المرحلة المقبلة
شهناز صبحي فاكوش
كيف يمكن أن تكون ملامح المرحلة المقبلة لأجل الوصول إلى حلّ ينهي الأزمة السورية. ما زال الجميع مُصرّاً على أنها أزمة، رغم أنّ ما يحدث على الأرض يعلن أنها حرب، وليست حرباً اعتيادية، أو محلية فحسب أو بين طرفين منفردين.
هي حرب بكلّ ما للحرب من أبعاد وأدوات، طرفها المدافع عن حقه وسيادته سورية بكلّ مكوّناتها، لأنها حرب وجود بالنسبة لها. والطرف الآخر الإرهاب بكلّ ما يعني تراكمياً مذ ولد مع «الإخوان المسلمين» في القرن الماضي.
الإرهاب بتطوّر أسمائه وتعدّد مجاميعه يلهب الأرض السورية، وتُسَخِّرُ له الدول المصنّعة والداعمة كلّ المقدرات، من الأسلحة الثقيلة حتى السلاح الأبيض، الذي تقوم عليه المجازر اللا إنسانية حيث يحلّ عناصره.
رغم كلّ العنف الإرهابي الذي يمارس على الأرض السورية، ما زال معظم اللاعبين الدوليين والإقليميين يتحدّثون عن حلّ الأزمة السورية سياسياً… وكأنّ الخلاف بين الأطراف المعارضة والدولة السورية خلاف فكري وسياسي.
منذ البدايات لم تعترض سورية يوماً على أيّ طرح يقدّم كحلّ لأزمتها… لكن ما لا ينتج عن حلّ حقيقي، لا تأخذ به سورية، ببساطة لأنّ المعارضة السياسية مستلبة من الدول الحاضنة والمصدّرة للإرهاب.
مكافحة الإرهاب هي الأساس الذي تعمل عليه جميع المكونات السورية، لأجل السيادة، أما ما تطرحه المعارضة المستلبة والذي ما زالت تجترّه منذ جنيف، بأنها لن تحارب الإرهاب إلا مع حكومة انتقالية، فهو غلافُ جُبْنٍ وطرح غير منطقي.
المؤشر المهمّ لملامح المرحلة المقبلة تجاه الأزمة السورية، بدأ يتوسّم مع طرح القيصر الروسي للتحالف الذي سمّاه الوزير المعلم بالمعجزة… ما جعل أمين الجامعة العربية يقوم باستدارة حقيقية نحو سورية، ويتصدّر لمغازلتها.
يُدعى للمرحلة المقبلة جنيف ثلاثة… سورية لا ترفض أيّ مبادرة، لكن عندما يطرح بتوسعته لحضور الأردن، والسعودية، يجب أن يكون الطرح جدياً وليس هزلياً كما حدث من مهرّج السياسة سعود الفيصل سابقاً…
دائماً تريد دمشق فقط إطاراً دولياً عقلانياً جاداً، ليكون التوجه ضدّ الإرهاب ومجاميعه كافة. وليس ضدّ «داعش» فقط! حسب ما زعم التحالف الأميركي الأردني. كلّ المجاميع الإرهابية يجب محاربتها وتطبيق القرار 2170 عليها. وتنفيذ وتفعيل جميع القرارات ذات الصلة.
المرحلة المقبلة يربطها البعض بالملف النووي الإيراني فيرى أصدقاء سورية بتوقيعه بعض الانفراجات. واستدارات من قبل المتشدّدين الآن ضدّها، والجميع ينتظر ربع الساعة الأخيرة. ما بين ظريف وكيري… اتفاق أم استمرار العقوبات.
المرحلة المقبلة في سورية أصبحت بين أيدي الجميع، لا بأس إنْ كان من حلّ جدّي يخرج بسورية من أزمتها… هل يمكن أن يكون توافق روسي أميركي لمواجهة الإرهاب؟ من خلال تكامل التحالف الأمبركي القائم حالياً مع الدول التي تحارب الإرهاب فعلاً، أيّ من دون تخطي سورية.
طرح الروس بالتكامل بين دول المنطقة تركيا والسعودية والأردن مع أميركا ما زال غير واضح حتى الآن. فهذه الدول لم تقدّم أية مؤشرات لدخول مثل هذا التحالف، لأنها أساساً داعمة وحاضنة للإرهاب بمسمّياته المختلفة.
تركيا لم تبد أيّ مؤشر لمحاربة الإرهاب أو حتى «داعش»، لأنها أول من سرق المعامل السورية والنفط السوري والقمح، وهي التي تهيء لداعش جميع الظروف وتسعى لمغامرة ما؟
الحشود العسكرية على الحدود، عمل استخباري للتدخل إذا استطاعت في الأرض السورية… بحجة أنها تحاول الحفاظ على الأمن القومي التركي، وتسعي أيضاً لبناء الجدار الصهيوني؟ أيّ فعل تركي، مغامرة تنعكس عليها ويهدّد كلّ حدودها…
لم تعتبر تركيا ما يدعى بـ«الدولة الإسلامية ـ داعش» بعد سنتين مصدر تهديد لها، السؤال هل تغامر تركيا أم لا؟ ولماذا هذا الطرح الآن؟ الأمر معلق إلى حين تشكيل حكومتها. هذه المغامرة ترتدّ على تركيا والمنطقة، لإمكانية تدخلات دولية وتغيّر في حدود المنطقة.
روسية تحاول تشكيل تحالف لمحاربة كلّ الإرهاب وليس «داعش» فقط… لو وظفت القوة العربية المشتركة لمحاربة الإرهاب بدلاً من تدمير اليمن، لو دافعت كلّ دولة عن ذاتها ضدّ التطرف والإرهاب، لانتهى قبل انتشاره إلى سيناء وتونس والكويت… و…
ظنوا أنهم بمدّ أذرعهم الإرهابية إلى الداخل السوري والعراقي سيحققون مآربهم ضدّهما، ويجعلهم في مأمن منه… وخاصة أنّ «إسرائيل» تغذيه وتشحن حلفاءها الإقليميين ضدّ إيران وتحارب سورية والمقاومة بأذرع الإرهاب التي سُخّرت لخدمتها.
المرحلة المقبلة لا تتضح ملامحها بشكل جدّي لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه. خاصة في الدول العربية التي أُشغلت بمشاكلها الداخلية… مصر اقتصادياً وأمنياً… الخليج أغرق في قضية السنة والشيعة… السعودية غرقت في مستنقع اليمن…
أما دول الإقليم… إيران بملفها النووي… تركيا بانتخاباتها.. روسية بأوكرانيا… المؤامرة كبرى والإرهاب سيطاول الجميع ويرتدّ إلى مصنّعيه… إنْ لم يكن من جدية للقضاء عليه… فهل تتحقق المعجزة على يد بوتين القيصر الروسي الحليف…؟