حديث الجمعة

كُن صبوراً..

روى الفيلسوف الهندي الشهير (بيدبا) في كتابه (خُرافات)، أنّ حماراً فقد ذيله، وكانت تلك مصيبة أليمة الوقع عليه ومحزنة! فراح يبحث عن ذيله في كلّ مكان، فقد بلغ به حمقه أنه اعتقد أنه اذا عثر على ذيله المقطوع فسيعيد تركيبه مكانه!

وأثناء بحثه عن ذيله المفقود، دخل بستاناً ومشى فيه على غير هدى، فكان يطأ المزروعات ويتلفها، ويصطدم بنبات الذرة فيطرحها أرضاً!

وعندما رآه البستاني جُنّ جنونه، فحمل سكيناً وتوجّه إليه بسرعة وقطع له أذنيه وأخرجه من البستان بالضرب والركل!

وهكذا فإنّ الحمار الذي كان يندب ضياع ذيله من قبل، صار عليه الآن أن يندب ضياع أذنيه أيضاً !

تبقى القصة قصة وسوق الأمثلة مجرّد أمثلة لكشف العبر منها.

على الرغم من أن الخسارة تسبب لنا الألم، ونحن مدفوعون بطبيعتنا البشرية إلى تجنب الألم اكثر مما نرغب في الحصول على المتعة، لكن علينا أن ندرك أنه لا بأس ببعض الخسارة والألم، وأن الألم جزء ضروري من رحلة الحياة. وعندما ندرك الدور الكبير الذي لعبته الخسارة في حياة أكثر الأشخاص نجاحاً على هذه المعمورة، فسنتقبله أكثر، بل سنفتح أفئدتنا وعقولنا له وسنشعر بالفرحة بدلاً من التعاسة عندما يحل الفشل ضيفاً على حياتنا.

إنً الشيء الرائع في الخسارة هو أن الأمر متروك لنا كلياً لتحديد كيفية النظر إليه، يمكننا أن نختار النظر إلى الخسارة على أنها (نهاية العالم)، أو يمكننا أن ننظر إليها على أنها (تجربة تعليمية مدهشة) كما هو في كثير من الأحيان. في كل مرة نخسر فيها يمكننا اختيار البحث عن الدرس الذي من المفترض أن نتعلّمه، فبهذه الطريقة فقط ننمو ونتقدم ونصل إلى أعلى درجات التميز.

عندما نخسر أو نفشل في شيء ما فنحن نتعلم ونكتسب وجهات نظر جديدة حول العالم من حولنا. كما أن الخسارة تجبرنا على الخروج من منطقة الراحة وتتحدانا للقيام بقفزات كبيرة. هذه هي أهمية الخسارة التي تعد الحجر الأساس في أي نجاح.

كلنا نثرثر عن صغائر المصائب ونتباكى عن الأحزان، لكن الغلبة لمن يتعاطى مع البلايا كتمرينات قفز حواجز.

كلما خذلكم الشتاء بوابل الدمع لإفساد محصولكم، اصبروا حتى حصاد موسم ربيع البسمات، والغلبة لمن يعجز سارق الفرح عن نشل محافظ بهجته وإصراره.

الحكيم من يتنعم بعذب الماء حال تدفقه لا ساعة وقوفه عن السريان في الجدول.

لذا فكّر كالملوك لأن الملوك لا يخشون الفشل والخسارة بل يرحبون بهما ويفتحون عقولهم وقلوبهم لهما، لأنهم ببساطة يعلمون يقيناً أنه خلف كل فشل وخسارة تكمن فرصة ثمينة، وأن الخسارة والفشل يمكن أن يكونا خطوة جريئة نحو القمة والعظمة.

استشعر منحى الضياء حال سطوعه ولا تخشى العتمة أبداً.

صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى