هدوء حذر في عين الحلوة والقوّة المشتركة تنتشر في الطيري
ساد الهدوء الحذر مخيّم عين الحلوة بعد ظهر أمس خرقه بين الحين والآخر إلقاء قنابل مترافقاً مع رشقات ناريّة، وذلك بعد اشتباكات عنيفة صباحاً.
وقد عقدت القيادة السياسيّة للفصائل والقوى الفلسطينيّة لمنطقة صيدا اجتماعاً عند الحادية عشرة من قبل الظهر في مقرّ القوّة المشتركة داخل المخيم، خلص إلى تشكيل لجنتين ميدانيّتين، توجّهت الأولى إلى مسجد الشهداء في الصفصاف للاتصال بمجموعتَيْ بلال بدر وبلال العرقوب لوقف إطلاق النار، فيما توجّهت الثانية إلى مقر الصاعقة عند مفرق سوق الخضار للتواصل مع قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا العميد أشرف العرموشي والاتفاق معه على تحديد موعد لإعلان وقف إطلاق النار.
واتّفق المجتمعون على تجهيز عناصر القوّة المشتركة للانتشار في حيّ الطيرة لحظة الاتفاق على وقف لإطلاق النار.
وقرابة الخامسة عصراً، بدأت القوّة المشتركة الفلسطينية بالانتشار في حيّ الطيرة داخل مخيم عين الحلوة، بعد التهدئة ووقف إطلاق النار، وهي دخلته من محورين الأول من قاعة مسجد «الشهداء» في منطقة الصفصاف، والثاني من مكتب منظّمة «الصاعقة» عند مفرق سوق الخضار من أجل تثبيت وقف إطلاق النار ودعوة أبناء المخيّم إلى الشارع الفوقاني لتفقّد ممتلكاتهم والخسائر التي لحقت بها.
وكان رصاص قنص العصابات الإرهابيّة طال السراي الحكومي في صيدا مستهدفاً المديريّة الإقليميّة لأمن الدولة، ومتسبّباً بجرح عنصرَيْن وإقفال السراي، في وقت شلّت الاشتباكات المستمرّة لليوم الخامس الطرقات ما بين صيدا والجنوب.
وحاولت مجموعات تابعة لبدر والعرقوب شنّ هجوم عنيف على مواقع الأمن الوطنيّ الذي سيطر عليها واستعادها من الجماعات الإرهابيّة منذ يومَين، فشنّ نحو مئة عنصر من المجموعتَيْن هجوماً من الرأس الأحمر باتجاه الطيري لاستعادة ما خسروه، فدارت معارك عنيفة استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الصاروخيّة والرشاشة، بالإضافة إلى رصاص قنص متقطّع طال شرفة منزل النائب الراحل مصطفى سعد ، وسط إسناد ناريّ ومشاركة عناصر من التيّار الإصلاحي الديمقراطي في «فتح» التابع للعميد محمود عيسى «اللينو» إلى جانب الأمن الوطني، وقد اشتدّت وتيرة الاشتباكات قبل الظهر، وتركّزت على محاور الشارع الفوقاني، حيّ الطيري، حي الصحون وجبل الحليب.
وصدّت حركة «فتح» الهجوم على حيّ الطيري، وعاد الإرهابيون أدراجهم، وأوقعت في صفوفهم قتيلاً و7 جرحى، وحسّنت مواقعها وتقدّمت إلى زواريب في الرأس الأحمر ورفعت أعلامها فيها.
وانطلقت مسيرة شعبيّة حاشدة من أمام مسجد النور في الشارع التحتاني في مخيم عين الحلوة باتجاه الشارع الفوقاني، في محاولة من سكّان المخيم لفرض وقف إطلاق النار بعد انهياره. ولم تستطع المسيرة الوصول إلى مناطق الاشتباك بعد إطلاق النار في الهواء لمنعها، فعادت أدراجها بعدما وصلت قرب مسجد الفاروق في الشارع الفوقاني.
وعقد لقاء الأحزاب اللبنانيّة في الجنوب اجتماعاً طارئاً في مكتب الأمين العام لتنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد، في حضور رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمّود.
ورأى المجتمعون في بيان، أنّ «ما يجري في مخيّم عين الحلوة يأتي في سياق إشغال الشعب الفلسطيني عن قضيّته الأساسيّة، وإلغاء دور المخيم الوطني بالوقوف مع فلسطين الانتفاضة في الداخل، والتآمر على القضيّة الفلسطينيّة لشطب حقّ العودة».
وأكّد اللقاء «أهميّة وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة هذه الحالات التكفيريّة الشاذّة التي تسعى دائماً إلى افتعال الأحداث الأمنيّة داخل المخيم».
وأسف «لاستمرار الأحداث في عين الحلوة، والتي سبّبت كارثة اجتماعيّة وأدّت إلى تهجير معظم أهالي المخيم»، مؤكّداً «وجوب عودة الأهالي سريعاً إلى منازلهم».
كما أكّد اللقاء «أهميّة المواقف الجدّية من كلّ الفصائل الفلسطينية بمتابعة ما حدث وملاحقة مرتكبي الأحداث وإدانتهم وفضح ارتباطاتهم الخارجيّة، التي لا تخدم إلّا العدو الصهيوني والسّعي إلى توقيفهم وتسليمهم إلى السلطات اللبنانيّة».
وكذلك أكّد اللقاء حرصه على «أمن الشعبَيْن اللبناني والفلسطيني داخل مخيّم عين الحلوة، وفي جوار المخيم ومدينة صيدا»، وحذّر من «مغبّة الاستمرار في الاستهتار بمصالح السكّان الآمنين اللبنانيّين والفلسطينيّين».
من جهته، رأى «تجمّع العلماء المسلمين» في بيان، أنّه «بعد تمادي قوى التكفير والإرهاب في عين الحلوة في غيّهما وتعريض حياة المواطنين في صيدا للخطر، ما أدّى إلى سقوط ضحايا، لا بُدّ من وضع حدّ لهذه التصرّفات بالقضاء نهائيّاً على هؤلاء، إمّا من خلال تولّي الفصائل الفلسطينيّة لهذه المهمّة، وإذا لم تفعل ذلك، فإنّ القوى الأمنيّة ملزمة وضع حدّ لخطر هذه الجماعات بالأسلوب المناسب الذي يحفظ حياة المدنيّين في المخيم ومحيطه».