«دعوة إلى عرس قيس وليلى» لعبد الغني طليس… عبارات تتهجّى الوطن والعشق الأزليّ
لمى نوّام
أقامت «ندوة الإبداع»، ندوة حول ديوان «دعوة إلى عرس قيس وليلى» للشاعر الإعلامي عبد الغني طليس، وذلك لمناسبة افتتاح موسمها الثقافي الجديد 2015/2016، بحضور مدير عام وزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة ممثلاً رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، الرئيس حسين الحسيني، رمزي دسوم ممثلاً النائب ميشال عون، فيرا يمّين ممثلة النائب سليمان فرنجية، مدير عام وزارة الثقافة فيصل طالب، رئيسة «ندوة الإبداع» سلوى الخليل الأمين، السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وشخصيات.
قدّم للندوة وأدارها الإعلامي الناقد سليمان بختي، ثم ألقت الأمين كلمة قالت فيها: «يبقى في الأرض مكان للحبّ والحقيقة، حين تسقط الضمائر السوداء الملوّثة بدخان العقول الميتة. فالحبّ معجزة من خفق، وطيوب وصلوات. والشعر وثيقة الحبّ المختومة باستمرار الحال، حين تتطهر الأنفس من الأحقاد. والشاعر ربان القصيدة المبحرة على أشرعة الهيام، يقودها أنّى يشار، مهما ضاقت رقعة جغرافيا الشعر أو ارتفع المقام. فقيس بن الملوّح العاشق العربي في زمن الحبّ العذري، أورثنا الحبّ الرومنسي الشفيف، الذي لم ينل من ليلى الحبيبة مرتعاً، حين الشاعر عبد الغني طليس ضيفنا الليلة، يدعونا إلى عرس قيس وليلى. وبما أن للعرس دائماً مروجه السندسية وابتهاجاته العنبرية، وعباراته التي تتهجّى الحبّ والوطن والعشق الأزلي، سنفرح معاً بالاستماع إلى الشعر ينسدل رقراقاً من ضيفنا، عاشق الوطن الذي حمل قصيدته على صهوة جواد أبيض، وبِيده صنوج الحبّ، مواعيد ندية، ترطّب ليلتنا هذه، بعد أغمر فواجع، لن تجعلنا نستسلم للقهر والإرهاب والقتل المجاني، فكلنا أبناء الحياة والحبّ، وكلّنا للوطن».
ثم تحدّث طالب قائلاً: «يتابع عبد الغني طليس رحلته الشعرية في إطار التزاوج العاطفي الجمالي النضالي، والعلاقة الجدلية بين الخاص والعام، في مشهدية فنية تحكي عاشقاً غضاً يحمل في أعماقه براءة الساعين إلى الوجود الحيّ. عبد الغني طليس، هذا اللابس لبوس الباحث عن الحرّية، المرتحل في دروب الوعر، اللاهث وراء طيف التصالح، المداوي جرح الافتراق بترياق العاشقة بواقعية، والمفكر برومنسية الحالم بسبل الخلاص من أدران الغربة والكره والموت والاجتماع والسياسة وتقديس الثابث وعوف المتحول، وإدمان الفراغ والحراب واليأس والحزن، والهروب إلى الأمام بأحمال البؤس والتعس، ولو أودت إلى الرمس، والمحرّض على ارتداء ثياب العرس في المأتم وكشف الوجوه المقنعة بالمواجهة الحرة الجريئة».
ثم تحدّث الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى غالب غانم الذي قال: «حين دقّ الشعر على بابه زمن اليفاعة، راحت هالة عبد الغني تكبر في أعين أنداده لتعوّض عن صورة الفتى الجموح الذي ضاق صدره بأنظمة وأماثيل، بصفّ وجدران، كما توحي سيرته الذاتية المنظومة قصيدة رائدة في ديوانه ـ على رؤوس العالمين ـ وهو يقول في القصيدة إياها، الموسومة ـ أبو مدى ينصرف إلى نفسه ـ إنه أخذ من الأهل شيئاً ومن السهل شيئاً، وجاور قلعة لم تفارق خيولاً، ولم تسلخ بنيها بغير البساطة والعنوان المحلي بقلب رحيم. وأنه انطلق من بلدة كان جده على مسارحها فارساً، والحصان تبسم مستسلماً تحته. وأن بيروت نادت أباه العسكري فجرّ وراء أوامره عائلة أو كتيبة تحتاج إلى قيادة حقيقية وإلى أمّ على هيئة صبر جميل، وإلى سواعد جدّة مستعينة بالله، نظراً لعديدها. ويقول أيضاً إن الرمل في برج البراجنة حيث السكنى. رمل كثير لتشرد فوق التلال مع الشاردين خفافاً تريدون عنترة… عبدة من جديد. وإنه حتى تتم لدّة التواصل مع الطبيعة، كانت بعض جبال لبنان: حيث يلفّ الضباب فراشك، محطة صيف للعائلة، وكان مقهى الروضة حيت البحر يلقي بعينيك أفكاره، وهنا الأفق أقرب من مدة اليد، والنورس المتنهد يغفو وأحلى المواعيد في العشق، أحلى الفراقات، أحلى الكتابات، هنا روضة هي أحلى جهات المدينة سلماً وحرباً وقيساً وليلى».
