بوتين وأردوغان يؤكّدان أهميّة محاربة الإرهاب.. وطهران تدعو أنقرة للتنسيق مع دمشق
على وقع الميدان العسكري السوري، بدأ وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف مباحثات مع نظيره الأميركي جون كيري في جنيف، بحضور الموفد الأممي إلى سورية ستيفان ديمستورا، لبحث التعاون العسكري المشترك ضدّ التنظيمات الإرهابيّة وسُبُل تسوية الأزمة السوريّة.
ويأتي لقاء الوزيرين في وقتٍ وضع الاحتلال التركي بثقله العسكري المباشر في الأزمة السوريّة عبر بوابة جرابلس الشماليّة.
وأجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، اتصالاً هاتفيّاً مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، تبادلا خلاله الآراء بصورة وافية حول الوضع في سورية.
وقال الكرملين في بيان، إنّ الرئيسين أشارا إلى أهميّة بذل جهود مشتركة لمكافحة الإرهاب، واتّفقا على مواصلة التواصل في ما بينهما حول الأجندة الثنائيّة والدولية.
من جانبها، أفادت وكالة «الأناضول» التركيّة، استناداً إلى مصدر في إدارة الرئيس أردوغان، بأنّ الطرفين اتّفقا خلال الاتصال على إيصال مساعدات إنسانيّة إلى حلب السوريّة، مضيفةً أنّ أردوغان أطلع نظيره الروسي على سير تنفيذ العمليّة العسكريّة التركيّة في شمال سورية، مشدّداً على أهميّة محاربة «داعش» وتنظيمات إرهابيّة أخرى بشكل مشترك.
كما اتّفق الرئيسان، حسب «الأناضول»، على إجراء لقاء ثنائيّ على هامش قمّة مجموعة العشرين المقرّر عقدها بمدينة هانغتشو، في 4-5 أيلول من العام الحالي.
وفي السياق، أكّد المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانيّة بهرام قاسمي، ضرورة التعاون بين دول المنطقة للتصدّي للإرهاب، مشيراً إلى ضرورة التنسيق مع الحكومة السورية لضرب الإرهاب على أراضيها.
وأفادت وكالة «مهر» الإيرانيّة أمس، بأنّ بهرام قاسمي قال تعليقاً على العمليّة العسكريّة التي أطلقتها تركيا داخل الأراضي السورية، إنّ إيران أكّدت مراراً أنّ مسؤوليّة التصدّي للإرهاب هي مسؤولية جماعيّة وتقع على عاتق المجتمع الدولي، مؤكّداً أنّ طهران دعت إلى التعاون بين دول المنطقة للتصدّي لهذه الظاهرة.
ونوّه قاسمي إلى أنّ إيران تجدّد موقفها الداعي إلى التنسيق مع الحكومة السوريّة في أيّ عمل يستهدف الجماعات الإرهابيّة المتواجدة على الأراضي السوريّة، والحصول على موافقتها، وذلك احتراماً لحق السيادة ووحدة الأراضي، وفقاً لمبادئ القانون الدولي.
إلى ذلك، تمّت المرحلة الأولى من خروج الإرهابيّين من مدينة داريا بريف دمشق، وخرج بالحافلات الجزء الأول منهم بعد أن تمّ إبرام اتفاق تسوية في داريّا لإخلائها من السلاح والإرهابيّين تمهيداً لعودة جميع مؤسّسات الدولة والأهالي إلى المدينة الواقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة دمشق.
اتفاق التسوية يقضي بخروج العائلات والأسر من المدينة ونقلهم إلى مراكز الإقامة المؤقّتة المنتشرة في مناطق عدّة في دمشق وريفها.
ويقضي أيضاً بخروج 700 إرهابي من المدينة وانتقالهم إلى مدينة إدلب، بعد تسليم أسلحتهم المتوسّطة والثقيلة إلى الجيش العربي السوري.
وكانت وحدات الجيش كثّفت عمليّاتها مؤخّراً في دكّ تجمّعات وأوكار التنظيمات الإرهابية المنتشرة في داريّا، موقعة في صفوفها خسائر كبيرة بالأفراد والعتاد.
ويُتوقّع أن يستغرقَ تنفيذُ التسوية أربعةَ أيامٍ يتخلّلها دخولُ الجيشِ السوري وطواقمُ المؤسّساتِ الخِدْماتية الرسميّة إلى المناطقِ التي يخرُجُ منها المسلحون.
وبدأتِ الجرّافات بالعمل على رفع المتاريس حول المدينة وفتح أكثر من معبرين لخروج المدنيّين من داخلها، في وقت قامَ فيه عناصر الهندسة في الجيش السوري بتفكيك العبوات الناسفة التي زرعها التكفيريّون.
ووضعت مصادرُ متابعةٌ هذه العمليةَ في خانةِ الإنجازاتِ الكبيرةِ للجيشِ السوري في فرطِ عِقدِ الجماعاتِ الإرهابيّة داخلَ المناطقِ المحيطةِ بالعاصمة دمشق، إضافةً إلى قطعِ الارتباطِ العسكري والجغرافي مع الريفِ الجَنوبي ومحورِ خان الشيح ومحورِ القنيطرة، وبالتالي توسيعِ الطوقِ الجغرافيِ الآمن في محيطِ العاصمة وصولاً إلى الغوطةِ الشرقيّة.
وفي سياقٍ ميدانيّ آخر، أفادت مصادر إعلامية، أمس، باستمرار الاشتباكات في منطقة الـ1070 شقة في مدينة حلب، في محاولة من قِبل الجيش السوري لاستعادة السيطرة على كتل الأبنية جنوب المنطقة.
وتستمر الاشتباكات على الجبهة الجنوبيّة لمدينة حلب بين الجيش السوري ومسلّحي «جيش الفتح» و«جبهة النصرة» والفصائل الإسلاميّة الأخرى، عبر محورين رئيسيّين: الكليّات العسكرية مشروع الـ1070 شقة، وسط نجاح الجيش في إحراز تقدّمٍ ميداني.
وترافقت الاشتباكات مع قصف جوّي ومدفعيّ على نقاط تمركز الإرهابيّين عبر الجبهة المذكورة، وسط تقدّم الجيش عبر محور الكليّة الفنيّة الجويّة، حيث تركّزت الاشتباكات في داخلها في محاولة الأخير للتثبيت في الكتل الشرقيّة بعد السيطرة على الكتل الشمالية سابقاً.
بالتزامن مع ذلك، نجح الجيش في بسط سيطرته على معظم مشروع الـ1070 شقة، عدا عدد من الكتل في الجهة الجنوبيّة من المنطقة، حيث يتمركز فيها قنّاصو الفصائل المسلّحة في محاولة لتأخير تقدّم الجيش السوري والقوات الرديفة.
في حين تشهد باقي جبهات المدينة هدوءاً حذراً تتخلّله أصوات الضربات الجويّة والمدفعيّة لأرتال وتحرّكات المسلحين عبر المحور الغربي من المدينة في حي الراشدين، في محاولة للجيش لقطع طرق إمداد المجموعات المسلّحة نحو مناطق تواجدها في جنوب غربي المدينة قادمة من ريف إدلب الشرقي.
في الأثناء، سيطر «الجيش الحر» الإرهابي المدعوم من تركيا على قريتي العمارنة والجامل جنوب مدينة جرابلس شمال سورية، بعد اشتباكات عنيفة مع ما يسمّى «قوات سورية الديمقراطية»، وامتدّت المواجهات بين الطرفين لتشمل عدّة قرى جنوب المدينة، فيما أرسلت تركيا المزيد من الدبابات إلى سورية.
خطوط التماس تشتعل ما بين التكفيريّين المدعومين من أنقرة وما يسمّى بـ«قوات سورية الديمقراطية جنوب مدينة جرابلس في الشمال السوري، للسيطرة على المناطق التي انسحبت منها جماعة «داعش» في محيط المدينة.
وكانت وكالة «أسوشيتد برس»، أفادت استناداً إلى مصدر في «قوات سورية الديمقراطية»، بأنّ الجيش التركي يواصل، لليوم الثاني على التوالي، قصف مواقع مقاتلين أكراد منتمين للتحالف قرب جرابلس السوريّة.
وقال المتحدث باسم التحالف في مدينة منبج، شرفان درويش، في حديث للوكالة أمس، إنّ القوات التركيّة تستمر بقصف مدفعي لمواقع الأكراد في بلدة العمارنة جنوب مدينة جرابلس، شمال محافظة حلب بالقرب من الحدود مع تركيا.
بدورها، قالت أنقرة إنّ ضربات قواتها على ريف جرابلس تشمل مواقع الأكراد، لأنّهم يتجاهلون المطالب بسحب قواتهم من المناطق التي تنفّذ فيها تركيّا عمليتها العسكرية ضدّ «داعش».
وكانت تركيا أرسلت، الخميس الماضي، مزيداً من الدبابات إلى سورية، ووجّهت تحذيراً شديد اللهجة إلى القوات الكرديّة لتنسحب من مواقعها، غداة سيطرة فصائل مقاتلة سوريّة مدعومة من أنقرة على مدينة جرابلس السوريّة الحدودية من أيدي مسلّحي تنظيم «داعش» الإرهابي.
وفي السياق، أكّد ممثّلون عن «قوات سورية الديمقراطية» إتمام انسحاب القسم الأكبر من المقاتلين من مدينة منبج ومحيطها، هذا فيما بقيت بعض القوات في مناطق جنوب المدينة.