قالت له
قالت له: لماذا نحتاج في الحب إلى التذكير بما نطلب ويقصد الحبيب أن يدعنا نعيد حتى نشعر أننا نتسول منه الاهتمام؟
قال لها: ما دام هناك ثقة بوجود الحب، فالعيب سيكون في طبيعة الطلب أو طريقة الطلب أو طبيعة الحبيب.
قالت: ما يصلك من الحبيب مرة يمكنه إيصاله كل مرة.
قال: إن تفرغ للحبيب وصارت حياته كلها البحث في كيف يرضيه أما إن كان يظن الرضا أصل التعامل بين الحبيبين. فكل منهما يتصرّف بعفويته وتظهر بينهما الفجوات إلا إن كان أحد الحبيبين يريد الشعور بأنه دائماً محور الاهتمام ولا يمنح بالمقابل إلا السؤال والشكوى والطلب، وربما اتخاذ السؤال مدخلاً لتوجيه اللوم وأحياناً إطلاق الاتهام وربما إلصاق التهم وإجراء المحاكمة وإصدار الأحكام.
قالت له: هذا عندما يبلغ الضيق من الإهمال حد القدرة على الاحتمال.
قال لها: لو كان صاحب الطلب كريماً في السؤال والاهتمام وكان الشريك بخيلاً لصح القول. أما أن يكون العكس فيصير الطلب تطلباً وتصير الشكوى تصلباً فكم من مرة قارن الحبيب ما يُعطي من الاهتمام بما يطلب وكم من مرة وجد أنّه منح الفائض حتى يطلب التعادل؟
قالت: وكيف يفعل ذلك وهو دائماً يشعر بالحاجة للآخر ولا يظنه يحتاجه؟
قال لها: قد لا يحتاجه الآخر في مشورة أو مساندة، لكنه يحتاج كلمته اللطيفة وعاطفته المتدفقة ودفء الروح والسكينة، ورغم البخل بها بداعي الانشغال والهموم لا يبخل عندما يجد الحبيب محتاجاً وعندما يرتاح الحبيب بدلاً من أن يرتاح إليه يرتاح عليه فيتفرّغ للمشاحنة والمساءلة والطلب وصولاً للاتهام وإصدار الأحكام وأحياناً إدارة الظهر وإظهار الترفّع ودائماً يصير أستاذاً في علوم النفس والتحليل وفي الأخلاق والأصول، وماذا يجب وكيف ينبغي ويصير السؤال ما دمت برتبة الأستاذ في الأقوال والأفعال فلماذا تحتاج السؤال؟
قالت: إذن أنت معذب وتعاني.
قال: أنا أرد لك في العيد التهاني.
قالت: حرمتني من سماع الأغاني.
قال: وماذا عساي من الأغنيات ارتجي؟
قالت: تعا ولا تجي.
قال: ها أنا ذا.
قالت: وأكذب عليي.
قال: خلصت الغنية.
وتبسّما ومضيا.