أولى

التعليق السياسي

الهدنة اليمنيّة

 

انتهت مدة الهدنة الأخيرة المجدّد لها مرتين في اليمن، وفشلت محاولات تجديدها، والسبب واضح وهو أن ما كانت وعوداً قدمها الوسطاء لأنصار الله وحكومة صنعاء ليضمنوا موافقتهم على الهدنة ومن ثم تجديدها، بقيت دون تحقيق، ولم يكن سراً أن حكومة صنعاء وأنصار الله ربطوا منذ اليوم الأول الهدنة بفك الحصار، وما يعنيه من فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، وضمناً سداد رواتب الموظفين، وكانت التعهدات التي قدّمها المبعوث الأممي تترجم مجتزأة بطريقة مشوّهة ومشروطة وموسمية، ما جعل تجديد الهدنة إقرار قبول بالعيش تحت الحصار، وصولاً لجعل الحصار كبديل للحرب في فرض الإرادات السياسية.

مر الوقت المفترض للتجديد الطبيعيّ قبل نهاية الهدنة، وبدأ العد التنازلي للإعلان عن انهيار المفاوضات ومساعي تجديد الهدنة، ومطالب حكومة صنعاء وأنصار الله بنظر الوسطاء مشروعة ولا نقاش في كونها مطالب الحد الأدنى الإنساني والأخلاقي، لكن الوسطاء يطالبون اليمنيّين بأن يسدّدوا من شروط حياتهم وجوعهم ونقص المواد والدواء ثمن حفظ ماء وجه الذين شنوا الحرب على اليمن، بذريعة أن قبول هذه الشروط يُحرج أصحاب الحرب ويظهرهم في موقع الضعف.

هذا العذر الأقبح من الذنب، يجعل اليمنيين أشد تمسكاً بموقفهم، وهذا يعني أن المماطلة والتسويف سيؤديان الى انفجار الموقف، وما يقوله أنصار الله عن هذا الاحتمال، هو أنه إذا فرضت عليهم العودة للقتال فهم جاهزون، لكن هذه المرة لن تكون الحرب كما كانت، فثقل النيران سيكون في عمق دول الخليج المنخرطة في الحرب وفي خطوط التجارة الدوليّة بما فيها خطوط نقل النفط والغاز، في الخليج والبحر الأحمر وباب المندب.

في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا، وأزمة الطاقة العالمية، والكساد الاقتصادي وتراجع التجارة، هل يحتمل العالم حرباً بحجم ما سيحدث إذا أعلن فشل المفاوضات لتجديد هدنة اليمن، فقط لأن هناك من يريد إذلال اليمنيين الذين لا يطلبون إلا الحد الأدنى من حقوقهم بفتح المطار والميناء أمام الغذاء والدواء والمحروقات؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى