أولى

واشنطن ومحاولة محاصرة وابتزاز المقاومة لإنقاذ الكيان وتجنيبه دفع ثمن هزيمته

‭}‬ حسن حردان
سريعاً حط وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المنطقة لترجمة توجه الرئيس الأميركي جو بايدن في دعم الكيان الصهيوني لإنقاذه من دفع ثمن هزيمته العسكرية المدوية التي تعرّض لها بفعل هجوم المقاومة المباغت في جنوب فلسطين المحتلة وإسقاط منظوماته الدفاعية والأمنية وما تبقى له من هيبة وقوة ردع، وبالتالي تجنيب الكيان تداعيات الهزيمة، ومنع المقاومة من استكمال انتصارها العسكري بانتصار سياسي وحصد المزيد من المكاسب التي تعزز قوّتها وشعبيتها وتؤدّي إلى تداعيات خطيرة داخل الكيان تفجّر التناقضات فيه وتزيد من فقدان ثقة المستوطنين الصهاينة بالأمن والاستقرار وعدم قدرة جيشهم على حمايتهم، ودفعهم الى الهجرة المعاكسة مما يفاقم من الخطر الوجودي للكيان…
ويبدو من الواضح أنّ بلينكن كشف في بداية زيارته للمنطقة التي بدأها بلقاءات مع المسؤولين الصهاينة، يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف:
الهدف الأول، استثمار القصف التدميري الوحشي الذي قام به جيش الاحتلال في قطاع غزة لممارسة الضغط على المقاومة في غزة لتحقيق الهدف الإسرائيلي الأميركي بإطلاق الأسرى من ضباط وجنود ومستوطنين صهاينة مقابل السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي يعاني من إحكام العدو الحصار عليه وقطع إمدادات الكهرباء والمياه والوقود والغذاء وإغلاق معبر رفح… وبالتالي انتزاع ورقة الأسرى من يد المقاومة من دون أن تحصل على ثمن إطلاق جميع الأسرى في سجون الاحتلال..
الهدف الثاني، ممارسة الضغوط على لبنان لمنع المقاومة في لبنان من الدخول في الحرب ضدّ الكيان عندما تقتضي الحاجة لمنع استفراد العدو بقطاع غزة وسحق المقاومة لفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني، في ظلّ تواطؤ من بعض الأنظمة العربية الخاضعة للضغط الأميركي لعدم تقديم الدعم للشعب الفلسطيني ومقاومته.. الذي ليس له ظهير يدعمه عملياً سوى محور المقاومة.
الهدف الثالث، الضغط لتوفير الغطاء الرسمي العربي للكيان الصهيوني لتمكينه من مواصلة سياسة الأرض المحروقة في غزة وصولاً إلى اجتياح القطاع لتدمير البنية التحتية للمقاومة وسحقها، وبالتالي تحقيق أهدافه بترميم قوته الردعية واستعادة هيبته التي أصيبت بمقتل بفعل هجوم المقاومة…
الهدف الرابع، إعادة خلق مناخات الإحباط واليأس لفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني وإحياء ما يسمّى مشروع الشرق الأوسط الجديد ومسار التطبيع الذي تضرّر كثيراً.
هذا التحرك الأميركي لقيادة الحرب ضدّ المقاومة وتمكين العدو من تحقيق أهداف حربه الوحشية ضدّ قطاع غزة، وتوّج بمشاركة بلينكن في اجتماع مجلس الحرب الصهيوني، يذكرنا بنفس التحرك الأميركي خلال حرب تموز التي شنها العدو ضدّ لبنان بقرار أميركي اسرائيلي مشترك، وزيارة وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليسا رايس للمنطقة ولبنان وتصريحاتها الداعمة لإسرائيل والتبشير بولادة «الشرق الأوسط الجديد»، قبل أن يُمنى جيش الاحتلال بهزيمة استراتيجية على أيدي رجال المقاومة الذين أذاقوا ضباط وجنود العدو دروساً قاسية في القتال ودمّروا دباباته، وحطموا جبروت قوته وكسروا هيبة كيان الاحتلال.. ولا شك انّ المقاومة في غزة باتت تملك من الخبرة في القتال والقدرات والإمكانيات، كما أظهر هجومها المباغت والناجح، ما يجعلها قادرة على تدفيع جيش الاحتلال أثماناً كبيرة، وإحباط أهدافه إذا ما حاول التوغل في قطاع غزة، أما محاولة ارتكاب المجازر ضدّ المدنيين في غزة للنيل من صمود الشعب الفلسطيني والتفافه حول مقاومته، ودفعه للهجرة مرة جديدة، فإنّ تجربة الاعتداءات الصهيونية السابقة على القطاع والمجازر، التي ارتكبتها، لم تزد الشعب الفلسطيني الا صموداً وتمسكاً بالبقاء وعدم الهجرة من القطاع.. ولهذا فشلت كلّ هذه الاعتداءات في تحقيق أهدافها.. إلى جانب أنّ جيش الاحتلال سيكون عليه هذه المرة إذا ما ذهب إلى تنفيذ خيار عملية برية واسعة في غزة، أن يواجه احتمال دخول المقاومة في لبنان وغيرها من أطراف قوى المقاومة في المنطقة على خط القتال لمنع استفراد العدو بغزة، مما سيجعله يواجه كارثة كبرى غير مسبوقة على مستوى حجم الخسائر التي سيُمنى بها وتلحق به هزيمة غير مسبوقة تهدّد الكيان برمّته بالخطر، أو أقله تحجّم هذا الكيان وتقلّص من احتلاله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى