كلمات منفلتة من العقال تليق بنفاق السياسة الغربية…
محمد ح. الحاج
تنقل محطة «سي أن أن» تنقل عن مسؤول أميركي أنّ الكيان الصهيوني هو من قام بقصف المواقع السورية في منطقة البو كمال…! ومؤكد أنّ أحداً ما لن يجد دافعاً أو مبرّراً لهذه العملية ولا حتى القول إنّ الموقع المستهدف كان لجنود ايرانيين… الشهداء جميعاً والجرحى جنود سوريون وعراقيون.
اعتدنا أن يقوم العدو الصهيوني بقصف المواقع السورية من الأجواء اللبنانية أو من أجواء الجولان ومن فوق طبريا تفادياً للدفاعات الجوية السورية… إذاً كيف نفذ القصف قرب الحدود العراقية ومن أين جاء؟ هل استخدم الأجواء الأردنية أم أقلع من مطاراتها، وأين هي الرقابة الروسية على الأجواء؟
هل تجري العمليات الصهيونية على الأراضي السورية باتفاق من تحت الطاولة مع الروسي؟ وما الغاية منها استطراداً، هل تخدم استمرارية الوجود الروسي وتبرّره؟ يتساءل مراقب! أم هي بروباغندا إعلامية للوقيعة بين الحلفاء على الجانب السوري للاعتقاد بفرضية اتفاق روسي صهيوني، ويبقى السؤال لماذا لا يتمّ التصدي للطيران المعتدي أياً تكن هويته؟
السياسة الغربية لا أخلاقية بشكل عام، والأميركية بشكل خاص حيث لا احترام للاتفاقيات المبرمة ولا للقوانين الدولية، أما السياسة الخارجية البريطانية فهي موضع سخرية ونقد مرير من الشارع البريطاني، جاء ذلك في برنامج «كلمة حرة» للنائب جورج غالاوي على قناة «الميادين»، فكيف تكون السياسة العسكرية وعمليات القوات الغربية المتحالفة، الموجودة خلافاً للقانون الدولي على الأرض السورية فيها شيء من الأخلاق وكلهم غارق في العدوان بدعوى محاربة داعش وهي كاذبة بالمطلق، هم يحمون داعش ويهاجمون القوات السورية!
اللافت في ما يحصل أمران، الأول: ما قيل عن إغلاق الأجواء السورية بوجه أيّ طيران بالمنظومات الجوية الروسية، وهذا لم يحصل. الثاني: هذا الانفلاش الواسع والازدحام في الأجواء السورية الشمالية الشرقية، طيران تحالف، أميركي، بريطاني، كندي، فرنسي، استرالي، وتركي أيضاً، في الوقت الذي يجري إسقاط الطائرات السورية إذا تجاوزت أو حتى اقتربت من أجواء نهر الفرات، في الوقت ذاته، الطيران الروسي لم نسمع أنه تجاوز النهر ولم يسبق أن اشتبك مع هؤلاء… هل هناك حظر جوي غير معلن في تلك الأجواء، ودون سند قانوني أو قرار دولي؟
مشارك بريطاني رفض القول بأخلاقية أو عدم أخلاقية السياسة البريطانية، قال: هي سياسة نفاق مخادعة في كلّ مراحلها، تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان وتزوّد السعودية بشتى أنواع الذخائر المحرمة لاستخدامها في الحرب على اليمن، وفعلت أبشع من ذلك عند مشاركتها في الحرب على العراق بذرائع كاذبة لقد شاركت بقتل آلاف الأبرياء وبينهم الكثير من الأطفال، والآن بعد سنوات من العدوان على سورية يدرك الشعب البريطاني أنّ حكومته تقف مع داعش والنصرة، وأنّ الخوذ البيضاء هي جهاز يعمل في خدمة التنظيمين تدربه وتموله مخابرات بريطانيا! تابع: لماذا تتدخل بريطانيا في سورية وفي هذا الوقت بالذات، تنخرط في الحرب وليس في عملية سلام؟
يتفاخر الغرب بصدقيته في التعامل ويعيب على باقي العالم اللجوء إلى الكذب والخداع، الحقيقة أنّ العكس هو الصحيح، والدليل أنّ هذه التهمة بدأت تتلاشى وتترسّخ القناعة أنّ هذا الغرب يكذب في كلّ علاقة وسلوك له على مساحة العالم، وأحدث فضائح الكذب إحصاء عدد المرات التي مارس فيها رئيس أكبر دول الأطلسي ترامب الكذب لتبلغ رقماً قياسياً، ولأنّ باقي دول الغرب هي تابعة وخاضعة لرغبات وليّ الأمر فإنها تمارس التقية في علاقاتها بعد تهديد مصالحها ومحاولة هذا الرئيس ابتزازها تحت شعار «الحماية لها ثمن»!
الغرب ينافق في إعلانه الحرب على الإرهاب الذي أوجده، بينما هو يتابع رعايته وحماية فلوله وضرب الوحدات التي تلاحقه أو تشكل خطراً على قياداته، ولم يعد مقبولاً في هذا العصر المتقدّم تقنياً الادّعاء بوقوع الخطأ وفي نفس المنطقة، وعلى ذات المواقع، التزام الصمت عند وقوع عمل مجهول الهوية والمصدر يشي بهوية الفاعل المستفيد، وفي الحالة الأخيرة يعلن الأميركي بشكل غير رسمي أنّ الفاعل هو الصهيوني، لكن العالم يحتاج الأدلة وخصوصاً صور الأقمار الصناعية، الروسية منها أو الغربية، هل توصّل أحدهم إلى القدرة على التعمية ومنع الأقمار من تسجيل الحركة أم أنها أيضاً لا تكشف طائرات الشبح التي زوّدت الولايات المتحدة العدو بها لمثل هذه الحالات؟ ويبقى أنّ العملية تخضع للتناغم وتبادل الأدوار وتخدم الموقف الأميركي…
الدول التي تقوم بعمليات عدوان وقصف بعيداً عن أراضيها تتوقع ردّ الفعل أو هي بالأساس تتوخى الصدام وإشعال الحرب مع الأطراف التي تهاجمها، في هذه الحالة تلجأ إلى الإعلان وتبرير فعلها بشكل ما، الصهيوني التزم الصمت، وإذا ما استمرّت الأطراف القادرة على الكشف إخفاء معلوماتها التي سجلتها الأقمار فإنّ القضية تسجل ضدّ مجهول كما هو حاصل ولا يمكن للقناعة وحدها أن تكون الدليل لإثبات التهمة.
هل يرغب العدو الصهيوني بتوسيع رقعة الصدام معه واستعجالها وما هي الفائدة، قد يُقال هو الهروب من أزمة داخلية وليس ذلك بمستغرب على سلوك نتن ياهو، اليوم تكشف الاستخبارات الصهيونية اعتقال وزير سابق كان يعمل لسنوات ستة في خدمة الاستخبارات الإيرانية، من ناحية هو اعتراف بالهزيمة أمام النشاط الاستخباري الإيراني، ومن جهة أخرى تأكيد إمكانية الاختراق، لكن ولأن جوهر الصراع الحالي أو الشعار الذي ترفعه حكومة العدو هو الخطر الإيراني! ما الذي ترسم له الحكومة المصغرة وإلى أين تسير؟
المزاج الشعبي الأوروبي لم يعد متناغماً مع السلوك الرسمي للحكومات، ويبدو أنّ أمراً ما يبعث على التفاؤل مع الفهم المتطوّر لحقيقة الصراع في المشرق الذي أسّست له بريطانيا، كان على تشرشل أن يقول: «إذا ماتت بريطانيا، يموت الخداع السياسي في العالم». لا نتحدث عن مراسلات حسين ـ مكماهون، بل نستذكر اتفاقية سيفر التي أسّست لوعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو الثنائية والتي قسّمت مشرقنا، زرعت كياناً غريباً، وأسّست لمشكلة لم تكن مطروحة قبل ذلك، أعني المشكلة الكردية.
الولايات المتحدة الأميركية التي تلعب على الوتر الكردي، تتواطأ سراً مع عدو الكرد الأول! هل اكتشف الأكراد اللعبة أم ما زالوا بحاجة لبراهين وأدلة أكثر، الولايات المتحدة تعمل على توسيع الهوّة وترسيخ مفاعيلها لتمتدّ عبر المستقبل إلى اللا نهاية، حاجة السوق، المضمار، ساحة التجارب أو لنسمّها ما شئنا، هي لعبة تخدم مصالح الغرب ويجب أن تستمرّ، ليس برغبتنا إنما بغباء المجموع واللذة في جلد الذات، العقل الطفولي وحده يعجز عن مراكمة الخبرة من التجارب، ويبدو أنّ شعوب المنطقة لن تخرج من طفولتها، غير مسموح!
تخرج القوات المتحالفة من منبج، وتستمرّ دوريات مشتركة تركية أميركية، قلت يوماً إنني لا أصدّق القول بوجود خلاف تركي أميركي، وقلت أكثر إنها مسرحية متوالية الفصول، وسيتكشف للجميع نتائج تبادل الأدوار في التسلل وتقاسم السيطرة على الشمال السوري وتبقى الضمانات، مكتوبة أو غير مكتوبة لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به، أما النبوءة بالتحرير فستكون بالسلاح والمقاومة داخل المناطق التي تنتشر فيها هذه القوات، مقاومة يشترك فيها السوريون بمختلف تسمياتهم، فالتحرير لن يتحقق مع أحلام اليقظة.
أيها السوريون حذار… حذار، لا تدعوا التركي وغيره يستقرّ… فيتجذّر، ويتمسك ويقف معه الغرب كما عوّدنا، هم يعتبرونها مناطق نفوذ وأسواق مفتوحة، فهل نقبل…؟