الوطن

حزب الله ومنظومة «عقده الماسي»

} السيد سامي خضرا

لا تُشكلُ جمعية القرض الحسن إلا حبةً من «العقد الماسي» التي تتألف منه المنظومة المتكاملة لمجتمع الجهاد والمقاومة.

فنشاط القرض الحسن وَتَّر الأعداء وصغارهم وجعلهم يخرجون عن أطوارهم ويُحيكون القصص حول دور ونشاط هذه الجمعية التي أُنشئت من اليوم الأول بِنيةٍ ناصعةٍ كالثلج وصافيةٍ كالماء الزُّلال فكان أن نَمَت بهذه التوفيقات إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم حيثُ شكَّلت درعاً متيناً لأهلها ومجتمعها ومتراساً في وجه الوجودات الوحشية المفترسة التي تحيطُ بها.

وما عُلِم عن هذه الجمعية أثار حفيظة الحاقدين والمبغضين فكيف لو علموا بما هو أهمّ وأعظم؟!

 وكيف لو علموا بِبَقية «العقد الماسي» الذي يُشكِّل درع المقاومة (وهو ليس سرياً بالمناسبة) والذي يهتمّ عبر سلسلةٍ مفخرة من المؤسسات التي تُعنى بالجوانب الصحية والتعليمية والإستشفائية والزراعية والبيئية والإعلامية ومتابعة حالات الفقراء وأولي الفاقة والمستضعفين كذلك المؤسسات التي تهتمّ بالشؤون الخَدَماتية والتي لم تبخل يوماً على شعبها الذي تحترمه ويحترمها بكلّ ما يحتاجه ويُيَسِّر أُمورَه وإنْ كان شُربة ماء.

وتأمين شربة الماء هذه ليس تعبيراً مجازياً أو فيه مبالغة بل هو حقيقةٌ واقعية ولها قصةٌ مستقلة:

فهل يعلم اللبنانيون والمسؤولين منهم خاصةً وكذلك وسائل الإعلام وبالأخص المسؤولين الأميركيين المعنيين بتخريب الوضع اللبناني, هل يعلم كلّ هؤلاء بأنّ هناك مشروعاً عمره أكثر من ثلاثين عاماً يُوفِّر مياه الشرب للضاحية وكلّ العابرين والقاصدين أُطلِق عليه اسم «مشروع العباس» وهو يُؤمِّن وبشكلٍ يومي وعلى مدار الساعة مياه الشرب العذبة المُتاحة لكلّ قاصدٍ!

وهذا بحدّ ذاته موقفٌ ومَظهرٌ وخطوة حضارية لا نظير لها في هذا البلد.

 فالقيادة التي تحرصُ على راحة شعبها ومعيشته وأمنه وصحته وغذائه وتعليمه وتربيته هي القيادة التي يُحبّها الناس بالفطرة ومن دون أن يطلب أحدٌ منهم ذلك.

ومن ثم يأتي أرعن مُفرغاً بعض حقده وغيظه الذي أرَّق أحلامه ليتساءل بطريقة سخيفة سطحية عن نشاط وتأثير هذه المؤسسات، فكيف لو عَلِم بتفاصيل الخدمات التي تُقدّمها للناس بما لا يُقاس مع ما تُقدمه الدولة الناسية لمواطنيها فأصبحت منسيةً من قِبَلهم!

وبعد كلّ هذا يحار المراقب من توالي الحملات الأميركية العدائية المتكرّرة على حزب الله وهي حملاتٌ مليئةٌ بالسَّقطات والهفوات والتي غالباً إما تنتهي إلى أن لا تكون مؤثرة وإما لا تصل إلى أهدافها وإما وهذا الأخطر عليهم أن تُعطي نتائج عكسية بخلاف ما أراد المُعتدون!

فمع غزوة النَّيْل من القرض الحسن لم تكن النتيجة فقط تفويتاً لأهداف المعتدين إنما كانت فرصة لمزيدٍ من التَّجذُّر في وجدان الناس والإلتفاف الواثق الذي رفع من شأن المؤسسة المستهدفة وأعطاها دفعاً لم تُخطِّط له.

بل يستغرب المرء عندما يرى هذه الخطوات المرتبكة فليس سراً أنّ حزب الله يمتلك مؤسسات متكاملة ذات تأثيراتٍ واسعة تشمل كلّ المحيط ومَن أراد أن يستفيد.

وهذه المنظومة تشكل الدرع الحصين لمسيرة المقاومة المُظفَّرة لِذا نرى هذه القوة وهذا الإلتفاف وهذه الثقة التي يُمْحِضُها الناس لهذه المسيرة بما يصعب أن تتوفر مع أيّ كيانٍ معنويٍ مُفترض.

والشيء الذي يُميّز العاملين في كلّ هذه المؤسسات مهما كَبُرت مسؤوليتهم واتَّسَع نشاطهم هو التواضع والخُلق الحسن والمساعدة لتيسير أمور الناس والإبتسامة الدائمة من دون أن يطلبوا لأنفسهم مقابلاً لأنهم يعلمون أنهم يعملون لوجه الله تعالى وليس لأشخاص مُحدَّدين.

وهذا الأمر قلَّما نجده في بيئة أخرى.

وهذه النوعية من العاملين كما هذه النوعية من المؤسسات هي من سنخ الثورة الإسلامية الأم التي يقتدون بها.

هكذا شعب وهكذا قيادة يستحقون كلّ تقدير ترخص أمامه بهارج العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى