2020 موعد محدّد لعودة العملاء بعد حملة إسقاط الـ 303 منذ الـ 2012 بقيادة «القوات» الأسرى المحرّرون ينظمون اعتصاماً في سجن الخيام الأحد لرفع الصوت في قضية العملاء
كتب المحرّر السياسيّ
تتركز الأنظار على قضيتين، الأولى ما ستخرج به القمة الروسية الإيرانية التركية التي ستنعقد ضمن مسار أستانة في أنقرة يوم الإثنين، وعلى طاولتها ملف واحد هو مستقبل الوضع في إدلب، والثانية مَن سيكون مستشار الأمن القومي الأميركي الذي سيخلف جون بولتون. وفيما قالت مصادر روسية متابعة لقمة انقرة لـ «البناء» أن قرارين اساسيين سيصدران عن القمة ويتصدّران مناقشاتها، هما إطلاق مسار تشكيل اللجنة الدستورية السورية وفقاً للصيغة التي طلبتها الحكومة السورية، بنيل أغلبية مقاعد اللجنة، والثاني هو ترتيبات جديدة لمنطقة خفض التصعيد تتمثل بفتح ممر آمن لخروج المدنيين من مناطق سيطرة الجماعات الإرهابية، إلى مناطق سيطرة الجيش السوري عبر معبر أبو الضهور الذي ينتشر المسلحون التابعون لجماعات الإرهابية قبالة الجيش السوري في محوره، ويفترض بتركيا أن تتعهّد بإخلائهم او ترك الفرصة لجولة جديدة من العمليات العسكرية لتحقيق ذلك. واعتبرت المصادر أن تركيا بعد فشلها في الإيفاء بتعهداتها حول جبهة النصرة وحلها وإخراجها من الخطوط المواجهة للجيش السوري لم تعد تملك ما تحتاجه لطلب مهل جديدة.
في مسار تعيين مستشار أميركي جديد للأمن القومي، تقول مصادر إعلامية أميركية أن مستقبل ملفات أفغانستان ومصير التفاهم مع طالبان والتنسيق مع الثلاثي الروسي الصيني الإيراني لضمان انسحاب أميركي آمن، ومستقبل التفاوض مع إيران وحزمة التحفيز اللازمة لبدء التفاوض بعد فشل خطط التصعيد التي قادها بولتون، وكذلك مستقبل فنزويلا بعد فشل خطة الانقلاب الذي قاده وخطط له بولتون، هي العناوين التي ستحكم اختيار المستشار الجديد. ورجحت المصادر أن يكون بديل بولتون اسماً من الدرجة الثانية يجري اختياره من بين السفراء والضباط السابقين الذي تولوا مسؤوليات تنفيذية في مجلس الأمن القومي، أو أحد مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لملفات إيران أو كوريا الشمالية، ولذلك ترد أسماء بريان هوك ممثل ترامب في الملف الإيراني، وستيف بيغان موفد ترامب لملف كوريا الشمالية، والجنرالات ريكي وادل وجاك كاين ودوغلاس ماكريغور، والسفيرين ريتشارد غرينيل وبيتي هوكسترا والعاملين في الأمن القومي فريد فليتز وكيث كولوغ وروب بلير. وكل الخيارات تندرج تحت عنوان موظف مطيع لا صاحب رؤيا بعدما اختبر ترامب بولتون ورؤيته وكاد يأخذه إلى كارثة.
لبنان بقي مأخوذاً بقضية عودة العميل عامر إلياس فاحوري جزار سجن الخيام وجلاده، فيما غابت كل القضايا والمواقف عن صورة المشهد الأول بما فيها تصريحات مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر التي توجهت لاستهداف حزب الله.
في قضية العميل فاخوري الموقوف لدى المحكمة العسكرية ومعه العميد الياس يوسف الذي رافقه إلى مقر الأمن العام، والتحقيقات مع كل منهما تجري بسريّة بعدما ثبت أن العميل فاخوري اعترف بتعامله المستمرّ مع الاحتلال، وبحصوله على جواز سفر «إسرائيلي» هو ما قال نقيب المحامين السابق شكيب قرطباوي أنه كافٍ لمواصلة الملاحقة، فيما كشفت لائحة الستين عميلاً الذين تجري مساعي تبييض سجلاتهم، وجود خطة لضمان عودة العملاء المتورطين بجرائم والمستمرين بالتعامل مع الاحتلال، واعتبار عام 2020 موعداً نهائياً لتحقيق ذلك على قاعدة اعتبار مفعول سقوط الأحكام بمرور الزمن بعد عشرين عاماً، واعتبار أن آخر الأحكام كان عام 2000، لكن القطبة المخفية التي تحدثت عنها مصادر أمنية كانت في الحملة التي نظمت نيابياً وشعبياً لإسقاط مفعول البرقية المنقولة 303 التي تصدرها مخابرات الجيش اللبناني بحق الإرهابيين والمتعاملين مع الاحتلال لمنع تسللهم تحت بند مرور الزمن، وهي حملة بدأت عام 2012، وكانت القوات اللبنانية أول من بدأها عبر مواقف للنائب إيلي كيروز في سؤال وجهه لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي في 13 شباط 2012، وتلاه رئيس حزب القوات سمير جعجع في 6 نيسان 2016 وقد وصفها بالحبل الذي يربط رقبة المواطن ويمنعه من السفر والتحرّك، ونجحت الحملة باستصدار قرار من الحكومة عام 2014 قال وزير الداخلية نهاد المشنوق إن الأجهزة الأمنية لا تطبق الإلغاء ولا تزال تعمل بموجب البرقية 303.
وقالت المصادر إنه لولا الضغوط لسحب البرقيات الصادرة تحت رقم 303 لما كان بمستطاع أي كان أن يؤمن عودة أي من العملاء، تحت ذريعة مرور الزمن على الأحكام القضائية، داعية الى التحرّك بقوة لإعادة فرض العمل بها بحق العملاء والإرهابيين، وإذا كان ثمّة مبالغات في استخدامها في قضايا لا تتصل بالأمن الوطني فيمكن الاشتراط والتدقيق لضمان حسن التطبيق لأن الإلغاء ترتب عليه جعل لبنان مكشوفاً أمام استخبارات العدو والتنظيمات الإرهابية.
في مواجهة تداعيات قضية العميل فاحوري ينظم الأسرى المحرّرون ومعهم عديد من الشخصيات السياسية والإعلامية اعتصاماً ظهر الأحد في معتقل الخيام، لفرض حضور يمنع التسويات في القضية خصوصاً مع بدء تسريب كلام عن فرضية الترحيل للعميل بداعي حمله جواز سفر أميركياً، بدلاً من محاكمته وسوقه إلى ساحة سجن الخيام ليلقى قصاصه العادل.
العميل والعميد قيد التحقيق…
فيما غابت الأحداث والحركة السياسية عن المشهد الداخلي يوم أمس، بقي ملف العميل عامر الفاخوري متصدرَ الواجهة، فبعد نجاح حملة الاعتراض الشعبي بتوقيف أحد كبار العملاء الاسرائيليين، نجحت حملة الضغط أيضاً بتوقيف العميد الركن إلياس يوسف وأُحيل الى التحقيق بسبب مرافقته للعميل الفاخوري الى مركز الأمن العام في بيروت.
وأمس، تسلمت قاضي التحقيق العسكري المناوب نجاة أبو شقرا ملف الموقوف القائد السابق لسجن الخيام في جيش أنطوان لحد العميل الفاخوري، بعد ادعاء النيابة العامة العسكرية عليه بموجب ورقة طلب تضمّنت ملاحقته بجرم الانضواء في صفوف العدو، والحصول على جنسيته والتسبب بقتل لبنانيين.
وفي جديد القضية استمر التحقيق مع الفاخوري، حيث يخضع لتحقيقين متوازيين في المحكمة العسكرية ولدى مخابرات الجيش.
ووفقاً لمعلومات قناة المنار فإن الضابط الذي رافق الفاخوري الى الأمن العام يخضع للتحقيق، كاشفة أن «هناك مَن يعمل في الدولة على تنظيف ملفات ستين عميلاً».
وأعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان أنه «بعد انتهاء التحقيق مع عامر الفاخوري أحيل الى النيابة العامة العسكرية استناداً الى اشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس». وأضاف: «بنتيجة التحقيق مع الفاخوري، اعترف بتعامله مع العدو الإسرائيلي وانه استحصل بعد فراره عام 2000 على هوية وجواز سفر اسرائيليين».
وفي سياق ذلك، تداول بعض مواقع التواصل الإجتماعي صوراً لقائد الجيش العماد جوزاف عون تجمعه مع الموقوف الفاخوري. إلا أن قيادة الجيش سارعت الى توضيح الأمر في بيان أكدت فيه أن «هذه الصور قد تم التقاطها خلال زيارة العماد عون إلى الولايات المتحدة الأميركية في تشرين الأول من العام 2017، خلال حفل استقبال عام أقامته السفارة اللبنانية على شرف العماد عون، حيث قام المدعوون بالتقاط صور إلى جانبه ومن ضمنهم العميل فاخوري، علماً أن لا معرفة شخصية تجمعه مع قائد الجيش».
وعن مرافقة عميد في الجيش اللبناني للعميل المذكور إلى مركز تابع للأمن العام اللبناني. لفتت قيادة الجيش «أنها تقوم بمعالجة هذا الموضوع بالأطر والطرق القانونية المناسبة». وتساءلت مصادر عن الهدف من وراء زج الجيش وقائده في هذه القضية؟ ومن له مصلحة في ذلك في الوقت الذي وقف فيه مع المقاومة بالتصدي للعدوان الإسرائيلي الاخير على لبنان؟
كما تم التداول بصورة جمعت العميل مع رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، أما اللافت فهو الصورة التي أظهرت الفاخوري وهو يدلي بصوته في أحد أقلام الاقتراع في أميركا خلال الانتخابات النيابية الأخيرة، ما يكشف بأنّ الفاخوري استعاد كامل حقوقه المدنية والسياسية قبل العام 2018، وبالتالي تمّت تسوية ملفه القضائي مع مرور الزمن. إلا أنّ جرائم كهذه تندرج في إطار العمالة للعدو وجرائم الحرب كما وصفها الأسرى المحررون لا تسقط بمرور الزمن ولا يمكن اعتبار العمالة وجهة نظر.
وفيما تخوّفت مصادر سياسية من تدخل جهات سياسية وقضائية لتسوية ملف الفاخوري، أكدت مصادر قضائية أنّ «الأمر في عهدة القضاء العسكري والتحقيق سيأخذ وقتاً طويلاً»، وقال وزير الداخلية الاسبق مروان شربل لـ»البناء» إن مرور الزمن على جريمة العمالة لا يعني إخلاء سبيله، بل الأمر يعود للقضاء في درس هذه الحالة وربما يظهر التحقيق جرائم أخرى ارتكبها العميل الفاخوري لم يحاكم عليها، لا سيما أنّ هناك دعاوى سترفع من قبل عدد من الأسرى والمحامين». وأوضح شربل أنّ قانون العفو عن العملاء لا يشمل كلّ العملاء خصوصاً الذين ارتبكوا الجرائم ومارسوا العمالة عن سابق تصور وتصميم وكانوا في مناصب عسكرية عليا بمعاونة العدو. وهذه الحالات تستثنى من القانون لكن أهالي العملاء أو الذين هاجروا الى «إسرائيل» منذ صغرهم ولم يرتبكوا اي جرم فهؤلاء يمكن النظر في أمرهم».
مصادر مطلعة طرحت أربعة أسئلة في ملف الفاخوري: الأول: مَن هي الجهة التي عبثت بوثائق قانونية وأمنية وسحبت اسم الفاخوري من وثائق الملاحقة في قيادة الجيش؟ هل تصرف الضابط الذي رافق وسهل للفاخوري الدخول الى المطار، فردي أم مكلف من جهات عسكرية وسياسية؟ هل يمكن الاعتماد دائماً على يقظة الأمن العام اللبناني في كشف وتتبع مثل حالات كهذه دون معاونة باقي الاجهزة الامنية لا سيما استخبارات الجيش وفرع المعلومات وأمن الدولة؟ وما الهدف من محاولة بعض السياسيين تجويف القضية والمقارنة بين العمالة للعدو الاسرائيلي وبين التعاون مع الأخ والشقيق السوري؟»
أما السؤال الاخطر بحسب المصادر فهو: «هل هناك خطة أميركية لاستعادة جميع العملاء الاسرائيليين الى لبنان لتشكيل حالة ضاغطة بوجه المقاومة، وخاصة ان الخطة الاميركية بدأت مع زيارة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الى لبنان وتلاحقت بعدها الاحداث الأمنية من حادثة قبرشمون الى اثارة قضية المعابر الشرعية وغير الشرعية على الحدود السورية اللبنانية الى طرح مسألة الاستراتجية الدفاعية وسلاح حزب الله الى قرار وزير العمل كميل ابو سليمان الذي كاد يفجر الأمن في المخيمات الفلسطينية، فهل ما يجري إعادة تحريك الامن وتفجيره في وجه المقاومة؟».
وما يعزز هذه المخاوف، زحمة التصريحات الاميركية التي تهدد حزب الله، وآخرها ما أعلنه مساعد وزير الخزانة الأميركي مارشال بيلينغسلي أمس، بأن بلاده ستواصل الضغوط على حزب الله لوقف تمويله. وشدد على ان «النظام المركزي اللبناني يعاني بسبب تصرفات حزب الله وعلينا معاقبة كل من يتعامل مع حزب الله». وأضاف: «حزب الله وأنصاره يحصلون على التمويل من عمليات تبييض الأموال».
وقال: «سنواصل جهودنا لمحاصرة وتفكيك شبكات تمويل حزب الله».
رئيس الجمهورية
على صعيد آخر، أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل» الجنرال ستيفانو دل كول، الذي استقبله في بعبدا، أن «المحاولات التي قامت بها إسرائيل أخيراً من اجل تغيير الوضع القائم في الجنوب، شكلت خطراً داهماً على المنطقة، وهددت حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة الحدودية منذ حرب تموز 2006».
وكرر الرئيس عون التزام القرار 1701، أكد أن «لبنان يحتفظ بحقه المشروع في الدفاع عن النفس اذا ما تعرّض لأيّ اعتداء». وفي الشأن الداخلي أكد عون «أننا سنستخدم كافة الوسائل التي لدينا من اجل انقاذ لبنان من الوضع الاقتصادي الصعب الذي يجتازه، ولن نسمح بسقوط لبنان وإن كانت الأزمة صعبة ألا اننا ملزمون بالنجاح في عملية الإنقاذ»، مشددا على «ان الاقتصاد المنتج يؤدي الى دعم الليرة اللبنانية، ومن المستحيل دعمها بالديون». وقال «لدى لبنان ما يكفي من الوسائل للخروج من الأزمة، ونحن الآن في صدد اتخاذ اجراءات اقتصادية مهمة لتأكيد هذا الهدف، واطمئنكم الى ان لبنان لن يسقط».
في المقابل يبدو أن العلاقة بين القوات اللبنانية وكل من التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة سعد الحريري الى مزيد من التوتر بعد اقرار التعيينات القضائية الأخيرة واستبعاد القوات منها. وواصل القواتيون تصعيدهم في وجه التيار ورئيسه جبران باسيل ولم يوفروا الرئيس الحريري، لكن مصادر «البناء» أكدت بأنّ القوات «لن تخرج من الحكومة لأنّ ذلك سيبعدها كلياً عن المشهد السياسي وإخلاء الساحة للتيار الوطني الحر ويصبح وضعها وموقعها مشابهاً لوضع حزب الكتائب، ما يضعف موقعها في الاستحقاقات المقبلة لا سيما رئاسة الجمهورية فضلاً عن التعيينات والتوظيفات المقبلة، فضلاً عن تراجع دورها في الخارج»، لكن المصادر تساءلت: «هل سيبقى موقف القوات نفسه اذا ما استبعدت عن كل التعيينات المقبلة؟».
تعيينات جديدة الثلاثاء
الى ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسة الثلاثاء المقبل في بعبدا وعلى جدول اعمالها 26 بنداً ومن بينها مشروع قانون الموازنة العامة 2020، واكدت مصادر وزارية أن جدول اعمال الجلسة يتضمّن تعيينات المجلس الأعلى للخصخصة، ورئيس وأعضاء مؤسسة «إيدال»، كما أشارت الى أنّ المجلس سيجري قراءة أولية لمشروع الموازنة بعدما رفعه وزير المال الى رئاسة الحكومة على أن تعقد جلسات أخرى في السرايا الحكومية لمتابعة مناقشة الموازنة.