أخيرة

دبوس

كشف حساب

جنّنهم، هذا ما قاله أحد المتبوّئين لمرتبة قيادية في مرحلة تاريخية معينة، للمذيعة وهو يوصّف واحدة من جولات مفاوضات عرفات مع قيادات صهيونية في إحدى مراحل المفاوضات. كان الرجل يحاول ان يقيّم الأداء المبهر لعرفات في هذه المفاوضات، فالقيادة الصهيونية المقابلة أصيبت بحالة من الالتباس والحيص بيص بسبب براعة أبو عمار في إدارة تلك المرحلة من الأخذ والعطاء مع العدو، لكأنّي، وبسبب من عدم المقدرة على تبنّي منظومة من المعايير والمواصفات التقييمية للأداء الكلّي الاشتمالي، والتي نستطيع من خلال تسليط الضوء عليها ان نحصّل إلى الأداء العام، أكان ناجحاً مثمراً، أم كان عبثاً وهراءً وبلا طائل، انْ لم نقل فشلاً ذريعاً…
لكأنّي بالذي أطلق هذا التعبير، جنّنهم، يريد ان يعبّر عن اعتزازه وانبهاره بذلك الأداء، رغم انّ كلّ المعطيات، وكلّ التوثيق التحصيلي لمسيرة المفاوضات مع العدو، سواءً في مرحلة عرفات، ام في مرحلة سلطة محمود عباس لاحقاً، تشير بوضوح، وبدون مراء، الى انّ المسيرة التفاوضية كانت بمثابة كارثة تفريطية تنازلية ترتّب عليها ما يشبه الى حدّ بعيد، الضياع المطلق للأرض وللحقوق ولكلّ ما تبقَى لنا من وجود فيزيائي أو موضوعي…
نحن في مسيس الحاجة الى إعادة التقييم بعد ثلاثة أرباع القرن من النضال الشرس، انْ شئنا، على مستوى القاعدة، لمقاتلين ليس لهم مثيل في المقدرة على التضحية والبطولات المذهلة، ولكن البلاء كلّ البلاء كان دائماً يقبع هناك في منطقة الرأس، جسد يتدفق عطاءً وبذلاً بلا حدود، ورأس يعتريه كلّ أنماط التخاذل وسوء الأداء والتخبط، انْ لم نقل الخيانة والارتهان في كثير من المفاصل، ليس أمثل على ذلك من فقدان المقدرة على استشعار فداحة الحدث، وبالتالي تقمّص الحالة المناسبة لهذه الفداحة، من ردّ فعل رئيس سلطة أوسلو حينما أهدى ترامب القدس لكيان الإحلال، ثم استخرج من طاقية العجائب مشروع صفقة القرن، لم يفارق دعبس نفسه وانسجم تماماً معها في صميم ذاته المتواطئة المنبطحة، فذروة ما جادت به قدراته البائسة، كان نعت سفير أميركا في اسرائيل بـ “إبن الكلب”، والدعوة على ترامب بأن يخرّب الله بيته، على طريقة، لقد فازوا بالإبل، ولكننا أشبعناهم شتماً…!
هذه هي الطامة الكبرى التي ابتُلينا بها، وهذا هو نمط القيادات الذي اجتمع في العلمين، بحثاً عن وحدة وطنية لن ترى النور بقيادات كهذه إلّا في ظلال أوسلو.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى