بوتين يفاجئ: أنجزنا المهمة في سورية وسنسحب أغلب القوات… وقواعدنا باقية عون: سقطت النسخة التايوانية لـ 14 آذار… والرئاسات تخضع للميثاقية بالتساوي
كتب المحرر السياسي
كما في الذهاب كذلك في الإياب، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صانع المفاجآت، يرسم وحده سقوف اللعبة وقواعدها، ويجلب الآخرين إلى صحنه. قال دخلنا الحرب في سوريا لنمنع الإرهاب من التمدد وفعل، وقال الدولة السورية وجيشها عماد هذه الحرب وبالتنسيق معها تدخلنا، والتزم، وبالأمس قال بالتنسيق مع سوريا ومع رئيسها بدأنا بسحب أغلب قواتنا من سوريا وسنحتفظ بالقاعدتين البحرية والجوية ونوفر لهما الحماية براً وبحراً وجواً، وردت الرئاسة السورية التحية بمثلها، فأكدت أن الخطوة التي فاجأت الجميع ليست مفاجئة لها، فمنذ مدة يتم التنسيق التحضيري لذلك.
تزامنت الخطوة مع انطلاق محادثات جنيف للحل السياسي، والنظرة الروسية واضحة، أن الحرب تنقسم إلى قسمين، الأول هو حرب الحل السياسي كشرط لاستيلاد حكومة سورية موحّدة تكون شريكا مقبولا في تحالف دولي واسع تحت رعاية الأمم المتحدة للحرب على الإرهاب بعد فصله عن المكونات السورية الداخلية المستعدة للشراكة بحل سياسي يزخم الحرب على الإرهاب، وهذا القسم أنجزت مقدماته، وبات إنجازه يستدعي إخلاصاً من الشركاء الدوليين والإقليميين لتنفيذ موجباتهم ضمنه، لتنتج هذه الحكومة السورية وتنخرط بقبول ودعم وشرعية من القوى الدولية والإقليمية وتبدأ المرحلة الثانية التي لن تكون روسية، ولا دور فيها لروسيا خارج إطار التفويض الدولي الذي تشترط صدوره للانخراط فيها وبه حرب الحسم ضد داعش والنصرة.
بقوة التدخل الروسي جرت صناعة أرضية صالحة لحل سياسي يجمع المؤيدين للرئيس السوري الذين يشكلون شعباً وجيشاً الأغلبية المقاتلة والمنظمة ضد الإرهاب مع معارضيه الراغبين بالانتقال من أولوياتهم الوهمية بتغيير النظام، بينما الذي يتغيّر هو وجه سوريا وجغرافيتها اللتان تصبحان لقمة سائغة للإرهاب، وشرط النجاح في المهمة ترك قضية المناصب السيادية بما فيها الرئاسة لصناديق الاقتراع. وهذا ما نص عليه القرار الأممي، وبقوة التدخل الروسي جرت صياغة معايير فصل التنظيمات المستعدة للشراكة في الحل السياسي عن التنظيمات الإرهابية عبر معادلة الهدنة وتثبيت شروطها.
الانتقال للحرب على الإرهاب يستدعي استكمال المرحلة الأولى. والمهمة هنا صارت واجب الشركاء الغربيين الذين يتلكأون في أداء واجبهم ويتوهمون أن روسيا عالقة في منتصف البئر، وأن عليها أن تتخلى عن مفهومها للحل السياسي وعن تبنيها لتوسيع المفاوضات لتطابق، وفقاً لما ورد في القرارات الأممية، وإلا تغرق وحدها في مستنقع لا قرار له، فجاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليقول لسنا عالقين، أنتم ستختارون إن كنتم عالقين، فإما أن تؤدوا ما عليكم فتنعقد مفاوضات يشترك فيها الجميع وفي مقدمتهم الأكراد، رغماً عن عناد جماعة الرياض ودلعها، وتكون المفاوضات مسقوفة بالقرار الأممي، حيث الرئاسة شأن يقرره السوريون في صناديق الاقتراع، أو تنهار العملية السياسية، ويبقى الوضع في سوريا عند التوازن السلبي، والجيش السوري في وضع جيد والقوات الروسية في وضع جهوزية لحماية مواقعها وإسناد حليفها حيث يجب، وعلى مَن يخشى تجذّر الإرهاب ويريد تسريع الحرب عليه أن يمهّد الطريق بجهوده، لتولد حكومة سورية جامعة، يعترف بها الجميع، ليتم الانتقال إلى المرحلة الثانية من الحرب بشراكة هذه الحكومة وتحت مظلة الأمم المتحدة، وعندها شراكة روسيا ستكون من ضمن هذه المعادلة الجديدة، لكنها لن تكون حربها وحدها والآخرون يتفرّجون عليها ويستفيدون من إنجازاتها دون أن يؤدي أحد منهم ما عليه.
