عون يطلب من الملك سلمان الاستمرار في دعم الجيش لمواجهة الإرهاب
توّج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم الثاني لمحطته الخارجية الأولى بلقاء الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في قصر اليمامة الديوان الملكي في لقاء قمة لبناني – سعودي هو الأول منذ سنوات، بعد فراغ أصاب رأس الدولة اللبنانية و«توتّر» شاب العلاقات اللبنانية – السعودية بسبب أزمات إقليمية.
واستُكمل اللقاء الذي اتّسم بالإيجابية بعد مأدبة الغداء التي أقامها الملك سلمان على شرف الرئيس عون والوفد المرافق باجتماع موسّع بين الجانبين اللبناني والسعودي شارك فيه، بحسب بيان المكتب الإعلامي في قصر بعبدا عن الجانب اللبناني الوزراء: جبران باسيل، مروان حمادة، علي حسن خليل، يعقوب الصراف، نهاد المشنوق، بيار رفول، ملحم رياشي، رائد خوري والوزير السابق الياس بو صعب، والسفير عبد الستار عيسى، وعن الجانب السعودي أمير منطقة الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز، مستشار الملك السعودي الوزير منصور بن متعب بن عبد العزيز، وزير الحرس الوطني متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، الوزير مساعد بن محمد العيبان، الوزير المرافق إبراهيم العساف، وزير الثقافة والإعلام عادل بن زيد الطريفي، وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير، وزير المالية محمد بن عبد الله الجدعان، الوزير لشؤون الخليج العربي ثامر بن سبهان السبهان، القائم بأعمال السفارة السعودية لدى لبنان وليد البخاري. وتمّ التطرق الى العلاقات اللبنانية السعودية وسبل تطويرها في المجالات كافة، خصوصاً في النواحي المتعلقة بالوزارات التي يتولاها أعضاء الوفد الرسمي، وتبادل الخبرات والزيارات. وتلت ذلك خلوة بين العاهل السعودي والرئيس عون استمرت نصف ساعة.
وأشارت وكالة «الأنباء السعودية» إلى عقد مباحثات موسّعة بين الجانبين اللبناني والسعودي تمّ فيها استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات، وتطوّرات الحوادث في الساحتين العربية والدولية.
وخلال المحادثات الموسّعة والخلوة الثنائية، أكد الملك السعودي، بحسب بيان المكتب الإعلامي للرئيس عون «وقوف المملكة الى جانب لبنان وسعادتها بعودة الإوضاع الطبيعية إليه»، وقال للرئيس عون «رغم الصعوبات التي تواجهون، فإن ثقتنا بفخامتكم كبيرة أنكم ستقودون لبنان الى برّ الأمان والاستقرار».
وشدّد على «أن لا بديل عن لبنان، وأن المملكة التي جمعتها بهذا البلد علاقة تاريخية، ترغب في المحافظة عليها وتطويرها، وأوعزت الى المسؤولين السعوديين تبادل الزيارات مع نظرائهم اللبنانيين، وكذلك المواطنين السعوديين الذين يكنّون محبّة خاصة للبنان».
وشدّد الملك سلمان على «أن لبنان يجب أن يبقى رمز التعايش الطائفي لأن ذلك أساس استقراره، وأنه مهما حصل من خلافات بين اللبنانيين، فهم يعودون ويلتقون»، كذلك، شدّد على «أن السعودية لا تفرّق بين لبناني وآخر ويهمها استقرار لبنان وأمنه، كذلك استقرار الدول العربية كلها».
وقال الملك السعودي «إن بلاده لا تتدخّل في شؤون لبنان وتترك للبنانيين أن يقرروا شؤونهم بأنفسهم»، كما أعطى الملك سلمان تعليماته للمسؤولين لدرس المواضيع التي أثارها الرئيس عون اقتصادياً وأمنياً وعسكرياً وسياحياً».
وأكد رئيس الجمهورية من جهته «الحرص على تفعيل وتطوير العلاقات اللبنانية ــ السعودية وإعادتها إلى ما كانت عليه متينة وقوية، كما عرض ما تحقق على صعيد تعزيز التوافق الوطني بعد الانتخابات الرئاسية والاستقرار السياسي والعمل على معالجة كل النقاط التي تحقق مصلحة اللبنانيين».
وشدّد الرئيس عون «على أن ما يجمع بين اللبنانيين والسعوديين من علاقات تاريخية سيستمرّ، وما زيارتنا إلى السعودية إلا للتأكيد على ذلك».
كما تمّ التداول خلال الخلوة في عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك والأوضاع الإقليمية. وطلب رئيس الجمهورية الاستمرار في دعم الجيش لمواجهة الإرهاب والتحديات الأمنية الأخرى، ومن ضمن ذلك موضوع الهبة. وطلب الملك سلمان متابعة هذا الموضوع مع الوزراء المختصين لمعالجته. وبالنسبة إلى التمثيل الديبلوماسي، كان الملك سلمان متجاوباً، وحرص على التشديد على دعم لبنان ومساعدته في كل النقاط التي أثارها عون، مشيراً إلى أن موضوع الطيران السعودي ستكون له معالجة إيجابية.
ووجّه عون دعوة للملك سلمان لزيارة لبنان واعتبر أن صفحة جديدة من العلاقات اللبنانية ــ السعودية فتحت، وأنها عادت إلى طبيعتها، وما سمعه من الملك سلمان يؤكد ذلك، شاكراً له حفاوة الاستقبال التي لقيها مع الوفد المرافق.
وبعد انتهاء الخلوة، رافق الملك سلمان الرئيس عون إلى مدخل الديوان الملكي مودعاً، فيما عاد رئيس الجمهورية إلى مقرّ إقامته في قصر الملك سعود.
وكان الرئيس عون وصل الى الديوان الملكي قرابة الأولى والنصف بعد الظهر بالتوقيت المحلي، حيث استقبله الملك سلمان وصافحه قبل أن تقام مراسم الاستقبال الرسمي حيث سارا على السجادة الحمراء ووقفا على منصة الشرف، وعزف النشيدان اللبناني والسعودي قبل أن يستعرضا ثلة من حرس الشرف. ثم صافح أعضاء الوفد السعودي رئيس الجمهورية فيما صافح الملك السعودي أعضاء الوفد الرسمي اللبناني.
واتجه الجميع الى الصالون الكبير، حيث صافح الرئيس عون كبار الأمراء السعوديين الذين كانوا في انتظاره داخل القاعة، كما صافح الوفد اللبناني المرافق الملك السعودي. وبعدها، انتقل الجميع الى قاعة الغداء في الديوان الملكي، حيث أقام الملك سلمان مأدبة غداء على شرف ضيفه اللبناني وأعضاء الوفد المرافق، وعدد من الأمراء والمسؤولين السعوديين.
وفور عودته من الديوان الملكي إلى قصر الضيافة، حيث يُقيم والوفد الوزاري المُرافق، التقى الرئيس عون وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بحضور وزير الخارجية جبران باسيل، ثم استُكمل بلقاء ثنائي بين باسيل والجبير الذي أكد أن «المملكة السعودية من أكثر الدول الداعمة والتي تقدّم المساعدات للنازحين السوريين في دول عدة في المنطقة، بما فيها لبنان، وهي حريصة على أن يستطيعوا العودة الى بلادهم في المستقبل القريب وأن تدعم الدول التي فيها عدد كبير من النازحين لتخفيف العبء عليها».
ولفت إلى أن «العلاقات بين المملكة ولبنان تاريخية، والود بين الشعبين لا يزال قائماً ومستمراً، ونسعى لتحسين الأمور التجارية ولتكثيف التشاور السياسي. ونعتقد أن لبنان تجاوز مرحلة صعبة عندما تم انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة. ونسعى الى أن يكون لبنان مستقلاً وخالياً من التدخلات الأجنبية، وأن تكون وحدته وأمنه واستقراره أموراً تهم اللبنانيين والعرب بأجمعهم، وتهم المملكة العربية السعودية بالذات».
أما باسيل فأشار إلى أن العلاقات بين لبنان والمملكة عادت الى طبيعتها لأن الطبيعة هي الأقوى. وهذه الزيارة هي عودة الأمور الى نصابها الطبيعي، ونأمل أن تستكمل بتنسيق دائم مع الوزير الجبير وبين الديبلوماسية اللبنانية والديبلوماسية السعودية، وفي كل نواحي الحياة المشتركة بين البلدين. لقد وجّهت دعوة الى وزير الخارجية السعودي لزيارة لبنان، ونأمل زيارة المسؤولين والمواطنين السعوديين إليه، فلبنان كان ولا يزال وسيبقى بلداً مضيافاً لكل أهله وأصدقائه.
وخلال حفل استقبال أقامه السفير اللبناني لدى المملكة العربية السعودية عبد الستار عيسى للجالية اللبنانية في السعودية، طمأن رئيس الجمهورية إلى «أن الأيام الآتية ستثبت عودة العلاقات اللبنانية السعودية الى صفائها ووضوحها»، ولفت الى أن «لبنان انطلق في وثبة إنمائية وأخرى أمنية مطمئنة للمستقبل، وبدأ مرحلة جديدة تحمل معها قرارات لمصلحة الوطن والمواطنين».
وأمل رئيس الجمهورية من أبناء الجالية اللبنانية أن يكونوا على قدر مهمة لبنان ودوره، وأن يحفظوا سمعته وسيرته، ويعملوا من أجله، كما من أجل الوطن الذي احتضنكم واستضافكم.
وكان الرئيس عون وصل الى مبنى السفارة، حيث كان في استقباله السفير عيسى وكبار موظفي السفارة. ولدى دخوله القاعة التي أقيم فيها حفل الاستقبال علا التصفيق بين الحضور ترحيباً.
وألقى السفير عيسى كلمة رحّب فيها بالرئيس عون والوفد المرافق، مشيراً إلى أن «الحضور الحاشد يدلّ على حفاوة الترحيب برئيس الجمهورية، ويمثل تعبيراً عن المحبة والتقدير اللذين تكنّهما له الجالية اللبنانية في المملكة، رمزاً للوطن ووحدة أبنائه ومؤتمناً على الدستور». وأكد أن «الجالية مسرورة لاختيار الرئيس عون المملكة في أول زيارة رسمية له منذ توليه مقاليد الحكم تعبيراً عن حرصه على العلاقات الطيبة والمميّزة التي تجمع لبنان بها».
