي والأمني». وشدد على «أهمية العمل المشترك لمواجهة الإرهاب»، لافتاً الى «ما حققه لبنان من نتائج بفعل العمليات الاستباقية التي تقوم بها القوى العسكرية والأمنية اللبنانية».
وفي زيارة هي الثانية لمسؤول إيراني الى الرئيس الحريري في العهد الجديد، حطّ بروجردي العائد من دمشق في بيت الوسط والتقى الحريري، حيث كانت المواقف متقاربة خصوصاً حيال مستقبل العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين وإزاء الأزمة السورية، وأكد بروجردي أن «هناك موقفاً مشتركاً لدى إيران ولبنان الشقيق، يرتكز على ضرورة توخي الطريق السياسي لمعالجة الأزمة في سورية ولا شك في أن الأمن المستتب والمستقر في سورية، ينعكس إيجابياً على الأمن والاستقرار في لبنان وفي إيران والمنطقة بشكلٍ عام».
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «زيارة بروجردي تأتي ضمن السياق العام التي تتبعه إيران التي تحرص على أن يمرّ أي مسؤول إيراني يزور سورية على لبنان ضمن قواعد العمل العامة لطهران التي تعتبر أن الساحتين اللبنانية والسورية متداخلتان سواء لجهة المواجهة ضد الإرهاب أو العدو «الإسرائيلي»، خصوصاً أن زيارة السيد نصرالله هي من ثوابت أي مسؤول إيراني كبير يأتي الى المنطقة، وذلك أن الأمين العام لحزب الله هو أحد الأركان الأساسيين المعنيين في الصراع الدائر في سورية والمنطقة مع الإرهاب».
ولفتت المصادر الى أن «إيران تتعامل مع لبنان على أن عهداً جديداً قد بدأ وتسعى للانفتاح على كل الأطراف، وهي منذ اللحظة الأولى لولادة هذا العهد عملت على احتضانه وهي التي كانت جزءاً من المعادلة التي فرضت وصول عون الى بعبدا وعقد التسوية السياسية بين اللبنانيين بتشكيلة جامعة، وبالتالي تعمل إيران على تأمين أوسع مساحة من التلاقي في ملفات عدة للتعاون بين البلدين ومع العهد الى أفضل حد ممكن إن كان على مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية أو الأمنية لمكافحة الإرهاب أو هبة السلاح الشهيرة لدعم المؤسسات العسكرية والأمنية».
ولم تجد المصادر أي ترابط أو تزامن منسق بين زيارة بروجردي الى لبنان وزيارة عون الى السعودية، موضحة أن «تزامن الزيارتين قد حصل بالصدفة، لأن زيارة بروجردي الى سورية أتت بعد زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم ورئيس مكتب الأمن القومي اللواء علي المملوك الى طهران مطلع العام الحالي ضمن حركة المشاورات والتنسيق بين البلدين».
وشدّدت المصادر على أن «لقاء بروجردي مع الحريري يؤكد أن صفحة جديدة من العلاقات قد فتحت بين الحريري كرئيس للحكومة مع الجمهورية الإسلامية في إيران بعيداً عن التأثير السعودي على الحريري نفسه، خصوصاً أن الزيارة تركت مساحة واسعة من الإيجابيات يُبنى عليها في المستقبل لتطوير العلاقات والتعاون بين لبنان وإيران على المستويات كافة».