وفي الختام، كانت للشاعر المحتفى به قراءات ومقتطفات شعرية من ديوانه «دعوة إلى عرس قيس وليلى».
يمّين
«البناء» التقت على هامش الندوة، عضو المكتب السياسي في تيار المردة الإعلامية فيرا يميّن، التي أدلت بالتصريح التالي: «عبد الغني طليس هو اكتشاف مبكر، لأنه من الصعب أن يكون الإنسان نوعياً، ويستطيع أن يطال أكبر شريحة من المتذوقين لشعره. هذه مقاربة ليست سهلة. عبد الغني طليس من الشعراء القلائل الذين يملكون عمقاً كبيراً، و في الوقت نفسه لديهم الشعر الشعبي الذي يُشبه الأغنية، إضافة إلى أن في رصيده نصوصاً غنائية».
وأضافت: «هذا العرس النابع من وجع، الذي يدفعنا إلى البحث عن لحظات ضوء في تاريخنا، عسانا نستقي بعضاً من نور، ونغزل منه شمساً في هذه العتمة التي نعيش. أعتقد في إلقائه بعضاً من قصائده، صدح بصوتٍ صارخ، بصوتٍ فيه الكثير من الوجع والضياع، وفي الوقت عينه لا يخلو من أمل يستقيه من الشعر، لأن الشعر بالنسبة إلينا كجمهور متلقّ كان حاضراً بكثافة، هو مخزون أساس كي نعود إليه، فهو يُشكّل بالنسبة إلينا بحسب المثل الشعبي القائل ـ الغلّة في زمن القلّة».
وقالت: «ما لفتني، والشكر لأصحاب الدعوة، خصوصاً الدكتورة سلوى الأمين، عدد الحضور، لا سيما أننا نفتقر مؤخراً للحضور الكثيف في الندوات والأمسيات الثقافية. لكنني فوجئت في ندوة ـ دعوة إلى عرس قيس وليلى ـ بالحضور والقاعة الممتلئة، وفاجآأي أكثر أن الحضور من مختلف الفئات العمرية».
الأمين
من ناحيتها، قالت رئيسة «ندوة الإبداع» الدكتورة سلوى الخليل الأمين في حديث إلى «البناء»: «كلّ سنة في ندوة الإبداع، نفتتح موسمنا الثقافي في تشرين الثاني، على اعتبار أننا نكون قد أقدمنا على مشارف سنة جديدة. افتتحنا موسمنا الثقافي هذه السنة بتسليط الضوء على كتاب دعوة إلى عرس قيس وليلى للشاعر عبد الغني طليس. هذا الشاعر والإعلامي المتمكّن. تابعته شخصياً منذ كان مشتركاً في برنامج استديو الفن، وقد نجح كشاعر في البرنامج، ونال الميدالية الذهبية. والحظ أيضاً ساعده في عملية الانتشار، فهو إعلاميّ وشاعر وأستاذ جامعي. وكتبه يتداولها القرّاء بنهم، لأن شعره يدخل في صميم الذات البشرية، ويطرُق مواضيع من واقع الحياة. ودعوة عرس إلى قيس وليلى، العنوان وحده يُعيدنا إلى أيام الدراسة وما قرأنا عن غرام قيس وليلى، هذا الحبّ العذري الشفيف، الذي كان حلم كلّ شاب وفتاة».
وختمت الأمين: «العودة اليوم إلى التراث هي عودة جميلة. خصوصاً أننا في لبنان نعيش هذا الزمن المتقلّب والمتغيّر والمأسوي. فعلى أهل الثقافة والفكر أن يصنعوا هم أنفسهم ثقافة الفرح والحياة، لأن هذه الندوة المتميّزة لم يخرُج منها أحد إلا وهو سعيد وفرِح».