رنا حميدان… شاعرة تسرج حصانها نحو الشمس
نبيل المقدّم
رنا غالب حميدان، شاعرة سورية وملحّنة تقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، تنظم القصائد، وتنشرها على «يوتيوب»، ما يحقّق نسبة مشاهدة عالية.
إلى جانب كلماتها الرقيقة التي تشعر معها وكأنك في جنّات من الجمال والصفاء، تملك رنا قوّة تأثير من خلال صوتها الذي يستدرجك إلى الاستماع لشِعرها، من خلال صفائه وروعته. صوت يتغلغل في أعماقنا ويجذبنا إلى عالم من الخيال يتسلّل بهدوء ويعزف على أوتار القلوب ونبضاتها.
في قصائد رنا المنشورة على «يوتيوب»، نقع على أمر جديد، ويكمن في لعبة الإيقاع والصورة، صيغة تجذب الانتباه إلى جانب اللغة والوزن اللذين تعطيهما رنا في قصائدها اهتماماً فعلياً.
في قصيدتها «رحيلك»، نقع على مستوى غير مألوف من العشق. كلمات عاصفة، امرأة واقفة تتحدّى الحزن وكلّ أشكال الذوبان بالتقاليد التي أصبحت من الخريف الماضي. تعلن إخلاصها لحبييها حتى الرمق الأخير. حبّ كأنه انهمار المطر في ليلة عاصفة مسكونة بحنين مفتوح إلى رجل يأتي على صهوة الريح، وتذوب ملامحه في قلب حبيبته حتى الرمق الأخير.
ورغم تمرّس الشاعرة في الكتابة، فإنها اتجهت إلى «يوتيوب» لنشر شِعرها. هي التي تعتبره أنه أضحى اللوحة الأكثر انفتاحاً من خلال تقنياتها المتنوّعة، وخروج من عبادة الشكل في طريقة الأداء الشعري.
تنفي رنا أن تكون قد أدارت ظهرها للورق والحبر، ولكن النشر على وسائل التواصل الاجتماعي أصبح أقرب إلى التأثير المباشر، ويعطى قوّةً أكثر للنصّ الشعريّ. وربما يثير سعادة شخصية أكثر لدى المستمعين.
إلى جانب قصائد الحبّ، نقع لرنا حميدان في «يوتيوب»، على قصائد عدّة عن الوطن، تلقيها بصوت تتحدّى فيه الظلام الذي يلفّ أرجاء واسعة من الأمّة. ومنها قصيدة «شام المجد». كلمات لها رونقها الخاص تنبع من مشاعر فوّارة وعميقة ومتّقدة تدخل في النفس مباشرة، بعيدة عن البلادة والنمطية، تعبّر فيها الشاعرة بفنّ أدبيّ رفيع عن فهم عميق لمعنى الانتماء إلى قيم الحق والخير والجمال.
صوَر شعرية كالمحار الثمين تؤكد فيها الشاعرة قدوم المطر، والذي سيكون الانتقام من كلّ من ألحق الأذى بهذه الأمّة.
رنا حميدان، شاعرة من هذه الأمة تخترق في شعرها الأساليب المألوفة. في نفسها كبرياء الأرض وعنفوانها. وفي قلبها حبّ تحاول أن تلتقط به السماء. إنها شاعرة تسرج حصانها نحو الشمس، وتحبّ الموت متى كان الموت طريقاً للحياة.