رمى الرئيس بوتين قفازه في يوم افتتاح مفاوضات جنيف، وقال تحمّلوا أنتم مسؤولية النجاح والفشل.
اللبنانيون الذين تابعوا بذهول القرار الروسي ولم تصلهم المعلومات الكافية لفهم خلفياته انقسموا في قراءته فمنهم من رآه ضغطاً على الشريك السوري، ومنهم من رآه تقرباً من الرياض، ومن رآه وضعاً للنقاط على حروف المفاوضات السياسية، وفقاً لمعادلة أوصلنا الأمور إلى نقطة حاسمة بفضل تدخلنا فتعالوا إلى حيث تنجح العملية السياسية دون مراوغة والكلام موجّه للغرب وحلفائه وفقاً لهذه النظرة. واللبنانيون المنقسمون حول كل شيء سيطول انقسامهم حول فهم الخطوة الروسية حتى يظهر الطرف الذي سيقدّم التنازلات في جنيف، هل سيقبل الوفد الرسمي السوري، كما يتمنى جماعة الرابع عشر من آذار، بطرح مستقبل الرئاسة للتفاوض، أم سيقبل وفد الرياض، كما يرى فريق الثامن من آذار، بمشاركة الأكراد في المفاوضات ويرتضي سقفاً للعملية السياسية بتشكيل حكومة تاركاً الرئاسة لصناديق الاقتراع؟
في ذكرى الرابع عشر من آذار، الانقسام أصاب الفريق نفسه، الذي غاب عن الاحتفالات التقليدية بالمناسبة، التي استردها العماد ميشال عون محتفلاً بها ليعلن أنه النسخة الأصلية، وأن النسخة التايوانية قد انتهت صلاحيتها، ومعها انتهى زمن العبث بالميثاقية التي ستحكم الرئاسات بالتساوي.
عون: لن نسمح بالتمديد للوضع المستمر
لفت رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون إلى أن «الداء اليوم هو قانون الانتخابات، وهو خلق عدم توازن وعدم إنصاف وعدم مشاركة في إرادة البلد، ولبنان مبني على التوازن والمشاركة، وقانون الانتخاب ارتكز على مجلس نواب باطل، فالمجلس وضع قانون انتخاب مفصلاً بشكل أن الطبقة الحاكمة في حينها يبقى لها الأكثرية واستخدموا التوزيع الطائفي الخاطئ»، مشيراً إلى أن «المسيحيين لا يطالبون إنقاص عدد نواب المسلمين، ولكن هذا القانون لم يحترم، فهناك خلل في التوزيع الديمغرافي».
ولفت في كلمته بذكرى 14 آذار في فندق الحبتور إلى «أننا لا نطالب بتغيير اتفاق الطائف بل تفسيره بشكل صحيح»، متسائلاً: «أين المناصفة بالتمثيل والقانون الانتخابي الذي سيحافظ على صحة التمثيل لمختلف شرائح الشعب؟ هل تحرمني من حقي وتطلب مني احترام قواعد العيش المشترك؟»، كاشفاً أنه «بعد تجربة 11 عاماً لست مرتاحاً، الحاكمون حاولوا تأخير عودتي إلى لبنان إلى ما بعد الانتخابات، وقالوا لي انتبه إلى المعارضة لا نريدها أن تنقسم، هم سرقوا منا الهدف والتاريخ والشعار، وسمّوا أنفسهم 14 آذار. اليوم سقطت 14 آذار التايوانية وبقيت 14 آذار الأصلية».
ولفت إلى أن «الميثاق الوطني يعين رئيس الحكومة الأكثر شعبية، وكذلك رئيس مجلس النواب»، متسائلاً: «لماذا لا يتم انتخاب رئيس للجمهورية الأكثر تمثيلاً؟»، مشدداً على أن هذه القصة انتهت ولن نقبل بعد اليوم أن تكون مصالح الشعب للبناني فريسة الأهواء والمصالح».
أضاف: «اليوم أعتقد أن الأبواب تشرّعت لكل أنواع الحلول، ولن نسمح التمديد للوضع المستمر منذ العام 1990 وحتى الساعة، لا تيأسوا، لأن لنا إرادة وإمكانات لتحقيق التغيير واستخدام جميع الوسائل للوصول إلى الغاية المنشودة».
إجراء بحريني بترحيل لبنانيين
بعد قرار دول مجلس التعاون الخليجي بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية، توالت الإجراءات الخليجية التعسفية بحق أشخاص تعتبرهم هذه الدول مقربين من حزب الله.
وقد أعلنت وزارة الداخلية البحرينية أمس، عبر موقعها على تويتر، أنها «أبعدت عدداً من المقيمين اللبنانيين بعدما ثبت انتماؤهم أو دعمهم لـ«حزب الله» «الإرهابي»، بحسب وصفها.
..والكويت تتريّث
وفي موقف يعكس تريثاً ورفض التماهي مع الدول الخليجية الأخرى في اتخاذ إجراءات ضد حزب الله، أعلن الكويت على لسان نائب وزير الخارجية خالد الجار الله «أننا ندرك أن «حزب الله» مكون أساسي في الحكومة اللبنانية وفي البرلمان». ونقلت وكالة «سبوتنيك» عنه قوله، «إننا نأمل ألا يكون «حزب الله» مرتبطاً في عمل يسيء للأمن القومي العربي».
وقالت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» إن «الإجراء البحريني يأتي في إطار عملية التصعيد ضد حزب الله»، متوقعة المزيد من هذه الإجراءات التي ستتخذها دول الخليج بحقّ مَن تعتبرهم مقرّبين من حزب الله». وأوضحت المصادر أن «الكويت لم ينجرّ إلى حفلة الجنون السعودي لارتباطه الجغرافي مع العراق وثانياً للحفاظ على استقراره الداخلي لوجود ثلث شعبه من الشيعة، وثالثاً حفظ خط الرجعة مع إيران، وفي الوقت نفسه لا يستطيع الكويت معاكسة السعودية لارتباطات مالية وديون، لذلك اتخذ هذا الموقف الرمادي».
وشدّدت على أن «التضييق الخليجي العملي بلا قيمة وبلا جدوى ولن يؤثر في إحداث شرخ بين المقاومة وبيئتها الشعبية».
قاسم: حملة السعودية على المقاومة تعكس الخيبة
وأكد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن «حملة السعودية على المقاومة، بما في ذلك إدراج حزب الله على لوائح الإرهاب الخليجية والعربية، ليست سوى تعبير عن الخيبة التي أصابتها بفعل فشل سياساتها ومشاريعها في المنطقة، ولا يمكننا السكوت عن الغطرسة التي يظهرها حكام السعودية وعن الجرائم التي ترتكب بحق الشعب اليمني والدعم المفتوح للجماعات الإرهابية في كل من سورية والعراق».
اجتماع أمني في السراي
على الصعيد الحكومي ومتابعة لملف النفايات والتطورات الأمنية الأخيرة، ترأس رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الكبير اجتماعاً أمنياً حضره نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والمدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
وعرض المجتمعون تطورات الوضع الأمني والجهود التي تبذل لضبط الأمن ومكافحة الجريمة في جميع أنحاء البلاد، فضلاً عن العمليات التي يقوم بها الجيش والأجهزة الأمنية ضد الإرهابيين في الداخل وعند الحدود الشرقية.
