قمة السيسي ـ عبدالله: آفاق العلاقات المصرية ـ السعودية

حميدي العبدالله

عقدت قمة في طائرة الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز في مطار القاهرة جمعته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ووضعت هذه القمة في إطار العلاقات الخاصة التي تجمع النظام المصري الجديد مع النظام القائم في المملكة السعودية.

المسألة الملحة من جانب الكثير من المتابعين للعلاقات بين البلدين تكمن في معرفة ما إذا كانت هذه العلاقات ستبقى علاقات استراتيجية ودائمة، أم أنها مجرد علاقات ظرفية، أملتها اعتبارات وتقاطع مصالح سرعان ما ستزول لاحقاً؟

لاشك في أن من السهل تفسير أسباب التقارب الآن بين القيادتين المصرية والسعودية، فالقيادتان يجمعهما العداء لجماعة الإخوان، إذ هناك اقتناعاً عميقاً لديهما أن هذه الجماعة تشكل تهديداً لنظام الحكم في البلدين، إضافةً إلى ذلك مصر تحتاج إلى دعم السعودية السياسي والمالي للصمود في المعركة التي تخوضها ضد جماعة الإخوان التي تحظى بدعم كل من تركيا وقطر. دعم السعودية السياسي يوفر غطاءً للنظام الجديد في وجه أي ضغوط محتملة من الولايات المتحدة كون السعودية حليفة للولايات المتحدة مثل قطر وتركيا، إضافةً إلى ما يمثله هذا الدعم من غطاء أيديولوجي في وجه محاولات تكفير النظام المصري الجديد من جانب ما بات يعرف بتحالف دعم الشرعية في مصر. كما أن مصر التي تعاني من أزمة اقتصادية حادة بسبب الفوضى السائدة منذ مطلع عام 2011 هي بحاجة ماسة للدعم الاقتصادي، والدول الخليجية وحدها القادرة على تقديم هذا الدعم في ظل الأزمة التي تعصف بالاقتصاد الغربي. أما السعودية فتراهن على أن هذا الدعم السياسي والمالي الذي تقدمه يشكل الضمانة للحؤول دون خروج مصر من دائرة السياسات المعتمدة منذ رحيل الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1970.

تقاطع المصالح هذا على المدى القريب يفسر العلاقات الإيجابية القائمة الآن بين القيادتين والتي عكستها تصريحات متبادلة عبر عنها السيسي ومسؤولون سعوديون آخرون.

لكن المعضلة الأكبر التي تواجه هذه العلاقات هي على المدى الأبعد، فالحفاظ على استمرار العلاقات الإيجابية مرهون بأن تكون سياسات مصر الخارجية، على المستوى العربي والإقليمي والدولي، مطابقة للسياسة السعودية، ومعروف أن السياسة السعودية الخارجية هي امتداد للسياسة الأميركية، وإذا ما اعتمد النظام الجديد في مصر مثل هذه السياسات فهذا يعني أنه سيعتمد السياسة ذاتها التي كانت معتمدة في عهد مبارك، وتحالفات مصر مع الدول الغربية والدول الخليجية، ستعني استمرار السياسات الداخلية على ما كانت عليه في عهد مبارك أيضاً، وكل ذلك يؤكد أن مصر عادت من جديد إلى الدوران في الفلك الغربي والخليجي، الذي حال في السابق دون اضطلاعها بدور يتناسب مع موقع مصر وحجمها، والذي شهد عصراً ذهبياً في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولكن الشرط الأساسي لاستعادة مصر للعب مثل هذا الدور مرهون باعتماد سياسات مماثلة لسياسات الرئيس جمال عبد الناصر، فهل العهد الجديد مستعد لمثل هذا الخيار وتحمل تبعاته، ومن أولى هذه التبعات تدهور العلاقات مع الحكومات الخليجية؟ سؤال تصعب الإجابة عليه منذ الآن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى