«إسرائيل» تحاول استعادة وعيها من مذلتها في لبنان باستعدادات ومناورات عسكرية تجريها في قبرص
اياد موصللي
«لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم»
في مطالعات التاريخ والدروس التاريخية كنا نلاحظ كثيراً التنافس بين البيزنطيين والفرس ومقدونيا.. وكانت بلادنا الهدف المشترك للشهوة الاستعمارية عند هذه الدول.. فالفرس تمدّدوا نحو العراق وما بين النهرين والرومان البيزنطيون تمدّدوا نحو الشام وتخومها والاسكندر المقدوني نحو لبنان وسواحله.
وقد أعطينا العالم أمثولات في البطولة وكنا مدرسة في هذا الميدان، وسمة من سمات أمتنا الأخلاقية والاجتماعية والدينية، بغضّ النظر عن موقفنا ورأينا بالأنظمة العربية، فهل استقرّ الأميركان في العراق بجنودهم الذين تجاوزوا المائتي ألف والمتطوعون والشركات الأجنبية الذين قدّروا بعدد مساو حتى انّ السفارة الأميركية اعلنت انّ عدد منتسبيها سيصل الى 16 الف بداية عام 2012.
وهل ننسى صيدا، وكيف صمدت في وجه الاسكندر المقدوني وأحرق أهلها مدينتهم وأنفسهم رافضين العبودية والاستسلام؟ هل ننسى ذي قار في العراق وانتصار الكرامة العربية على أقوى واعتى دول وجيوش ذلك العصر، دولة الفرس وهل ننسى ثورة العشرين في العراق وسخاء البطولة والعطاء؟
هل ننسى زنوبيا ملكة تدمر وملحمتها في وجه الرومان…؟
هل ننسى ثورة 1925 ومعركة المسيفرة في الشام وانتصار السلاح البدائي أمام آلة الحرب الحديثة؟
انّ البطولة صناعتنا، والشهادة ابتكارنا والنخوة صفةٌ من صفاتنا نحن الذين تغنينا بالعزة والعنفوان، نحن لنا الصدر دون العالمين او القبر، نحن من آمنا بأنّ الشعب إذا أراد الحياة فلا بدّ ان يستجيب القدر، نحن السيف والترس في حفظ الحق القومي والدفاع عنه… فإذا تغنّينا بفلسطين ليس لأننا نهوى الشعر ونطرب في الغناء، بل لأننا لن نقبل ولن نرضى ان يكون قبر التاريخ مكاننا النهائي في الحياة… نؤمن باستعادة حقنا في فلسطين ارتكازاً على حقائق أهمّها:
ـ اننا أصحاب الأرض وأصحاب الحق.
ـ انّ إيماننا وانتماءنا لأمة ما كان في تاريخها تقاعس واستسلام، وانْ مرّت بكبوات وانحدارات وتراجعات ولدت من تخاذل في الرأس عطل إمكانيات الجسد. فالأمم الحية وحدها تتعرّض للانتكاسات والهزات والتراجعات وتنهض منها بفعل الإيمان ورسوخ العقيدة، أما الأمم الضعيفة فلا تشعر بأيّ انتكاسة، لأنها هي في الأساس منكّسة الراية مسلوبة الإرادة.
لقد حكمنا العثمانيون أكثر من 400 سنة باسم الدين وبحدّ السيف ولسع السياط، وسدّوا علينا منافذ الحرية ولكننا انتصرنا وتحرّرنا، اننا شعب منتصر ولا مناصّ لنا من النصر ولو أردنا ان نفرّ من النصر لما وجدنا الى الفرار سبيلا. جميع مراحل الذلّ في تاريخنا صنعها أولو الأمر كما صنع آخرون مواقف العز…
اليوم تطالعنا الأخبار عن استعدادات يجريها الإسرائيليون تحضيراً لعدوان شامل ضدّ المقاومة.
فقد كشفت وسائل إعلام العدو أنّ لواء الكومندوس الصهيوني أجرى «مناورة كبرى» في جزيرة قبرص خلال الأيام القليلة الماضية بقيادة العقيد ديفيد زيني، كجزء من عملية زيادة دور الوحدات الخاصة في حرب ضدّ فصائل مقاومة كحزب الله اللبناني، حيث حاكت المناورة حرباً شاملة ضدّ الحزب.
وشملت المناورة التدريب على سيناريوات قد تحدث خلال الحرب المقبلة، بواسطة طواقم صغيرة أو لواء كامل في عمق أرض العدو، حيث قامت القوات الصهيونية بالسيطرة على أراضٍ والمناورة بالنيران في قرى مهجورة.
وبحسب وسائل إعلام العدو، فإنّ حوالى 500 جندي صهيوني شاركوا في المناورة، بالإضافة إلى 100 جندي من قبرص.
وقال أحد ضباط جيش الاحتلال «إنّ الأمر يتعلّق بمناورة للمرة الأولى من نوعها بهذا الحجم وتحديد الأهداف في الجيش الإسرائيلي»، مضيفاً «القوات تدرّبت من بين جملة أمور على القتال في مناطق مبنية على الأرض، داخل الأنفاق، مناطقة داخلية، جبلية، مع مروحيات بالنهار والليل»
وكرّر المناورات مرة أخرى الأسبوع الماضي بشكل مفاجئ على طول الحدود الشمالية في الجولان وغور الأردن.
وقالت مصادر عسكرية إنّ هذه المناورات ستمتدّ أسبوعاً بمشاركة قوات برية وجوية وتحت إشراف قيادة اللواء الشمالي وهيئة رئاسة الأركان.
وذكر متحدث عسكري أنّ بدء المناورات على هذا النحو المفاجئ يأتي في إطار البرنامج السنوي لما سماه «الحفاظ على استعداد الجيش للتعامل مع أيّ طوارئ في هذه المناطق الممتدّة على طول الحدود مع لبنان وسورية وفي شمال غور الأردن».
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قال الأحد «إنّ إسرائيل لن تترك هضبة الجولان، وهي باقية فيها إلى الأبد».
وذكر نتنياهو «أنّ إسرائيل تسيطر على الجولان منذ 49 عاماً، وقد أصبحت الهضبة منطقة للسلام والازدهار، كما أصبحت إسرائيل هي الحلّ وليست المشكلة»، حسب تعبيره، كاشفاً عن أنه «لن يطرأ أي تغيير على حدود إسرائيل القائمة، ومن غير المهمّ إلى ماذا ستنتهي الأمور على الجانب السوري»، على حدّ تعبيره.
وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإنّ نتنياهو يخشى أن تتعرّض «إسرائيل» إلى ضغوط من المجتمع الدولي لحملها على الانسحاب من الهضبة المحتلة إذا ما تمّ التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل سورية خلال مفاوضات السلام التي تُجرى في جنيف.
تحضيرات واستعدادات مناورات وتدريبات تمهيداً وتحضيراً لعدوان ولم نسمع صوتاً ولا كلمة من الأمم المتحدة وحماة حقوق الإنسان..
في المقابل تطالعنا الأخبار عن عقوبات وإجراءات تتخذها أميركا وحلفاؤها بحق روسيا لأنها تدخلت في أوكرانيا المترابطة مع روسيا جغرافياً بداعي انّ روسيا تعدّت على السيادة الأوكرانية. وتتخذ إجراءات ضدّ إيران بداعي أنها تطوّر اسلحة دفاعية تعتبر تهديداً للأمن في المنطقة، وتدعم السعودية والتحالف الذي أنشأته ضدّ اليمن منذ ثلاثة أعوام وادّى لتدمير البلاد وقتل العباد.. وتشارك في العدوان الإرهابي في الشام وتتدخل عسكرياً..
وها هي مؤخراً تعلن على لسان رئيسها دونالد ترامب إلغاء الاتفاقية التي عقدها الرئيس السابق باراك أوباما مع هافانا وقال: «نصلي للخالق بأننا سنحقق حرية كوبا في القريب العاجل…» وكوبا بلد مستقلّ سيادي..
هذه هي صورة الحرية والعدالة التي تتغنّى بها أميركا وحلفاؤها وعملاؤها…
يرفعون راية بيضاء تحميها سيوف حمراء ويريدون منا ان نستسلم للشعارات ونتقبّل الإملاءات من العدو ومن يدّعي انه صديق..
تجري المناورات الاسرائيلية تحت عنوان «ضدّ فصائل مقاومة حزب الله» اللبناني. ولم نسمع كلمة واحدة مستنكرة لما يجري من استعداد ومحاكات لحرب ضدّ لبنان..
امر المناورات لا يهمّنا ولا يقلقنا، فالحرية التي نتمتع بها لم تأتنا منحة او هبة بل بنيناها بالسخاء في التضحية والبطولة والفداء وما صنعه أبطالنا بالسيف يحمونه بالسيف..
يحاربون روسيا وإيران ويفرضون العقوبات باسم العدالة والحرية وهم كما يقول الأديب المرحوم سعيد تقي الدين: «أفصح ما تكون القحباء عندما تحاضر بالعفاف…»
إنّ المقاومة في لبنان أثبتت فعلاً انّ تحقيق الأحلام مرتبط بكيفية النوم، فإن نمت نوماً عميقاً واسترسلت فيه فإنّ حلمك يبقى في عينيك وتبقى أسيره، وانْ كنت حدّدت لنومك وقت اليقظة واستيقظت نشيطاً حيوياً فحلمك رفيقك في خطواتك. حققنا فعل الإرادة وسجلت المقاومة في معظم المواقع بطولات لن ينساها الصهاينة لا بل ستكون الفزّاعة لهم كباراً وصغاراً سيذكرون عملية صور الباسلة واستشهاد أحمد قصير في 11/11/1982 يوم دمّر فوق رؤوسهم مقرّ قيادتهم بمن فيه، ثم مذبحة الصرفند التي أباد فيها المقاومون فرقة الإنزال الجوي، كما سيذكرون عيترون وعلما الشعب وبنت جبيل وغيرها… وخالد علوان وسناء محيدلي ورفقاءهما، انّ ما حققته المقاومة في لبنان بطرد عدو أنشأ دعماً لقوته جيشاً من المرتزقة العملاء، وأجبرته المقاومة على الاندحار والانسحاب، لتثبت انّ بإمكاننا ان نعيد كتابة التاريخ، إن انتصاري عام 2000 وعام 2006، هما بداية تحطيم صنم العار وانّ تحرير فلسطين من هذا العدو ليس مستحيلاً.
يتكلمون عن الحرية ويمارسون حفر قبورها ونذكر أولئك الذين يجرون المناورات ويرسمون المخططات ويحضرون أنفسهم لتحقيق أحلامهم نذكرهم لعلّ الذكرى تنفع الكافرين..
نذكرهم بما قاله قائدهم اسحق شامير: «لم يخطر ببالي أن أحيا لهذا اليوم الذي تُرغم به إسرائيل وجيشها الذي وصفه أعداؤنا بالجيش الذي لا يقهر فيجبر على الفرار، إنّ بضع مئاتٍ من مقاتلي حزب الله يرغمون جيش إسرائيل على الانسحاب».
وستنشد أجيالنا:
لا يموت الحق مهما
لطمت عارضيه،
قبضة المغتصب
لن ترى حفنة رمل
فوقها لم تعطّر
بدما حرٍّ أبي