أخيرة

صراع

لو قيِّض لي أن أكون منظّراً استراتيجياً لحكومة صاحبة الجلالة أو صاحب الجلالة لبريطانيا العظمى… لفعلت نفس الذي تفتّحت قريحة منظّريهم قبل ثلاثة قرون عنه للسيطرة على منطقة «الشرق الأوسط» ولتفتيت الشعوب… وقبل هذا وذاك لضرب الإسلام والمسلمين، وهي تتلخص في نقطتين… الأولى أن أحدّد الكتلتين الأكبر والأكثر وزناً في الجسم الإسلامي، والثانية هي أن أخلق أدوات داخل ذلك الجسم أعوّل عليها في التنفيذ.

هل كان يجدي أن أخلق حالة من العداء والكراهية بين كتلتين غير متكافئتين؟ هذا لن يخلق صراعاً مستداماً دموياً كفيلاً باستنزاف الأمة إلى ما شاء الله، وهو ما تصبو اليه إمبراطورية الشر. الحكمة الخالدة والتي هي من مخرجات العقل الأنجلوساكسوني الشيطاني… فرّق تسد… تقتضي أن تكون الكتل المتقاتلة والمتنابذة هي كتل متساوية أو شبه متساوية حتى يدوم الصراع، ويدوم الاستنزاف ويدوم تبديد القوى واستهلاك الطاقات للطرف الآخر… فيذوي هذا العدو بفعل تناقضاته الذاتية وبفعل تفعيل هذا التناقض وإشعاله والاستمرار في تأجيجه بالإدارة من الخارج، ومن الداخل باستعمال الأدوات الداخلية.

كان لا بدّ ان يكون التناقض بين السنة والشيعة… وكان لا بدّ من صناعة أداة داخلية، وهي في حالتنا الحركة الوهابية، لا ترى أيّ عدو آخر ولا ترى أيّ نقيض آخر سوى أولئك «الروافض الكفرة المرتدّين»! لا ترى في بريطانيا عدواً! ولا ترى بعد ذلك في أميركا عدواً! ولا ترى لاحقاً في «إسرائيل» عدواً! العدو الذي يجب التصويب عليه ومقاتلته والاستمرار في ذلك إلى ما لا نهاية هم هؤلاء «الروافض الكفرة المرتدّين». ويستمرّ الصراع، ويستمر الاستنزاف، فيما العدو الحقيقي للأمة جالس يضع ساقاً على ساق، يتجرّع الجعة، كما قال «جيفري فيلتمان»… فرح في ما يرى… وفي ما أبدعه عقله الشيطاني.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى