رقم قياسي لشهرين: الحكومة تشكلت وأنجزت بيانها وتقدمت للثقة وستنالها مناقشة نيابية سريعة وتصويت بشبه الإجماع… ونصرالله واثق من نصر المقاومة

كتب المحرّر السياسي

مستقبل الحرب على الإرهاب في سورية والمسار السياسي لمحادثات تضم الحكومة والمعارضة، موضوعان على الطاولة الدولية والإقليمية بقوة وجدية لم تعرفاها من قبل، فقد أتاح النصر الذي حققته الدولة السورية وحلفاؤها في حلب، جعل الأولوية للحرب على الإرهاب، وإسقاط شعار إسقاط النظام من الحسابات الفعلية للدول التي شكلت سنداً للجماعات المسلحة في حربها على الدولة السورية وتساهلت في معايير توصيفها، وفقاً لمقتضيات الحرب على الإرهاب، ليبدأ العمل الجاد الذي تهربت منه هذه الدول طوال سنوات، خصوصاً أميركا وتركيا، المعنيين الرئيسيين بالحرب على سورية والمشغلين العمليين لآلة الحرب، التي تبقى السعودية و»إسرائيل» طرفين ثانويين بدونهما.

الرئيس الأميركي الذي وقع قانون تزويد الجماعات السورية المعارضة بأسلحة نوعية بما فيها صواريخ دفاع جوي محمولة على الكتف، يوضح عبر وزارة الخارجية في رد على الرئيس التركي، الذي اتهم واشنطن بدعم داعش، ما يفهم منه بوضوح أنّ هذه الصواريخ ستذهب للجماعات الكردية تحسّباً لتعرّضها لقصف الطائرات التركية، لتبدو الاتهامات المتبادلة التركية الأميركية بالعلاقة مع داعش منصفة بتبادلها، لكنها علامة ارتباك مشروع الحرب، وتعبير عن متاعب التأقلم مع المتغيّرات، لتجهيز طاولة التفاوض وحجز المقاعد عليها للحلفاء. ويبدو الملف الكردي أبرز مواضيع الخلاف التركي الأميركي، لتظهر موسكو على خط التشاور مع الفريقين بحثاً عن حل وسط، وتدور جولة محاثات هاتفية بين وزيري الخارجية الأميركية جون كيري والروسية سيرغي لافروف، حول التنسيق في سورية، ومن ضمن الملفات محادثات الأستانة التي قالت واشنطن إنها تتابعها عبر التنسيق مع موسكو.

إيران كشريك ثالث لروسيا وتركيا في مشروع التعاون حول سورية، أطلقت مواقف لمحددات العملية السياسية، أحدها يتعلق بتركيا والحاجة لتنسيق تواجدها فوق الأراضي السورية مع الدولة السورية، كي لا تجد نفسها مضطرة لمغادرة سورية إذا طلبت منها الحكومة السورية ذلك، والثاني يضع شرطاً مسبقاً على العملية السياسية والمشاركين فيها كأطراف ورعاة، ومضمونه تعليقاً على الدعوات الموجهة للسعودية للانضمام إلى رعاية حوار الأستانة، بالقول إن لا مكان للسعودية ما لم تغير موقفها المنادي برحيل الرئيس السوري. فالعملية السياسية تجري تحت عنوان الأولوية للحرب على الإرهاب وتسوية سياسية ملك السوريين وحدهم لتوفير مقتضيات شراكتهم في هذه الحرب. ولا مكان لشعارات مراحل سابقة لتضييع الجهود عن أهدافها وإرباك الجهود لإنجاز حل سياسي.

لبنانياً، كان الحدث الذي ملأ فراغ عطلة عيد الميلاد وتتواصل مفاعيله، هو الزمن القياسي الذي تشكلت فيه الحكومة وأنجزت بيانها الوزاري وإقراره وصولاً للمثول امام المجلس النيابي الذي بدأ أمس، مناقشة الحكومة وسيصوّت اليوم بأغلبية ساحقة على منحها الثقة، خلافاً لكلّ ما روّج له عن مساعي تعطيل للعهد والحكومة والغمز من قناتي حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري وحديثه عن الجهاد الأكبر.

الحكومة تنال الثقة اليوم

أرجأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري التصويت على منح الثقة لحكومة الرئيس سعد الحريري الثانية الى الحادية عشرة قبل ظهر اليوم لتأمين أكبر حضور للنواب الذين تضاءل عددهم في الجلسة المسائية، ورجّحت مصادر نيابية مطلعة لـ»البناء» أن تحوز الحكومة على ثقة أغلبية المجلس النيابي في جلسة اليوم على أن تبدأ الحكومة عملها رسمياً ودستورياً في العام المقبل وتعود عجلة المؤسسات بزخمٍ وقوة، لا سيما وأن الحكومة العتيدة تجمع معظم القوى السياسية.

وتحدث في الجلستين الصباحية والمسائية 22 نائباً خلال ما يقارب الثماني ساعات بينما توزّعت المداخلات على أعضاء الكتل الممثلين داخل الحكومة باستثناء حزب الكتائب والنائبين خالد الضاهر وبطرس حرب الذين لم يمنحوا الحكومة الثقة. ومن المرتقب أن يردّ الرئيس الحريري على مداخلات النواب بعد نيل حكومته الثقة اليوم.

وتحت عنوان «استعادة الثقة»، انطلقت الجلسة الأولى من جلسات مناقشة البيان الوزاري بكلمة لرئيس مجلس الوزراء السابق تمام سلام، الذي منح الثقة للحكومة كما منحتها الثقة كتلة الحزب القومي التي تحدث باسمها النائب مروان فارس الذي أكد أن «اتفاق الطائف مسألة مهمة في البيان الوزاري». وتساءل عن أمور عدة وردت في هذا الاتفاق تناساها البيان الوزاري كتشكيل الهيئة الوطنية العليا لإلغاء الطائفية السياسية. ودعا فارس الى وضع سلسلة الرتب والرواتب موضع التنفيذ وإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية يعتمد مبدأ التمثيل النسبي في لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي.

كما منح الحكومة الثقة تكتل التغيير والاصلاح وكتل المستقبل، التنمية والتحرير، الوفاء للمقاومة، اللقاء الديمقراطي، القوات اللبنانية، لبنان الحر الموحد، والنواب أنطوان زهرا وجوزيف معلوف وفريد الياس الخازن وسيمون أبي رميا ونعمة الله أبي نصر، بينما لم يمنح النائب الضاهر الثقة ووقعت بينه وبين النائب المستقبلي رياض رحال مشادة كلامية حادة خلال إلقاء الضاهر كلمته تدخّل الرئيس بري لفضها، أما النائب حرب فقد امتنع عن حجب الثقة عن الحكومة كما امتنع عن منحها إياها.

الحريري دق ناقوس الخطر

وقبيل تلاوته نصّ البيان الوزاري، دق رئيس الحكومة ناقوس الخطر حيال الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان. وفي كلمته أشار الحريري الى أن «عملية استعادة الثقة تبدأ بالاتفاق على الواقع الذي نحن فيه»، لافتاً الى أن «نسبة الفقر في بلدنا تخطت الثلاثين في المئة ونسبة البطالة وصلت الى 25 والى 35 بين الشباب، فيما النمو الاقتصادي لهذه السنة سيكون أقل من 2 . كل هذا فيما بلدنا يستضيف مليوناً ونصف المليون من إخواننا النازحين الهاربين من جحيم النار»، واعتبر أن «كلما ارتفع منسوب الثقة لدى المجتمعات، كان الازدهار والاستقرار والنجاح، وعندما تبدأ الثقة بالتراجع يكون الواقع في طريقه نحو الفشل».

.. والبيان الوزاري يؤكد حق المقاومة

ومما جاء في البيان الوزاري، تعهد الحكومة بإقرار موازنة العام 2017 وتأكيد حق المواطنين في مقاومة الاحتلال ووضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب. وأضاف البيان: «أما تجاه الصراع مع العدو الإسرائيلي فإننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية، وذلك استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، وتؤكد الحكومة واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة».

تتمة صفحة 4

عون: سأحرّر وأحمي القضاء

وشدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على ضرورة تحرير القضاء من التبعية السياسية، وطالب القضاة برفع صوتهم في وجه مَن يضغط عليهم، مؤكداً وقوفه الى جانبهم لحمايتهم من أي ضغط. و أشار خلال استقباله، بحضور وزير العدل سليم جريصاتي، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد وأعضاء المجلس الذين أقسم سبعة منهم اليمين أمام رئيس الجمهورية، الى أن العدالة المتأخرة ليست بعدالة، داعياً الى الإسراع في إصدار الأحكام، ومشدداً على ضرورة تعديل قانون أصول المحاكمات على نحو يساعد في تقليل عدد الدعاوى التي لا تزال عالقة لدى المحاكم.

نصرالله: محور المقاومة سيخرج منتصراً

وفي غضون ذلك، وبينما كانت الأضواء مسلطة الى ساحة النجمة، حيث تعقد جلسات مناقشة البيان الوزاري، كانت أنظار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تنصبّ على الوضع الإقليمي وخطر التنظيمات الارهابية على الامة، ومحاولات تشويه صورة حركات المقاومة في المنطقة والقضاء عليها. ولم يتطرق في كلمته في حفل تأبين رئيس «حركة الأمة» الشيخ عبد الناصر الجبري الى الشأن المحلي بل بدا مطمئناً ومرتاحاً في كلمته الأخيرة على مسار الوضع الداخلي واجتياز مراحل التسوية بنجاح منذ انتخاب الرئيس عون الى تسمية الحريري تأليف الحكومة الى ولادة حكومة الوفاق الوطني الى تسهيل البيان الوزاري حتى نيلها ثقة البرلمان، لتنصرف بعدها الى تنفيذ بنود بيانها الوزاري.

وأكد السيد نصرالله أن «المقاومة مستهدَفة، وهناك محاولات لإسقاط حركات المقاومة والأنظمة المقاومة وجيوش المنطقة من أجل «إسرائيل»، مشيراً إلى أن «هناك محاولات تشويه للمقاومة في فلسطين ولبنان ويتم العمل للقضاء عليها»، ولفت إلى أنه «من الواجب اليوم الدفاع عن المقاومة». وأوضح أن «إسرائيل اليوم تعمل على استهداف كل مَن يدافع عن المقاومة والفكر المقاوم، كما تم اغتيال الشهيد التونسي محمد الزواري»، مشدداً على «أن محور المقاومة سيخرج ومعه حركات المقاومة من الحرب الكونية عليه منتصراً وأقوى وأصلب عوداً».

وسأل السيد نصرالله: «مَن أولى بأن يخدم المشروع الاستكباري الصهيوني في تفتيت وتفكيك ونقل المعركة من ساحتها الحقيقية الى الساحات الأخرى غير الجماعات التكفيرية؟». وأضاف: «يجب أن نعمل بمنطق التسامح والأيدي الممدودة ويجب أن نكون حاسمين في الدفاع ومتسامحين في الوقت نفسه لكي نحبط كل المؤامرات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى