عن تنبيه الأمن العام… و«لا مسؤولية» بعض الإعلام
يوسف الصايغ
أصدرت المديرية العامة للأمن العام بياناً أشارت فيه الى أنّ «بعض وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة والمواقع الالكترونية الإخبارية، تقوم بنشر أخبار تتعلق بعمل المديرية العامة للأمن العام أو نسبها بشكل غير صحيح إلى مصادر في هذه المديرية، وعليه أهابت المديرية العامة للأمن العام بكلّ وسائل الإعلام توخّي الدقة وعدم نشر أو التداول بأيّ خبر يتعلق بعمل المديرية، قبل التأكد من صحته من خلال مراجعة المديرية العامة للأمن العام، مكتب شؤون الإعلام لتبيان الحقيقة».
أما مناسبة صدور هذا الكلام عن المديرية العامة للأمن العام والذي يعتبر ألف باء السلوك الإعلامي المهني، فهو مرتبط بالدور الذي يمارسه بعض الإعلام في لبنان والذي أصبح بعيداً عن أخلاقيات مهنة الصحافة وتحوّل الى مجرد بوق لبث الشائعات والإشاعات، حتى ولو كانت هذه الإشاعات المروّجة تصبّ في خدمة الإرهاب، وربما نجد من يبرّر ذلك تحت شعار «السبق الصحافي» والقدرة في الوصول الى المعلومة لا سيما الأمنية منها، ونشرها من أجل التباهي بهذا الإنجاز، لكن متى كانت المصلحة الوطنية هي المستهدفة، تصبح «المعلومة» في هذه الحالة مجرد تفصيل. وبالتالي من الواجب عدم نشرها لأنها ستنعكس سلباً على البلد بأسره، وتفشل الخطط الأمنية المرسومة أو تنال من بعض الإنجازات التي يتمّ تحقيقها في مواجهة التنظيمات الإرهابية.
فهل يعقل أن تعمد وسائل إعلام الى نشر خبر يتحدث عن تلقي الأمن العام لما أسمته «ضربة قوية» في عمليته الأخيرة، عبر تسريب المعلومات قبل ساعات من المداهمات ما منعها من استكمال الإنجاز، في إشارة الى العملية الأخيرة التي نفذتها المديرية العامة للأمن العام ونجاحها في كشف وتوقيف عدد من المرتبطين والمتورّطين بالشبكة المالية التي تقوم بتحويل الأموال لصالح تنظيم «داعش» الإرهابي، فأي مسؤولية هذه التي تدفع بهذه الوسائل الإعلامية للترويج لهذا الخبر وبثه، وما الهدف الحقيقي من نشره؟ فهل يريد من روّج الخبر القول إنّ مؤسساتنا الأمنية والقضائية مخروقة لصالح التنظيمات الإرهابية، أم هو اتهام من قبل تلك الجهات الإعلامية للبعض بالارتباط بالإرهاب؟ وهل هو استهداف للأمن العام وإنجازاته، إنْ على مستوى كشف التنظيمات الإرهابية، أو على صعيد ملاحقة وتوقيف شبكات العملاء؟
الصحافة هي مرآة الأمة كتعريف، وبالتالي هي صوت الوطن وسيفه في مواجهة الأخطار، ومن هنا تأتي مسؤولية الإعلام ووسائله في حمل لواء الدفاع عن الوطن في مواجهة الأزمات والمحن، فكيف إذا كان الوطن في مواجهة خطر الإرهاب ومشتقاته من جماعات تكفيرية تتربّص به شراً، وهنا يبرز دور الإعلام المسؤول والملتزم في رفع راية المهنية والمسؤولية الملقاة على عاتقه، فيفضح الإرهاب والإرهابيين ويكشف مخططاتهم، ويكشف للرأي العام وللمواطنين المؤامرات التي تحاك من قبل هؤلاء، لا أن يكون بوقاً يروّج من حيث يدري أو لا يدري لخرق من هنا أو تسريب من هناك، لأنّ ذلك يضع هذه الوسائل الإعلامية في خانة «الشبهة الإعلامية» التي تصل مستوى الخيانة الوطنية.