حلب تعلن نصرها وتحتفل بميلادها… ونهاية «ثورة إسقاط النظام» السيد يُطلّ اليوم بنصرَيْن لبناني وسوري… والحكومة تقرّ بيانها اليوم؟
كتب المحرر السياسي
بينما لم يتبقَّ بيد السعودية وقطر إلا أوراق الإرهاب للضغط في الأردن ولبنان ومصر بعد خسارة الملاذ التركي المنتقل إلى ضفة جديدة عسكرياً وسياسياً بعد الانتصار التاريخي في حلب، وانتقال نيران الإرهاب لإشعال مخيم عين الحلوة تنغيصاً للأمن اللبناني، كما في الكرك رسائل رادعة لمنع خروج الأردن من خيارات الحرب في سورية، لتكشف ضعف أصحابها وحجم التحول الذي أحدثه التموضع التركي القائم على الأولوية الجديدة وعنوانها الحرب على الإرهاب، فيما مدينة الباب تشهد أشرس المعارك وأولها بين داعش والجيش التركي ويسقط فيها عشرات الجنود الأتراك، ويسقط شعار إسقاط النظام وتنحي الرئيس في سورية، وتنهزم قوى الحرب، وتضيع رموز الولاء السعودي التركي بين المرجعيتين، وخياراتهما المتعاكسة.
هي حلب تكتب التاريخ الجديد لحروب المنطقة وتعيد صياغة المعسكرات والشعارات والتحالفات، ومع كل ذلك تعيد رسم الأدوار، فقد قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«البناء» أن دعوة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا للقاء جنيف في الثامن منه شباط المقبل، لم تلقَ تجاوباً، وأن البحث فيها ينتظر تسلم الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس مهامه، والبتّ بمصير مهمة دي ميستورا وسط دعوات لتغييره بعدما فشل في مهمته وتحول إلى طرف لا يحظى بثقة محور رئيسي معني بالمسار السياسي يمتد من دمشق إلى طهران وموسكو.
صحيفة الحياة المحسوبة كناطق باللسان السعودي نقلت في صدر صفحتها الأولى ما وصفته بخفايا لقاءات موسكو الثلاثية بين إيران وتركيا وروسيا، لتقول إن بقاء الرئيس السوري صار محسوماً في أي مسار سياسي، وأن النقاش يدور حول تمثيل المعارضة بوزارة سيادية أو بشراكة في تسمية رئيس الحكومة الموحدة، أو بنيل منصب نائب رئيس لأحد رموزها، ما يعني أن التسليم بنعي «ثورة إسقاط النظام ورحيل الرئيس السوري» قد صار موضع إجماع.
لبنانياً، تحث الحكومة الخطى نحو إنجاز سريع لبيانها الوزاري وفقاً لما نشرته «البناء» أمس، بمقتطفات مختلطة بين خطاب القَسَم لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والبيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام، بينما يزداد الغموض بصدد قانون الانتخاب مع المعارضة المستجدة والعنيدة للنائب وليد جنبلاط لمبدأ النسبية وصولاً لمطالبة الوزير مروان حمادة بالاستعاضة عن عبارة «قانون يراعي النسبية وصحة التمثيل»، في وصف قانون الانتخاب بعبارة «قانون عصري للانتخابات يحقق صحة التمثيل».
في قراءة للحدثين الكبيرين السوري واللبناني وعبرهما لموقع المقاومة ومشروعها، يُطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم، ممسكاً بنصر لبناني عنوانه حكومة تلبي مقتضيات حماية المقاومة وخياراتها، ونصر سوري عنوانه تحرير حلب، ليرسم عبرهما ما بعد حلب وما بعد الحكومة، كتطلعات والتزامات تأخذها المقاومة على عاتقها حتى الانتصار الكامل في الحرب على الإرهاب، ووضع لبنان على سكة الاستقرار.
نصرالله يُطلّ على حلب اليوم
يُطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم، وعدّة انطلاقة العهد قد توفرت وسيرورة المؤسسات في لبنان قد انتظمت بعد انتخاب حليفه العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتشكيل الحكومة الثلاثينية، كما أرادها حزب الله باحتضان حلفائه الحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب سليمان فرنجية والوزير طلال أرسلان وتثبيت حليفه في المراحل كلها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في موقعه الطبيعي، بينما ضمانة الرئيس عون في الحكومة تكرّست بقوة وها هو البيان الوزاري يسلك طريقه بسلاسة في اللجنة الوزارية المكلفة صياغته على أن يؤكد حق المقاومة انسجاماً مع خطاب القَسَم ويبقى المتمّم لهذا التسلسل الطبيعي والمنهجي هو إقرار قانون انتخاب جديد يعتمد نسبية ما.
هذا المناخ الإيجابي والتوافقي الذي يسود المشهد الداخلي عشية حلول الأعياد، يجعل السيد نصرالله مرتاحاً أكثر من أي وقتٍ مضى ومطمئناً الى حركية الوقائع ومنهجية وتوقيت الإنجازات، لكن العنوان الأكبر الذي ربط به توقيت الكلمة التي سيّلقيها اليوم في لقاءٍ طالبي، هو العنوان الحلبي، حيث سيُطلّ السيد نصرالله على حلب بعد إعلان القوات المسلحة السورية مساء أمس، تحريرها بالكامل من المجموعات المسلحة، حيث إن استعادة العاصمة الاقتصادية لسورية شكّل التحدّي والرهان الأكبر للرئيس بشار الأسد وحليفه حزب الله طوال المرحلة الماضية، وقد تحقّق الآن لما تمثّله حلب من واقع استراتيجي جديد تتحكم بمعطيات سورية والإقليم.
أنصاري من دمشق إلى السراي
وعلى وقع التطورات المتسارعة محلياً وإقليمياً، شهد لبنان أمس، حركة دبلوماسية دولية كثيفة، كان أبرزها زيارة مستشار وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين جابر أنصاري آتياً من دمشق حيث التقى الرئيس الأسد الذي أكد أن تحرير حلب من الإرهاب هو انتصار ليس لسورية فقط بل لكل من يُسهم في محاربة الارهاب خاصة إيران وروسيا.
وبحضور السفير الإيراني محمد فتحعلي والوفد المرافق حطّ أنصاري في السراي الحكومي والتقى رئيس الحكومة سعد الحريري في لقاء يكتسب أهمية بالغة بعد سنوات من القطيعة بين الطرفين.
وبعد اللقاء أكد مستشار الخارجية الإيرانية من السراي أن «المقاومة اللبنانية الباسلة استطاعت أن تقدّم نموذجاً يُحتذى في التحلّي بروح المقاومة الصلبة في التصدي للعدو الصهيوني الغاشم ولأطماعه التوسعية في لبنان والمنطقة». وأشار الى أن «التوافق والانسجام بين الفئات السياسية والاجتماعية المؤثرة والفاعلة في الساحة اللبنانية قد أدّيا في نهاية المطاف إلى وضع حدّ للشغور الرئاسي الطويل وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، كما أدّيا أيضاً الى تولي الرئيس الحريري رئاسة الحكومة وولادة حكومة الوفاق الوطني التي نأمل أن تكون قادرة على حل كافة التحديات والمشكلات التي يعاني منها لبنان الشقيق في هذه المرحلة».
وتابع: «نأمل أن ينسحب التوافق السياسي الذي تمّ بين التيارات السياسية الفاعلة في لبنان على مستوى المنطقة ويُثمر حلولاً سياسية لكافة المشكلات التي لا زالت عالقة، وتطرّق اللقاء الى مختلف التطورات السياسية التي أشرت اليها، كما تطرقنا الى العلاقات بين البلدين وأملنا أن نشهد في عهد حكومته المزيد من التعاون الثنائي في مختلف المجالات لا سيما التعاون الاقتصادي، كما كان اللقاء مثمرًا وإيجابياً ونتمنى المزيد من توثيق العلاقات الثنائية».
ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن «بيروت كانت بوابة دمشق، لكن الآن باتت دمشق بوابة بيروت، فهذه الثنائية موجودة في الحسابات الإيرانية من خلال الترابط والربط بين البلدين وموقعهما في المعادلة الإقليمية بالنسبة لإيران»، وأشارت المصادر الى أن «زيارة الأنصاري الى دمشق تأتي في إطار الزيارات الدورية التي اتفق الطرفان على تبادلها لرفع درجة التواصل والتنسيق بينهما وتحصين قدرة المواجهة»، موضحة أن زيارته من دمشق الى بيروت والى السراي الحكومي تحديداً «تحمل رسائل عدة ورمزية معينة ولو أنها زيارة تهنئة بالانجازات الداخلية التي حصلت لكنها تعبر عن مرحلة جديدة من العلاقات السياسية والاقتصادية قد فتحت بين إيران ولبنان منذ انتخاب عون رئيساً للجمهورية وإن استمر التوتر على خط طهران الرياض، وهذه الصفحة الجديدة تأتي انسجاماً مع خطاب القَسَم الذي أكد إقامة أفضل العلاقات مع كافة الدول ومع البيان الوزاري الذي سيذكر ذلك أيضاً كما تأتي غداة تحرير حلب من المسلحين».
وقبيل استقباله المسؤول الإيراني، تلقى الحريري اتصالاً هاتفياً من ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، مهنئاً بتشكيل الحكومة الجديدة، ومتمنياً للحريري النجاح والتوفيق في مهماته، لما فيه مصلحة لبنان وشعبه وخيرهما. وتمّ خلال الاتصال التداول في آخر المستجدات المحلية والعربية، وقد أكد ولي ولي العهد السعودي وقوف المملكة إلى جانب لبنان وحرصها على تقوية العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها.
رسالة من آيرولت إلى عون
وفي الإطار نفسه، جال اليوم وزير الخارجية الفرنسية جان مارك ايرولت أمس، على القيادات اللبنانية وتنقل تباعاً بين بعبدا والسراي وقصر بسترس وعين التينة، ناقلاً تهاني بلاده بالرئاسة والحكومة والتزامَ باريس الثابت بدعم لبنان سياسياً واقتصادياً وأمنياً وإنسانياً، وأملاً بإبقائه في منأى عن النيران السورية. وأكد الرئيس عون لضيفه خلال لقائهما أن «عودة النازحين السوريين إلى أرضهم هي الحل الأمثل لهذه المأساة التي يتحمل لبنان تداعياتها وأن الحل السياسي للأزمة السورية يحقق الغاية المنشودة».
وشدّد رئيس الجمهورية، في مجال آخر خلال سلسلة لقاءات في بعبدا على «ضرورة احترام القوانين وعدم تجاوزها»، لافتاً إلى أن «الدولة التي بدأت مرحلة استنهاض، بحاجة إلى مشاركة الجميع وفي كل الميادين، خصوصاً لناحية العمل الاصلاحي والتغييري فيها.»
ودعا الرئيس عون أمام زواره، المواطنين الى أن «تكون أعينهم ساهرة في عملية مكافحة الفساد»، مؤكداً «جهوزية العهد لحمايتهم في ذلك».
البيان بمناسبة الميلاد؟
على صعيد البيان الوزاري، تتواصل الاتصالات واللقاءات بعيداً عن الإعلام بين القوى السياسية للتفاهم على صيغة توافقية للبيان. ومن المتوقع أن تعقد اللجنة المكلفة صياغة البيان اجتماعها الثاني الاثنين المقبل، ورجّحت مصادر لـ«البناء» «أن يكون مضمون البيان مزيجاً من خطاب القَسَم وحكومة الرئيس تمام سلام إضافة الى بعض العناوين الاقتصادية، متوقعة أن تقرّه الحكومة قبل نهاية العام كحد أقصى.
وأشارت المصادر الى أن «أجواء اجتماع اللجنة الأربعاء الماضي كان إيجابياً ولم يعترضه أي تناقض في وجهات النظر، واعتبرت المصادر أن «قطار العهد قد بدأ لكن التحدي الاساسي هو قانون الانتخاب في إطار النسبية والنظر بالملفات الحياتية والازمات المستعصية، واستبعدت المصادر التوصل الى النسبية الكاملة».
باسيل: متمسكون بالأرثوذكسي ومستعدون للتنازل
ولفت رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خلال الاجتماع الاسبوعي لتكتل التغيير والإصلاح في الرابية الى «أننا ما زلنا على موقفنا المبدئي في القانون الارثوذكسي، لأننا مهما عملنا في قانون آخر في نظامنا الطائفي نكون نوارب الحقيقة، فالارثوذكسي هو القانون الوحيد الذي يعطي التمثيل الفعلي للطوائف إلا اذا كنا جاهزين للذهاب الى العلمنة الشاملة في نظام نسبي كامل وأن نذهب إلى دائرة انتخابية واحدة وبغير ذلك نكون نعمل على تسويات تأخذ الطوائف بعين الاعتبار، ولكن نحن ايضاً مستعدون للتضحية والتنازل، إذا كان هناك حقيقة جهد لإنجاز قانون انتخابي نوعي شرط أن يراعي 3 أمور: 1 – المناصفة، 2 – صحة التمثيل وعدالته، 3 – وحدة المعايير».
حمادة: لا توافق حول القانون
ورأى وزير التربية مروان حمادة في حديث تلفزيوني، أنه «لا يوجد توافق حول قانون الانتخاب، وموضوع توصيف النظام الانتخابي غير موجود لا في البيان الوزاري ولا في الاتفاقات التي تمت، بل يجب أن يتم التوصيف ضمن لجان مختصة عليها أن تضمن وجود معايير موحدة مثل عدالة التمثيل وصحته»، موضحاً أن «تفاهم معراب لا يعني خروج حزب «القوات اللبنانية» عن الاتفاق الذي عقد بينهم وبين كل من تيار «المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي» حول قانون الانتخاب».
هدوء حذر في عين الحلوة
على العصيد الأمني، ساد الهدوء الحذر ليل أمس، مخيم عين الحلوة، بعد البدء بتنفيذ قرار وقف إطلاق النار اعتباراً من الساعة السابعة من مساء أمس، حيث لم يسجل سوى خرق في الشارع الفوقاني بسماع أصوات عيارات نارية لبعض الوقت.
وكانت قيادة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان قد عقدت اجتماعاً طارئاً في مقر سفارة دولة فلسطين في بيروت، بحضور سفير دولة فلسطين أشرف دبور. وأكد المجتمعون على ديمومة العمل المشترك وتحمّل المسؤولية من الجميع وبالوتيرة نفسها من الجهد ضمن قناعة مؤكدة ومشتركة للعمل الموحد. وأدان المجتمعون إدانة حاسمة حازمة كافة الاحداث المؤسفة التي حصلت، والاغتيالات والعبث بالأمن في مخيم عين الحلوة لبثّ حالة الذعر.