ماذا بعد الاعتداء بالغازات السامة على حلب؟
حميدي العبدالله
الاعتداء بالغازات السامة على مدينة حلب من قبل الجماعات الإرهابية تطوّر خطير موجّه بالدرجة الأولى إلى روسيا أكثر من أيّ طرف آخر. والجهة التي وجهت هذه الرسالة ليست الجماعات الإرهابية وحدها، بل تركيا شريك في توجيه هذه الرسالة، إذ لا يُعقل أن تقدم جبهة النصرة أو أيّ تشكيل آخر على استخدام أسلحة محرّمة دولياً ومن داخل المنطقة التي يفترض أن تكون منزوعة السلاح الثقيل ولا يوجد فيها الإرهابيون، وهي تقع على بعد بضعة أمتار من نقطة مراقبة تركية، ولا تقوم أنقرة بأيّ ردّ فعل على هذا الاعتداء ليس بالردّ على المعتدين الذين ضمنتهم تركيا عسكرياً، بل إصدار بيان واضح وصريح يدين الاعتداء الإرهابي على الأحياء الآمنة في حلب وهذا لم يحدث، الأمر الذي اضطر روسيا إلى شنّ غارات جوية على مواقع المسلحين القريبة من مدينة حلب والتي يشتبه بأن يكون لها دور في الهجوم بالغازات السامة الذي استهدف المدينة.
إذا كانت تركيا غير مستعدة حتى لإصدار بيان سياسي يدين الهجمات على أحياء آمنة بأسلحة محرمة دولياً، ومن منطقة طالما زعمت أنقرة أنها باتت خالية من الأسلحة الثقيلة ومن الجماعات الإرهابية، فهل فعلاً يراهن عليها في تطبيق اتفاق سوتشي؟
الجواب واضح: تركيا لن تنفذ ولن تساعد في تنفيذ اتفاق سوتشي، سواء لتواطؤ مع الجماعات الإرهابية، أو نتيجةً لعجزها عن ضبط الجماعات الإرهابية ودفعها للالتزام بالاتفاق.
أما الرهان على إعطاء تركيا مزيداً من الوقت ومساعدتها على إضعاف الجماعات الإرهابية وتقوية الجماعات المسلحة المرتبطة بها، فهذا يعني الانتظار سنين طويلة، والتجربة أظهرت أنّ عامل الوقت يعمل في مصلحة التنظيمات الإرهابية، وليس في مصلحة تركيا والجماعات المسلحة المرتبطة بها، إذ لوحظ أنه في الفترة الأخيرة استطاعت جبهة النصرة وحلفاؤها من الإرهابيين في تنظيم القاعدة من إحكام سيطرتهم على إدلب والمناطق المحيطة بها، وإضعاف حضور وتواجد التنظيمات المسلحة المرتبطة بتركيا.
إذا كان هناك مصلحة في تطبيق اتفاق سوتشي فإنه بات من الواضح أنّ تطبيق الاتفاق لن يحدث إلا من خلال عملٍ عسكري كبير ينفذه الجيش السوري بمساندة من القوة الجوفضائية الروسية، أما غير ذلك من الأعمال العسكرية مثل القصف الذي نفذته الطائرات الروسية على مواقع للإرهابيين غربي وجنوب حلب، فإنه لا يحلّ المشكلة ولا يسهل تنفيذ اتفاق سوتشي، ولا سيما أنّ الجماعات المسلحة استهدفت من جديد أحياء حلب الآمنة بعد القصف الجوي الروسي لمواقعها، أما الرهان على دور تركيا في تنفيذ اتفاق سوتشي فهو رهان لا يبدو أنه رهان واقعي.