نخوض معركة الوجود القومي صراعاً ومقاومة
بمناسبة عيد تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي 16 تشرين الثاني 1932 ـ 2018 ، أصدرت الإعلام البيان التالي:
ستة وثمانون عاماً على تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، والسوريون القوميون الاجتماعيون جيلاً بعد جيل لم يعرفوا استراحة محارب، لأن أحداثاً كبيرة ونكبات عصفت ببلادنا من جراء الغزوات والاحتلالات ومؤامرات التجزئة.
في مواجهة التحديات الوجودية التي تستهدف الوطن والأمة، «الوطن السوري هو البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الأمة السورية» ، حدّد الحزب السوري القومي الاجتماعي خياراته الصراعية، دفاعاً عن القضية القومية، وأقسم القوميون على أن هذه القضية تساوي وجودهم.
منذ تأسيسه وفي مراحل صعبة، وظروف معقّدة وخطيرة، قرّر الحزب السوري القومي الاجتماعي أن يخوض معركة الوجود القومي، صراعاً ومقاومة، وعلى مرّ سنوات التأسيس خاض القوميون معارك كبرى، ضد يهود الخارج والداخل في فلسطين ولبنان والشام، وهذه المواجهة لن تتوقف حتى دحر الاحتلال ووأد الارهاب وتحرير الأرض وتثبيت مبدأ السيادة القومية.
مسيرة الحزب القومي بكل محطاتها ارتكزت على عقيدة راسخة اعتنقها القوميون ومبادئ محيية آمنوا بها، وليس تبجحاً القول، بأن هذه المسيرة الصراعية هي الوحيدة في التاريخ المعاصر التي قامت على أساس الحق والحرية، ولأهداف شريفة وغاية نبيلة.
ستة وثمانون عاماً، من العطاء والبذل والتضحية والاستشهاد، تختصر بفرادة الثبات على الحق، في مواجهة أعتى التحديات.. كيف لا ونشيدنا على الدوام: «نحن قوم لا نلين للبغاة الطامعين».
إن النهج المقاوم للحزب، هو إحدى ركائز المشروع النهضوي. مشروع يهدف إلى بناء المجتمع، بناءً سليماً على أساس وحدة الأرض والشعب وتثبيت مبدأ سيادة الأمة السورية على نفسها، وقد دفع حزبنا أثماناً باهظة وقدم التضحيات وآلاف الشهداء في معارك المصير القومي بمواجهة مشاريع التجزئة والتفتيت والتقسيم، ولذلك اجتمعت ضده كل قوى الشر، الاستعمارية منها واليهودية، ومعها تلك الأدوات المحلية الطائفية والمذهبية والإتنية التي ارتبطت بالمشروع الصهيوني الاستعماري، وشكلت جزءاً من المؤامرات التي استهدفت حزبنا في كل المراحل، وليس خافياً أن جريمة اغتيال مؤسس الحزب وباعث النهضة أنطون سعاده، واحدة من أكبر الجرائم وأشدها فظاعة بتخطيط صهيوني دولي وتنفيذ محلي. ولكن، فعل النهضة كان أكبر من كل المؤامرات، حيث استمر الحزب على نهجه وخطه ومبادئه، حزباً مقاوماً وبإيمان قومي يزول الكون ولا يزول.
بهذا الايمان القومي، وبمبادئ راسخة، افتتح القوميون عهد البطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة، ويعلم القاصي والداني هذه الحقيقة الناصعة. فحزبنا الذي أطلق المقاومة ضد الاحتلال اليهودي في فلسطين، كان له أيضاً سبق إطلاقها في لبنان ضد المحتل اليهودي، بدءاً من عملية إسقاط شعار «سلامة الجليل» 21 تموز 1982 التي أسقطت شعار الاجتياح اليهودي ورسخت مبدأ قوة لبنان في مقاومته، إلى عملية الويمبي البطولية التي كانت فاتحة تحرير بيروت، وصولاً إلى ما يسطره القوميون الاجتماعيون من بطولات على أرض الشام في مواجهة الارهاب ومشاريع رعاته، من خلال تشكيلات «نسور الزوبعة» التي تقدمت الصفوف إلى جانب الجيش السوري والقوى الحليفة في معركة وأد الارهاب وإفشال المشروع الصهيوني ـ الغربي المعادي، وأدوات هذا المشروع من عرب التطبيع وتركيا والمجموعات الارهابية المتعددة الجنسيات.
وبناء على ما نؤمن به، ولأننا ثابتون في مواقع الصراع دفاعاً عن حقنا وحقيقتنا، نؤكد في عيد تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي ما يلي:
أولاً: مواصلة مسيرة النضال القومي من خلال نهج المقاومة الذي اختطه حزبنا منذ تأسيسه، وترجمه في معارك فلسطين 1936 حيث قاوم المنظمات اليهودية الارهابية، وسجّل عبر تاريخه وقفات عز مشرّفة في كل المواجهات والمحطات الصراعية.
لقد كان حزبنا واضحاً في مواقفه الصلبة والجذرية رافضاً كل اشكال التسويات والاتفاقات المذلة، لا سيما اتفاق «أوسلو» وملحقاته، هذا الاتفاق الذي أراده العدو اليهودي منصة لادعاء تشريع احتلاله، والوصول الى اعلان يهودية دولته المزعومة، واعتراف الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها وأدواتها بالقدس عاصمة للاحتلال.
اليوم، تواجه المسألة الفلسطينية خطراً محدقاً، ليس بسبب غطرسة الاحتلال وإجرامه وحسب، بل بالخطر المتمثل بـ «صفقة القرن» التي تشكل ترجمة لـ «وعد بلفور» المشؤوم، وتحظى برعاية اميركية غربية، وبتأييد غير مستتر من «عرب التطبيع»، الذين يستقبلون ويحتفون بمجرمي الحرب الصهاينة رقصاً بالخناجر، في حين يغرسون هذه الخناجر في قلب فلسطين.
وعليه، نؤكد أن المسألة الفلسطينية، هي جوهر القضية القومية، ولا نرى سبيلاً لتحرير فلسطين كل فلسطين، إلا من خلال المقاومة الظافرة، كما نؤكد بأن عدوانية الاحتلال مقدور عليها بالصمود والثبات وبالمقاومة، المقاومة التي سجلت قبل ايام إنجازاً كبيراً بتصديها البطولي لقوات الاحتلال وتنفيذها عمليات نوعية، اجبرت العدو على القبول بشروط وقف النار، وهذه المقاومة بما تمتلك من ارادة ومن إمكانات وقدرات، تستطيع أن تفرض معادلة ردعية تؤسس لحتمية التحرير.
إن الحزب السوري القومي الاجتماعي، يتوجه إلى أبناء شعبنا في فلسطين وأينما وجدوا وبكل فصائلهم وقواهم، بأن يتعاضدوا ويتلاحموا ويتوحدوا على خيار المقاومة والكفاح المسلح، لأن هذا الخيار هو الأقل كلفة، وهو النهج الوحيد الذي يثمر تحريراً وعودة.
إننا ومن الموقع الذي نحن فيه ثابتون وراسخون، ولأننا نحمل قضية عادلة ومحقة نناضل ونقاوم من أجل انتصارها، ندعو إلى صياغة برنامج نضالي تلتف حوله كل القوى والفصائل، يرتكز على تثبيت نهج المقاومة باعتباره خياراً وحيداً لتحرير فلسطين كل فلسطين. فالمقاومة هي الأولوية، وكل ما عداها أمور ثانوية، لأننا نخوض معركة مصيرية وحرب تحرير قومية بمواجهة دولة الخرافة اليهودية والمشاريع الاستعمارية.
إن أبناء شعبنا في فلسطين، أطفالاً وشباباً، نساءً وشيوخاً بذلوا الدماء على مر سني الاحتلال دفاعاً عن الأرض، وهم يجتمعون اليوم في مسيرات العودة، ويواجهون الاحتلال في كل المدن والقرى الفلسطينية المحتلة، وينتظرون إطاراً واحداً مقاوماً يؤطر نضالهم للوصول الى الهدف المنشود.
فالتحية إلى أبناء شعبنا في فلسطين المحتلة وهم يسطرون نصراً جديداً وملحمة عز وبطولة بمواجهة العدو اليهودي، وها هي صواريخ المقاومين تحرق حافلات جيش العدو ورايات فلسطين تستحيل قنابل تقض مضجع العدو، وتزرع الرعب في قلب جيش كان البعض يظنه لا يقهر، وها هو الانتصار في غزة يطيح بوزير حرب العدو أفيغدور ليبرمان، ما يعكس مدى الضعف والوهن الذي أصاب كيان العدو وحكومته.
ثانياً: إن لبنان الذي أراده حزبنا «نطاق ضمان للفكر الحر»، لا يزال محكوماً بنظام طائفي موروث من حقب الاستعمار، ويشكل نطاقاً للتحاصص الطائفي والمذهبي ولاستشراء الفساد والمحسوبية، وهذا النظام الطائفي المقفل هو عدو شرير لكل إصلاح وتغيير، وهو ولاّدة أزمات ويقف كالثور الهائج ليعيق أي تقدم باتجاه قيام الدولة المدنية الديمقراطية اللاطائفية. وما نشهده اليوم، من تنازع على حصص طائفية ومذهبية، على وقع إملاءات خارجية دليل على أن هذا النظام الطائفي، وصل حد الاستعصاء على اتفاق الطائف ودستوره، وهناك من يتحدث عن موت الطائف للإطاحة كلياً بما نصّ عليه من إصلاحات، لغايات معروفة، وهي تأبيد النظام الطائفي بصيغته الاستعمارية القديمة، لكن ليس للعودة إلى أمومة فرنسية بائدة، بل عبر تبني أبوة وأمومة متعددة الهويات والجنسيات!
إنّ النظام الطائفي لا يريد للبنان أن يتحرر من آفة الطائفية، ولا أن يتخلص من آفة الفساد، ولا إنقاذ اللبنانيين من وطأة القهر الاجتماعي، فهذه مزاياه، إن فقدها فقد مبرر استمراره، لذلك نرى كل هذا التحشيد والتجييش الغرائزي طائفياً ومذهبياً سعياً وراء حصة أكبر في الحكومة، لأن الحكومة بمفهوم الطائفيين والمذهبيين ليست للاهتمام بشؤون الدولة والناس، بل وسيلة كسب غير مشروع على حساب قوت الناس وكرامتهم.
رغم هذا الواقع الذي ينذر بالأسوأ، لن يتردّد حزبنا في الثبات على مطالبه بتحقيق الإصلاح الشامل، وترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية، وإنصاف المنتجين فكراً وغلالاً وصناعة، والوقوف الى جانب الناس والفقراء في مطالبهم المحقة، ولتحقيق الإنماء على المستويات كافة، اجتماعياً واقتصادياً وتربوياً وبيئياً، فقد سئم اللبنانيون من نظام حرمهم أبسط مقومات العيش الكريم.
من هذا المنطلق، نؤكد أن مشاركة القوى اللاطائفية في الحكومة اللبنانية، وفي الطليعة حزبنا، هي حق مشروع، وهذه المشاركة هي كسر للمحاصصة الطائفية، وترجمة طبيعية لحضور القوى اللاطائفية، ولكن هذا الكسر يتفاداه الطائفيون، وهم يذهبون فرحين الى حكومة من دون الحزب القومي، لكي ينأوا بأنفسهم عن سماع صوت الحق وصوت الناس، لكننا نعدهم بأن هذا الصوت سيظل مدوياً يرفع لواء الإصلاح وتحقيق العدالة الاجتماعية ومواصلة النضال لإسقاط هذا النظام الطائفي وتحقيق العدالة.
صوت الحزب القومي سيظل مرتفعاً ينهر كل الذين يحاولون النيل من عناصر قوة لبنان، وحزبنا الذي دافع عن وحدة لبنان وأسقط مع حلفائه مشاريع التقسيم والفدرلة، وقدم الشهداء ونفذ العمليات البطولية والنوعية والاستشهادية لدحر الاحتلال الصهيوني، سيستمر على هذا النهج، متمسكاً بالمقاومة خياراً وحيداً للدفاع عن لبنان، وبالمعادلة الذهبية جيشاً وشعباً ومقاومة، وليس مسموحاً بأن تعود عقارب الساعة الى الوراء. فالمقاومة هي نهج مستمر لن تنال منها أصوات نشاز ولا عقوبات أميركية غب الطلب الصهيوني.