وطلب سلام من قادة القوى العسكرية والأمنية مواكبة الخطة الشاملة للنفايات تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع أي محاولة للإخلال بالنظام العام.
خطة النفايات.. انطلاق العمل الفني
وأوضت مصادر وزارية لـ«البناء» أن «طلب الرئيس سلام من القوى الأمنية مواكبة الخطة لا يعني تنفيذها بالقوة واستخدام العنف مع المعترضين أو المتظاهرين ضد هذه الخطة، بل لتسهيل العمل داخل المطامر وعمل الشاحنات التي ستنقل النفايات ومنع أي إخلال بالأمن أو اشتباك». ولفتت إلى الاعتراضات الخجولة على الخطة، لأن هم المواطن أولاً بات إزالة النفايات من الشوارع والطرقات».
وقال مصدر وزاري في اللجنة المكلفة هذا الملف لـ«البناء» إن «بدء تنفيذ الخطة مرتبط بمجلس الإنماء والإعمار بعد أن أعطى مجلس الوزراء التعليمات لبدء العمل»، وأشار إلى أن «العمل الفني انطلق منذ يومين على مدار الـ24 ساعة».
وأشار المصدر إلى أن «الخطة تتضمن مطمراً في برج حمود ومطمراً في البوشرية – الجديدة ومطمراً في الكوستبرافا وإعادة فتح مطمر الناعمة مؤقتاً»، موضحاً أن «تشغيل مطمر برج حمود ينتظر بعض التفاصيل والإجراءات فضلاً عن وجود رفض من حزب الطاشناق لإقامة معمل فرز للنفايات فيه بينما هذا الأمر غير ملحوظ في الخطة التي أقرها مجلس الوزراء، أما في الكوستبرافا فسيتم إنشاء معمل لفرز النفايات وتُرمى العوادم في العمروسية بعد فرزها ثم تدويرها»، لافتاً إلى أن المناقصات لتلزيم إحدى الشركات تحتاج إلى 3 شهور وحتى ذلك الحين يمدد لشركة سوكلين».
ومطمر الناعمة سيفتح قريباً
وأكد عضو كتلة المستقبل النائب علاء الدين ترو لـ«البناء» أن مطمر الناعمة سيعاد فتحه خلال الأيام القليلة المقبلة لمدة شهرين، لاستقبال نفايات بيروت وجبل لبنان المتراكمة في الشوارع والمستوعبات. وبعد انتهاء هذه المدة يستقبل نفايات عاريا والشوف فقط»، ولفت إلى أن «النائب وليد جنبلاط يعمل في هذا المجال لضبط الاعتراضات الشعبية الرافضة لإعادة فتح المطمر».
وجزم ترو بأنه لن يكون هناك مطمر في إقليم الخروب، وأبدى أسفه لعودة الحكومة اليوم إلى الحل الذي كان يمكن اعتماده منذ سبعة أشهر، لكنا وفرنا على لبنان مشاهد النفايات في الطرقات والتلوث والمشاكل والسجالات».
الحريري من اليرزة: الهبة جُمِّدت
على صعيد آخر وفي ظل الحصار الذي تفرضه السعودية على الجيش بعد تجميد الهبات المخصصة له وللأجهزة الأمنية الأخرى، زار الرئيس سعد الحريري قيادة الجيش في اليرزة بمناسبة ذكرى 14 آذار واجتمع بوزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وجدّد دعمه المؤسسة العسكرية التي «استطاعت أن تجمع كل اللبنانيين وأن تحيّد نفسها عن كل العواصف السياسية». وأكد أن «شعارنا هو مع الجيش والقوى الأمنية اللبنانية الشرعية ومع الدولة ومؤسساتها في مواجهة أي خطر يهدّد لبنان، نريد الجيش في لبنان ولا أحد غيره»، ولفت إلى أن «الهبة جُمّدت، لكننا نطمئن ونقول إننا مع الجيش».
ولاحقاً، أفاد المكتب الإعلامي للحريري، أنه «غادر بيروت مساء، متوجهاً إلى باريس في زيارة خاصة».