وإذ شدّد على رمزية الموفد السعودي أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل الذي اختاره الملك سلمان لزيارة رئيس الجمهورية وتوجيه دعوة رسمية إليه لزيارة المملكة، بعد تهنئته بانتخابه رئيساً، لفت إلى «الدلالات التي تُظهر حرص المملكة على وحدة لبنان واستقراره، وسعيها الدائم إلى تعزيز قدرات دولته ومؤسساته».
وأثنى على «دور الجالية اللبنانية في المملكة ومساهمتها في تطوير القطاعات الاقتصادية فيها»، مشيراً إلى أن «هذه الجالية تواقة إلى تأدية دور فاعل في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين بتثمير فرص وعوامل النجاح المشتركة بينهما لمنفعتهما المتبادلة»، لافتاً إلى «أن لبنان يمكنه أن يتكامل مع السعودية في مسيرتها التنموية باستثمارات مشتركة يقوم بها رجال الأعمال اللبنانيون ونظراؤهم السعوديون بما يفيده ويصبّ في رؤية المملكة 2030»، مؤكداً ان «اللبنانيين في المملكة رهن إشارة رئيس الجمهورية للمساهمة في تحقيق الآمال والتطلعات الكثيرة التي يأملون بها».
وفي نهاية حفل الاستقبال، صافح رئيس الجمهورية الحضور فرداً فرداً قبل مغادرته مبنى السفارة.
وكان رئيس الجمهورية بدأ نشاطه في اليوم الثاني من الزيارة بلقاء مع أعضاء الوفد الرسمي لوضع اللمسات الأخيرة على المواضيع التي سيتم بحثها بين الجانبين اللبناني والسعودي في مختلف محطات الزيارة.
والتقى في مقر الإقامة في قصر الضيافة قبل الظهر، وزير الثقافة والإعلام عادل بن زيد الطريفي بحضور وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول والسفير اللبناني لدى المملكة عبد الستار عيسى عن الجانب اللبناني، وعن الجانب السعودي: الوزير المرافق ابراهيم العساف ووفد من وزارة الثقافة والإعلام والقائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري. وتم خلال اللقاء عرض الآفاق الإعلامية وسبل التعاون في هذا المجال. بحسب ما جاء في بيان المكتب الإعلامي لرئيس الجمهورية.
كذلك، استقبل الرئيس عون وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد بن عبد الله القصبي، بحضور الوزير رفول والسفير عيسى عن الجانب اللبناني، والوزير المرافق إبراهيم العساف وكبار المسؤولين في وزارة التجارة والاستثمار السعودية، والقائم بالأعمال البخاري عن الجانب السعودي.
بعد اللقاء، قال القصبي «لا شك في أن الاستقرار في لبنان سيشجع السياحة وعودتها، ونأمل أن يعزز أمن السائح السعودي لأن الأمن الجاذب الأول للسياحة، وأن يتمتع لبنان باستقرار دائم».
وتابع «هناك توجيهات من خادم الحرمين الشريفين لتعزيز التواصل ومعرفة الفرص المتاحة حالياً وتسخيرها ضمن رؤية 2030، فهناك صناعة الخدمات الواعدة وتطوير المملكة كمركز لوجستي والاستفادة من الخبرات في لبنان ضمن شراكة نوعية، ووعدت فخامة الرئيس بالتنسيق لتحديد هذه الفرص الاستثمارية والتي نأمل أن نُعدّ خططاً تنفيذية واضحة لها لتقديمها للمستثمرين».
وشدّد على أن المملكة ولبنان دولتان شقيقتان، وسمعت من الرئيس عون حرصه التام على تذليل العقبات التي تواجه المستثمرين، كما حثّ على استمرار التواصل مع المسؤولين السعوديين، لأن من خلال هذا التواصل نُذيب العوائق والتحديات. ونتمنى للبنان وشعبه كل النجاح والاستقرار».
قانون الانتخاب
هذا ولم يغِب قانون الانتخاب عن محادثات الرياض، فعقد اجتماع بين الوزراء: جبران باسيل، علي حسن خليل ونهاد المشنوق في مقر إقامتهم في قصر الضيافة لمناقشة قانون الانتخاب.
السبهان والمشنوق
وسُجّل أيضاً على هامش الزيارة الرئاسية، لقاء عُقد ليل أمس بين وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان ووزير الداخلية نهاد المشنوق في مقرّ إقامته في قصر الضيافة دام نحو ساعتين، بمشاركة كل من الوزراء باسيل، علي حسن خليل، ومروان حمادة ثم استكمل الاجتماع أكثر من ساعتين بين المشنوق والسبهان.
والتقى وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي محمد التويجري، حيث تمّ التباحث في تبادل الخبرات بين البلدين وإنشاء لجنة مشتركة تحقيقاً لهذه الغاية.