بروح رياضية
حسن الخنسا
يبدو أن اللبناني لا يستطيع أن يحيا في وطنه عزيزاً من دون «الواسطة»، فهي أي الواسطة لها تأثير غريب على امتداد مشوارك الذي يمتد منذ أن ولدتك أمك في مستشفى ما بـ«الواسطة» إلى أوان رحيلك عن هذه الدنيا حين تبحث عائلتك عن أرض في «وطنك» تلمّ جثمانك بـ«الواسطة».
ولكن ما يثير الاستغراب أن الرياضة دخلت دائرة المحسوبيات من دون أن تسلم منها، فالرياضة والقيّمون عليها لا يتمتعون بالروح الرياضية الحقيقية والنزاهة والصدق التي تجعل منهم أولياءً صالحين لشؤون الرياضيين. ولأن الرياضة مقياساً لارتقاء الشعوب والأمم، سنبقى تحت خطّ الرقي بين دول العالم طالما بقي هؤلاء في مراكزهم التي تخوّلهم التحكّم بمستقبل البلاد والعباد.
فعندما نرى الرئيسين السابق والحالي لنادي برشلونة يحاكمان بقضية فساد وتهرّب من الضرائب ويواجهان معاً عقوبة السجن من سنتين إلى 7 سنوات إضافة إلى دفع غرامة تتجاوز 12 مليون يورو، ندرك السبب وراء رقي القارة العجوز ومدى التزام حكومات البلاد هناك بالأخلاقيات ومكافحة الفساد والمفسدين.
بينما نرى في بلادنا أشخاصاً يحققون البطولات المحلية ويتوّجون بالذهب، ولكن عندما ترسل بعثة لهذا الاتحاد أو ذاك لا يؤخذ في الاعتبار أن الأولوية للمتوّجين محلياً، ليرسل ابن «فلان» ومجاملةً لـ«فلان».
الرياضيون مهمشون هنا تحت عناوين بائسة، منها أن أوضاع البلاد لا تسمح اقتصادياً وأمنياً وغير ذلك فهناك شؤون أخطر يجب الاهتمام بها. كما أن معظم النشاطات الرياضية التي تقام، إمّا هدفها سياسي أو لها هدف مادي خفي.
وتكمن المصيبة الكبرى عندما نكتشف أن الاتحادات الرياضية مقسّمة بحسب الطوائف والديانات بدلاً من أن تكون بحسب الكفاءات والاختصاصات، فالحقيقة أن أن لا هيئة اتحادية تنشأ من دون مراعاة «الستة بستة مكرّر». ولا شكّ أن هذا كلّه يؤثر في الإنتاج الرياضي اللبناني، ما يؤدّي إلى تهميش الكفاءات وبروز أصحاب المحسوبيات على حساب من يستحق، ما ينعكس سلباً على نتائج المنتخبات والبعثات الرياضية على اختلاف أنواعها الألعاب الفردية والجماعية ، والمستوى الفني لكلّ لعبة.
بناءً على ما تقدّم، ندعو وزير الشباب والرياضة إلى القيام بحملة شبيهة بحملة وزارة الصحّة لمكافحة الفساد والمحسوبيات في الاتحادات الرياضية كافّة، ومحاسبة المفسدين لأن ذلك يشكّل ردعاً لنصبح أمام اتحاداتٍ نزيهة لا مكان للـ«واسطة» في دورتها العملية.