قالت له
قالت له: لماذا تضطرب وتقلق عندما أقول إنني حزينة أو مسكينة؟
قال: لأن لغة الفرسان تقوم على نصرة الضعيف والملهوف والمظلوم وإن كان قريباً أو حبيباً يسمع الشكوى كنداء للفعل.
قالت: لكن النساء ترغب بالحديث عن الضعف ولو كان فيه مبالغة فتلك طريقة للتقرب.
قال لها: عندما تقول المرأة للرجل إن وجوده في حياتها هو مأساتها لا ينفع أن تضيف، لأن الحب قاتل. فهي تقول له ضمناً أن يسارع للخروج إن كان يطلب لها الفرح والسعادة. فكيف إذا تكرر القول وملت الأذن من الإعادة؟
قالت له: لكن في الحب متعة الحزن.
قال: في ألم الشوق والتوق للقاء وليس في الحب بذاته كمصدر للقهر وإلا صار الفراق مطلباً.
قالت: لكن طلب القرب له أشكال منها أن بعدك يقتلني.
قال: ولكن ليس وجودك مصدر حزني وقدري هو تجميع الأحزان. فأنا أعجز عن لقياك يأتيني كل شيء ناقص حتى الحب. فهذا ندب على حظ عاثر ودعاء لتعويذة شفاء هي الفراق بلا ألم.
قالت: ومتى يكون الحديث عن الحزن تقرباً؟
قال: عندما يكون طلباً للمزيد من الفرح وليس خلاصاً من مزيد من الأسى.
قالت: إعلان العجز عن الفراق حب.
قال: هو إعلان رغبة بالفراق وضعف في الإرادة وكل منهما مذمّة للحب والحبيب. فالأجمل القول لا أريد الفراق ولو قدرت بدلاً من أريد الفراق ولا أقدر.
قالت: لكن المعنى يصل بأنه التعلق.
قال: وعندما يصير التعلق مرضاً نطلب لمن نحب الشفاء.
قالت: ولكنه الشقاء.
قال: إذن إلى اللقاء.
قالت: هذا المساء.
قال: والقبلة وجبة العشاء.
قالت: أحبك وليس للحب أسماء ولو تعذر اللقاء.
قال: ولك من الحب العشق والغرام وكل الأسماء.
وتبادلا عن بعد قبلة طائرة يتراشقانها في الفضاء.