الديهي: إيران هي الطرف الأهم في المستقبل سنجاب: مصر تعمل على بناء قاعدة اقتصادية قوية
القاهرة ـ فارس رياض الجيرودي
دار كثير من الجدل بين الإعلاميين والمحللين حول اتجاهات الدبلوماسية الخارجية المصرية بعد ثورتي 25 كانون الثاني و30 حزيران، وعن علاقات مصر المعقدة مع كل من الولايات المتحدة الاميركية وروسيا والسعودية وإيران، وعن مواقفها من الملفات الاقليمية، وموقعها ضمن الأزمات المتفجرة في كل من سورية واليمن وليبيا والعراق، لإلقاء المزيد من الضوء على السياسة الخارجية لمصر، فتوجهنا لاثنين من الاعلاميين المصريين والمحللين السياسين في اثنين من أهم الصحف المصرية، محاورنا الأول نشأت الديهي وهو إعلامي ومقدم برامج مصري وكاتب رأي سياسي في كل من «الوطن» و«الأهرام» المصريتين ومقدم برنامج في «قناة التحرير» المصرية وله العديد من المؤلفات، الديهي يرى أن الدبلوماسية المصرية مرت بمتغيرات كثيرة خلال السنوات القليلة الماضية، ففيما كانت السياسة الخارجية المصرية في زمن النظام السابق ما قبل ثورة 25 كانون الثاني 2011 سياسة باهتة بلا معالم واضحة، تحولت في فترة ما بين ثورتي كانون الثاني وحزيران «لسياسة مؤدلجة نتيجة لسيطرة التيار الإسلامي على السلطة في مصر، حيث غاب مفهوم المصلحة الوطنية عن ذهن صناع القرار السياسي في هذه الفترة، وتم تغليب مقتضيات الانخراط في الحلف الاقليمي التركي القطري المصري حينها، على مقتضيات الأمن الوطني المصري، ووصل الأمر لذروته مع إعلان الرئيس المخلوع محمد مرسي قطع العلاقات الدبلوماسية مع سورية وإغلاق السفارة، وإعلان الجهاد ضد الجيش والدولة الوطنيين في سورية، حيث ساهمت هذه الخطوة بنسبة كبيرة في قرار الجيش المصري التحرك استجابة للطلب الشعبي المصري لإسقاط حكم الإخوان».
ويعتبر الديهي أن السياسة الخارجية المصرية دخلت مرحلة جديدة بعد ثورة 30 حزيران 2013، حيث نلاحظ أن «مخططي الدبلوماسية الخارجية المصرية عملوا على محورين اقليميين رئيسين:
أولاً: استعادة العلاقة مع الدول الأفريقية التي تحوي منابع النيل وعلى رأسها اثيوبيا.
ثانياً: توطيد العلاقات مع دول الخليج التي تعوّل عليها مصر من أجل تدفق الاستثمارات الاقتصادية والمعونات المالية، أما على المستوى الدولي فتم العمل على بناء علاقة قوية مع روسيا على التوازي مع العلاقة مع الولايات المتحدة».
في المقابل اعتبر الإعلامي ابراهيم سنجاب المحلل السياسي والكاتب الصحافي في جريدة «الأهرام» أن «صانع القرار المصري ينطلق من مرتكزات عدة أولها العمل على ترميم الوضع الاقتصادي داخل مصر حتى يشكل في المستقبل قاعدة متينة تمكن مصر من التقدم بمشروع للمنطقة، ومن تأدية دور اقليمي أفعل»، ويشير سنجاب هنا الى مشروع «قناة السويس الجديدة» التي ستفتتح خلال أيام، وهي أحد المشارويع الاقتصادية التي تعول عليها القيادة المصرية، وإلى جانب العمل على بناء قاعدة اقتصادية قوية، تعتبر المعركة التي تخوضها مصر مع تنظيمات الاسلام السياسي بفروعها المختلفة أحد أهم المنطلقات التي تحدد السياسة الخارجية المصرية، وهذا ما يجمع عليه سنجاب والديهي، كذلك يجمع محاورونا على أن المواجهة مع «الإخوان المسلمين» هي سبب توتر العلاقات مع السعودية، وذلك على رغم حرص المسؤولين في البلدين عدم إخراج التحدث في شكل رسمي عن الخلاف، ويقول الديهي: «حصل تراشق إعلامي بين السعودية ومصر ولا تراشق إعلامياً بلا خلاف سياسي، وسبب الخلاف إصرار السعودية على دعم جماعات الإسلام السياسي بشقيها «الإخواني و الوهابي»، في كل من اليمن وسورية، وعلى إشراك «الإخوان» في أي تسوية قادمة في ليبيا، ومعلوم أن هذه الجماعات تخوض حرباً شرسة مع الدولة والجيش داخل مصر»، وقال سنجاب: «لا يمكن إلا لجاحد أن ينكر دور السعودية في دعم مصر اقتصادياً في مرحلة ما بعد ثورة 30 حزيران، لكن هذا لا يعني أبداً تحول مصر لتابع للسياسات السعودية»، ويضيف: «مؤسسة الجيش في مصر تنظر للجيش السوري كشريك في محاربة الإرهاب، ولذلك تبذل مصر جهوداً في الكواليس لتليين مواقف السعودية المتشددة من سورية».
أما الديهي فيرى أن مصر تجد نفسها متقاطعة مع المحور الروسي الإيراني السوري في مواجهة الإرهاب، وهو يؤكد أن الواقع السياسي في المنطقة قد تغير تماماً بعد توقيع إيران الاتفاق النووي مع الدول الست الكبرى في العالم وبعد نيلها الاعتراف العالمي بمكانتها ودورها في ملفات الإقليم، ويوضح الديهي: «إيران ليست طرفاً مهماً فحسب، بل هي اليوم الطرف الأهم في الإقليم، وهي برأيي شرطي المنطقة المقبل، وذلك بعد فشل تركيا بالقيام بهذا الدور، والدولة العميقة في مصر تقرأ هذا الواقع جيداً، وحالياً هنالك كلام جدي في أروقة صنع القرار المصري عن ضرورة الانفتاح على إيران، خصوصاً أن لا مشاكل حقيقية بين البلدين»، يضيف الديهي: «عالم اليوم تغير ومصر قادرة على إقامة علاقات متوازنة بين الشرق والغرب، فعلاقتنا مع اميركا والسعودية لا يجب أن تكون على حساب علاقتنا مع روسيا وإيران».