إن حزبنا يضع على عاتقه مواصلة النضال من أجل تحقيق الخير للبنان واللبنانيين، ولترسيخ معادلة قوة لبنان في مقاومته، وأن لا عودة إلى نظريات الضعف والحياد والنأي وما شاكلها من نظريات انهزامية تعبر عن هزالة اصحابها.
ثالثاً: يؤكد الحزب أن صمود سورية رئيساً وقيادة وجيشاً وشعباً في مواجهة الحرب الارهابية الكونية، أفشل كل المشاريع التقسيمية والتفتيتة، وأن سورية الشام التي شكلت حاضنة وداعمة للمقاومة وحملت راية فلسطين، أكدت بصمودها أنّها لن تتخلى عن دورها، وستظل قلعة قومية للصمود والمقاومة.
إن الحرب العدوانية الإرهابية التي استهدفت سورية وشاركت فيها نحو مئة دولة وعشرات المنظمات الارهابية المتعددة الجنسيات، خلفت دماراً وقتلاً لكنها لم تحقق أهدافها في اسقاط الدولة، واليوم تستعيد سورية الأمن والأمان، وتتقدّم بثبات لتحرير كل الأجزاء السورية من الارهاب ورعاته.
إن الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي وقف الى جانب الجيش السوري في مواجهة الارهاب، يؤكد استمراره على هذا الموقف حتى تحقيق النصر النهائي وإلحاق الهزيمة بالمتآمرين، لا سيما عرب التطبيع والمهانة الذين تلطوا خلف عروبة وهمية لإسقاط سورية، بعدما وقّعوا على «صفقة القرن» لتصفية المسألة الفلسطينية.
كما يؤكد الحزب أن ارادة السوريين مصممة على تحصين المجتمع وترسيخ الوحدة وحماية كل مؤسسات الدولة القائمة على قواعد النظام المدني الذي شكل ركيزة الصمود والانتصار.
رابعاً: يحذر الحزب مما يخطط للأردن، ويدعو الى الغاء اتفاقية وادي عربة المذلة، وأن يأخذ الأردن موقعه الطبيعي ضمن بيئته القومية، فقد أثبتت التجارب والمحطات أن الغرب وفي مقدمه الولايات المتحدة الأميركية، يأخذ على عاتقه تحقيق أمن ومصالح كيان الاغتصاب الصهيوني، ولا يأبه بمصالح كيانات أمتنا والعالم العربي.
خامساً: يؤكد الحزب على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق، والوقوف سداً منيعاً بمواجهة كل الخطط والمشاريع التقسيمية، ويلفت إلى أن أي قبول بواقع تقسيمي ولو مستتر، يعرّض مستقبل العراق ودوره للخطر.
إن ما حققه العراق من انتصارات على الإرهاب، يجب أن يستكمل بتحصين الوحدة ورفض الإملاءات الأميركية التي لا تزال تراهن على ابقاء موطأ قدم لها في العراق.
سادساً: إن حزبنا وفي عيد تأسيسه الذي يشكل كل عام محطة لاستنهاض أبناء النهضة ورص صفوفهم من أجل القضية التي تساوي الوجود، يعاهد أبناء شعبنا بأن يبقى دوماً في طليعة المدافعين عن الحق القومي إثباتاً له، ورفضاً لكل أشكال التسويات والمؤامرات التي لم تجلب على شعبنا وبلادنا إلا الويلات. وإيماننا على الدوام أن الحياة حرية ولا حرية من دون صراع.
ختاماً: بهذا الإيمان سنبقى دوماً نحتفل بذكرى تأسيس نهضتنا، مؤمنين بحقنا في الحياة بأرضنا، حياة الأعزاء لا حياة الأذلاء، لأن الحياة لا تكون إلا بوقفة العز.