السعودية تردّ على السيّد نصرالله وتنفصم رسمياً
روزانا رمّال
يعرف أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أنّ تصعيده الموجه ضدّ السعودية ونظامها الحاكم ليس تصعيداً كلامياً عادياً ويعرف أنّ للسعودية موقف وتحرك تواجه فيه هذا النداء الذي أطلقه ضدها لأنّ الكلام صادر عن من كان يوماً ما قائداً عربياً للمقاومة، ولو اختلفت اليوم معه بعض الحكومات العربية.
اتهم السيد نصرالله في خطابه الأخير السعودية بأنها مسؤولة عما جرى في القطيف في المنطقة الشرقية، معتبراً أنّ السبب يعود إلى اللامسؤولية السعودية أولاً في حماية أبناء منطقة واقعة تحت سلطتها عمداً وثانياً بدعمها وتمويلها الحركات التكفيرية، على اختلاف تسيماتها وكلها فرع من فروع «القاعدة»، حسب السيد نصرالله، وبركات يوزعها مسؤولون في الحكم بينهم بندر بن سلطان حيث اعتبر السيد نصرالله أنّ كلّ ما يجري في العراق وسورية «هي مسؤوليتكم وبركات بندركم».
لم يكن موقف السيد نصرالله التصعيدي نتيجة حرب اليمن، كما يبدو للبعض، بل سبق ذلك بأشهر وقد عبر عنه في عدة خطابات خصّصها للحديث عن البحرين وكيفية مواجهة «داعش» في لبنان، لتتوالى المواقف نفسها وتشتدّ مع حرب اليمن التي أسفرت عن استشهاد أبرياء جراء الاعتداء السعودي المستمر.
وضعت السعودية اليوم القياديين في حزب الله محمد قبلان وخليل حرب على قائمة الإرهاب، معتبرة أنّ الرجلين مسؤولان عن عمليات عدة في الشرق الأوسط، وأعلنت قرارها هذا على طريقة هوليودية، ويبدو أنّ ما دفع السعودية إلى هذا القرار هو التالي:
أولاً: أنّ كلام السيد حسن نصرالله للشعوب ضدّ المملكة يشكل أزمة كبيرة بالنسبة إليها، وخصوصاً أنها تعرف أن لا شيء قادر أن يردعه عن موقف يود إطلاقه وهو الذي واجه «إسرائيل» من دون جزع.
ثانياً: إنّ السعودية العالقة بين استجداء المفاوضات وبين إطالة أمد الحرب والضغط على المبعوثين الأممين وإفشالهم، ترى مصلحة لها في إشاعة أنّ الحوثيين يتلقون دعماً من حزب الله، الأقوى خبرة وتاريخاً، فتواسي فشلها بسحق الحوثيين ومصالحهم في اليمن.
ثالثاً: إنّ أخطر المعادلات أطلقها السيد نصرالله عربياً وهي التي تتمثل بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة والتي جربت ونجحت في لبنان ودعا إليها في العراق واليمن وسورية لتكون الحلّ لمواجهة الإرهاب وهذه المعادلة وحدها قادرة على أن تقلب المعايير وعليه وجب التصويب على حزب الله.
فوق كلّ هذه الأسباب يكشف مصدر متابع عن كثب للعلاقة السعودية بملف حزب الله، عن سبب الغيظ السعودي الكبير من السيد نصرالله بعد الخطاب الأخير، وهو الخشية من أن يضع خطته لتوحيد الجبهات موضع التنفيذ، وهي خطة لا يمكن تنفيذها بتوحيد الجيوش السوري والعراقي واليمني واللبناني، بل طريقها الوحيد توحيد جهود وخطط وإمكانات والأهم قيادة الكيانات التي أورد تسمياتها السيد نصرالله في خطابه كاللجان الثورية اليمنية والحشد الشعبي في العراق والدفاع الوطني في سورية، وإن تفجر الوضع في المنطقة الشرقية من السعودية ونشأت لجان ثورية على الطريقة اليمنية سيكون مشروع نصرالله قد ضمها إلى ما أسماه توحيد الجبهات، لذلك هي ستجعل لاحقاً كل اتصال لأي مواطن سعودي بأي عضو أو قيادي من حزب الله جريمة يعاقب عليها القانون.
عملياً وفور إعلان الخبر، ردّ أحد وزراء حزب الله في الحكومة حسين الحاج حسن على قرار السعودية بتصنيف قياديين من حزب الله كإرهابيين بالقول: «لا يحقّ لمصدّر الإرهاب اتهام الآخرين بالإرهاب»، و بالتالي فإنّ موقف حزب الله من المملكة واضح جداً من سياسيين وقادة ومقاتلين، فهي بالنسبة إليهم إرهاب بإرهاب.
رغم الحملة السعودية على حزب الله، الدهشة تقع في لبنان نفسه ومع حزب الله تحديداً، فالسعودية حريصة على الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله الذي لم تنسفه حتى الساعة، ما يرسم تساؤلات عدة، فهل وقع الانفصام الرسمي السعودي في المواقف المزدوجة؟ ارتباك السعودية جدي وواضح، فعرابة تيار المستقبل وهو الحزب نفسه الذي رفع صور ملكها السابق عبدالله يوماً ما في وسط مدينة بيروت أثناء خطاب الرئيس سعد الحريري لا تزال حتى الساعة تلزمه بأجندة الرياض في الحفاظ على شعرة التواصل مع حزب الله.