جرابلس: تسلُّم وتسليم ظاهران في العملية ضد داعش.. دمشق تندّد وموسكو تدعو للتنسيق
أعلنت وكالة الأناضول الرسمية التركية، أمس، سيطرة من أسمتهم قوات «الجيش الحر» الجبهة الشامية- نور الدين الزنكي- استقم كما أمرت- فيلق الشام ، وقوة من المهام الخاصة المشتركة التركية، مدعومة بطيران التحالف الدولي، على مدينة جرابلس السورية في ريف حلب الشمالي الشرقي، بعد معارك عنيفة مع تنظيم «داعش».
ونقلت الوكالة الرسمية عن مصادر عسكرية تركية، أنَّ العملية، استهدفت أهدافاً محددة مسبقاً في جرابلس، وأسفَّرت عن إصابة 82 هدفاً، وهي تهدف إلى تأمين الحدود التركية، ودعم قوات التحالف في حربها ضد «داعش»، وضمان وحدة الأراضي السورية.
مصادر أهلية في جرابلس، قالت أن عناصر «داعش» انسحبوا من المدينة منذ يومين باتجاه الجنوب، لتعزيز الجبهات هناك لمواجهة تقدم «قوات سورية الديمقراطية» باتجاه جرابلس من جهة منبج.
وأكَّدت المصادر أنه لم تجري أي اشتباكات بين «داعش» والقوات التركية المتقدمة من ناحية الشمال باتجاه جرابلس، بل جرى تسليم المدينة، فيما يشبه الاتفاق، من دون أي معركة كما روَّج الاتراك.
وفي وقت سابق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنَّ العملية التي بدأها الجيش التركي، شمالي سورية، تستهدف المنظمات الإرهابية مثل داعش و«pyd» مضيفاً أنَّ العملية التي اطلق عليها اسم «درع الفرات» بدأت لوضع حد للهجمات التي تستهدف تركيا من داخل الأراضي السورية.
واستنكر أردوغان اكتفاء قادة العالم بانتقاد الهجمات الإرهابية التي تستهدف تركيا، مضيفاً أنه «في حال لم يتوصل العالم إلى توافق دولي بخصوص مكافحة الإرهاب، ستكون البشريَّة بأكملها مسؤولة عن ذلك، لذلك فإن المواجهة المشتركة واجبة».
وشدد الرئيس التركي على أنَّ بلاده «لن ترضى بالمكيدة التي يُراد تنفيذها في سورية، ولن تقبل بفرض الأمر الواقع. سنستخدم جميع إمكانياتنا لحماية وحدة الأراضي السورية، بما في ذلك تولي الأمر بشكل فعلي في حال الضرورة. نحن مصرون على أن تُدار تلك الدولة السورية بإرادة شعبها».
أردوغان أشار إلى أنَّ تركيا ستتخذ الخطوات اللازمة من أجل مستقبلها، ومن أجل أمن وسلام «إخوتنا السوريين»، مشيراً أنَّ بلاده أبلغت قوات التحالف، والولايات المتحدة، والدول الأوروبية، وروسيا، استعدادها لاتخاذ خطوات مشتركة في المنطقة.
وشدَّد على أنه لم يعد من الممكن لأحد أن يفكر أو يتصرف، في «المسألة السورية»، باعتبارها مستقلة عن الشأن الداخلي التركي، مشيراً أنَّ ما يحدث في سورية هو السبب الأساسي وراء الهجمات الإرهابية التي تتعرض لها تركيا حالياً، سواء من قبل «بي كا كا» أو «داعش» أو منظمة فتح الله غولن، مؤكداً أنَّ حل مشكلة الإرهاب، مرتبط بحل أزمتي سورية والعراق.
بدوره، أكّد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أنّ على عناصر «pyd» في منبج، الانسحاب إلى شرق نهر الفرات بأسرع وقت، وإلا فإننا سنقوم بما يجب فعله لإخراج هذه العناصر من غرب الفرات».
من جهته، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أنَّ بلاده لن تقبل بإقامة أي كيان كردي في شمال سورية وتعتبر ذلك خطراً عليها.
يلدريم أكَّد في مؤتمر صحفي مشترك مع نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في أنقرة، أمس، إنَّ تركيا والولايات المتحدة توصلتا إلى اتفاق بعدم جواز انتقال قوات حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب إلى المناطق الواقعة غرب الفرات في سورية، مشيراً إلى أنَّ الحفاظ على وحدة أراضي سورية وتشكيل حكومة تمثل جميع أطياف المجتمع السوري مبدآن مهمان لحل الأزمة.
من جانبه أكد بايدن أنَّ قوات الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب لن تحصل على أيَّ دعم من بلاده في حال انتقالها إلى غرب الفرات، قائلاً «إنَّ واشنطن لن تقبل بحل وسط بشأن أمن الحدود التركية ووحدة سورية»، مضيفاً أنَّ الجانب الأميركي أبلغ بذلك الجهات المعنية في سورية، كما و أكَّد دعم واشنطن الكامل لأنقرة.
وفي أول رد فعل من قبلها، دانت دمشق التوغل التركي في الأراضي السورية، واعتبرته خرقاً سافراً لسيادتها.
ونقلت وكالة «سانا» عن مصدر في الخارجية السورية قوله أنَّ «الجمهورية العربية السورية إذ تؤكد أنَّ محاربة الإرهاب على الأراضي السورية من أي طرف كان يجب أن تتم من خلال التنسيق مع الحكومة السورية والجيش العربي السوري، الذي يخوض هذه المعارك منذ أكثر من خمس سنوات تدين في الوقت نفسه هذا الخرق السافر لسيادتها وتؤكد أنَّ محاربة الإرهاب ليست في طرد «داعش» وإحلال تنظيمات إرهابية أخرى مكانه مدعومة مباشرة من تركيا».
وأضاف المصدر «إنَّ ما يجري في جرابلس الآن ليس محاربة للإرهاب كما تزعم تركيا بل هو إحلال لإرهاب آخر مكانه، وفي هذا الصدد تطالب سورية بإنهاء هذا العدوان وتدعو الأمم المتحدة لتنفيذ قراراتها المتعلقة بشكل خاص باحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، كما تطالب بضرورة احترام الجانب التركي والتحالف الأميركي للقرارات الدولية وخاصة ما يتعلق منها بإغلاق الحدود وتجفيف منابع الإرهاب».
من جهتها، أكدت الخارجية الروسية أنَّ جهود محاربة الإرهاب على الحدود السورية التركية تكتسب في المرحلة الراهنة أهمية أكبر من أي وقت مضى، لكنها دعَّت أنقرة إلى تنسيق تلك الجهود مع دمشق.
و قال مصدر في الخارجية الروسية «تكتسب إجراءات محاربة الإرهاب في سورية أهمية أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، ولا سيما في منطقة الحدود السورية التركية. لكن أحد العوامل الرئيسية التي تحدد فعالية هذه الجهود، يتعلق بالتنسيق مع دمشق».
هذا وأعربت الخارجية الروسية عن قلقها بشأن الوضع على الحدود واحتمال تدهور الوضع الأمني وتصعيد الخلافات بين العرب والأكراد بعد انطلاق العملية التركية، وقالت «قبل كل شيء يثير القلق احتمال استمرار تدهور الوضع في منطقة النزاع، بما في ذلك احتمال سقوط ضحايا بين المدنيين وتصعيد الخلافات الطائفية بين الأكراد والعرب».
وأكَّد بيان الخارجية ضرورة تسويَّة الأزمة السورية على أساس القانون الدولي فقط، ومن خلال حوار واسع بين السوريين بمشاركة كافة المجموعات القومية والطوائف، بما فيها الأكراد، على أساس مبادئ بيان جنيف الصادر في 30 يونيو عام 2012 وقرار 2254 وغيره من قرارات مجلس الأمن الدولي التي اتخذت بمبادرة من مجموعة دعم سورية.
وفي شأن متصل، أكدت الخارجية الروسية أن الوزير سيرغي لافروف سيلتقي نظيره الأميركي جون كيري في جنيف الجمعة 26 آب لبحث الأزمة السورية.
وقال كيري الذي من المنتظر أن يزور السعودية في الساعات المقبلة لمناقشة الصراع اليمني وآخر التطورات في سورية إنَّ «المحادثات مع لافروف سترتكز على الصراع في سورية والأزمة الأوكرانية» آملاً في أن «تنتهي هذه المناقشات التي ستدوم لأسابيع عدة».