بداية نهاية خرافة التفوّق «الإسرائيلي»
د.أحمد عياش
لطالما اعتقد بعض العرب أنّ العقل «الإسرائيلي» متطوّر أكثر من العقل العربي. وفي الأمر ظلم وخطأ شائع. فصحيح أنّ الأمية متفشية في العالم العربي بنسبة كبيرة، ولكن الحقيقة أيضاً أنّ كثيرين من العرب يتمتّعون بالذكاء الذي أثبت حضوره في الميادين كلها، وبخاصة في الدول الغربية المتطوّرة إذ تبوأوا مراكز علمية وسياسية جيدة.
والآتي يبشّر أكثر بالنجاح، إذ الأجيال التي ولدت في الغرب من أصل عربي باتت تتمتّع بمزايا تربوية ممتازة، مما يجعلها قابلة للتميّز لاحقاً.
وربما التآمر على الوجود العربي في بلاد الغرب عبر تنظيمات داعشية مشبوهة بإرهابها يتقصّد هذه الشريحة العربية المقدامة التي تحاول التضحية بكلّ شيء من أجل تعليم أبنائها.
والأهمّ من كلّ ذلك، فكيف يكون «الإسرائيلي» أذكى، وهو يأتي من بلاد الغرب إلى ما يُسمّى «إسرائيل» ليضرب برأسه الحائط في القدس حاملاً سلاحه ناكشاً شعره ليتوعّد أطفالاً عزَّلاً بالحديد والنار والقتل، بينما يصطفّ العرب على أبواب السفارات طمعاً بتأشيرة دخول إلى بلاد الغرب، حيث التطوّر.
والأنكى من ذلك أنّ العربي يقطع البحر سباحة مع أطفاله، طمعاً بمدرسة وأمان ومستقبل أفضل، بينما «الإسرائيلي» الخائف في دبابته جاء ليعيد «مسيحه» إلى الوجود مرة أخرى، لينصر «شعب الله المختار».
كيف يكون أذكى ذلك «الإسرائيلي» الذي يراهن على أسطورة في التجمّع على أرض موعودة من ربّ لا حول له ولا قوة، ليستقرّ ذلك «الإسرائيلي» بين ملايين الفلسطينيين ومئات ملايين العرب…؟
كيف يكون ذلك «الإسرائيلي» أذكى، وهو في حرب 2006 استخدم عقلاً هرماً في التكتيك، إذ رمى مناشير من ورق للبنانيين يستخدمون الجهاز المرئي والمسموع والإنترنت، معتقداً أنه ما زال قادراً على إرهاب شعب بكلمات من حبر، لا بل حاول التشويش على إذاعة «النور» بإذاعة أخرى تبثّ أسماء القتلى في الحرب لعله يخيف الناس؟
أكثر من ذلك، فقد كان متفوّقاً في عدد المقاتلين من الجنود مع أهمّ ترسانة أسلحة وعجز عن احتلال بقعة أرض يدافع عنها بضع مئات من المقاومين جنوب الليطاني، أيّ قلة لبنانية مقاومة غلبت أكثرية «إسرائيلية»، لا بل عندما دخلت دباباته العظيمة تناولها المقاومون بصواريخهم، مما أثبت أنّ مخابرات «الإسرائيلي» متخلفة في معلوماتها وغبية في سلوكها …
إنّ أقصى ما يمكن مقارنته بين ذكاء «الإسرائيلي» واللبناني، على سبيل المثال، أنّ مليون نازح من الجنوب سنة 2006 لم تُسجل بينهم ضربة كفّ أو سرقة أو عدوى مرضية، لا بل حصل العكس تعارف وتعاضد وعلاقات عاطفية أثمرت زواجاً في ما بعد…
لا يمكن لـ»الإسرائيلي» أن يعتمد على كذبة تفوّقه في الذكاء طويلاً. فالأحداث الجارية في سورية أثبتت أنّ العقل السوري والإيراني واللبناني قد تمكّن من صدّ عقول عالمية في العسكر، بإمكانات بسيطة، ورغم التفوّق الإعلامي لأعداء سورية، ورغم التحريض الطائفي والمذهبي.
على «الإسرائيلي» أن يُعيد حساباته جيداً، فلم يعد الأذكى بل حافظ على تفوّقه في الخبث والتآمر على الأمة… وهذا ليس بذكاء بل حقارة…