مشاورات روسية ـ أميركية رفيعة المستوى حول الأزمة السورية
حراك مكثف تشهده العاصمة الروسية موسكو بعد اطلاق الرئيس فلاديمير بوتين لمبادرته «المعجزة» لجمع سورية والسعودية وتركيا والأردن في جبهة واحدة لمكافحة الارهاب وإيجاد حل سياسي للأزمة التي تعصف بالبلاد والمستمرة منذ خمس سنوات.
وعلى ضوء هذا الحراك، أكدت وزارة الخارجية الروسية إجراء مشاورات روسية – أميركية حول تسوية الأزمة السورية على مستوى المبعوثين.
وأوضحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن نائب وزير الخارجية، مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، سيلتقي اليوم الجمعة المبعوث الأميركي الخاص لشؤون سورية مايكل راتني الذي يزور موسكو حالياً.
وكان رئيس المكتب الصحافي لوزارة الخارجية الأميركية جون كيربي أعلن في وقت سابق عن توجه راتني الى موسكو لإجراء مشاورات، مشيراً أنه سيزور كذلك خلال جولته الخارجية جنيف، وأكد أن بلاده تعتبر تسوية الوضع في سورية «إحد المجالات التي نستطيع فيها التعاون» مع روسيا.
كما أكد كيربي مجدداً أن الحكومة الحالية في دمشق برئاسة بشار الأسد لا تستطيع، من وجهة النظر الأميركية، أن تكون جزءاً من الائتلاف الذي يحارب تنظيم «داعش» الإرهابي.
وفي السياق، كشفت مصادر اعلامية مضمون وثيقتين قدمهما المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى الاطراف السورية حول مبادرته للحل، مع تبني مجلس الأمن المبادرة الأممية، والتي تحدد فترة 90 يوماً لعمل مجموعات العمل، التي بدأت عملياً في 17 آب الجاري.
وتطلب الوثيقة من الاطراف السورية تزويد الفريق الاممي بأسماء للمشاركة في مجموعات العمل لوضع أسس الحل، حيث تتوصل تلك المجموعات المشتركة إلى مسودة وثائق تعتبر أرضية مسهلة لمفاوضات «جنيف- 3».
وتضع الوثيقة الثانية المفاوضات في إطار مسار تفاوضي متدرج، يبدأ بالملفات السهلة غير المختلف عليها، كاعتبار سورية دولة واحدة موحدة ذات ديمقراطية وذات سيادة، وصولاً إلى المسائل الصعبة وهيئة الحكم الانتقالية تأتي في الختام.
كما أنها تمنح الهيئة الانتقالية صلاحيات تنفيذية من دون تحديدها ولا تحديد صلاحيات الرئيس في المرحلة الانتقالية، كما تمنحها حق تشكيل مجلس عسكري مشترك، والتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة على أساس دستور جديد. ولا تتضمن الوثيقة الأممية مواعيد زمنية للمرحلة الانتقالية المتدرجة.
وتتمحور الوثيقة الأولى حول آلية تشكيل المجموعات، والمهمات الملقاة على عاتقها، في حين تشرح الوثيقة الثانية آلية أو رؤية الأمم المتحدة للحل السياسي في سورية، على أساس الوثائق، وما ستتوصل إليه مجموعات العمل من نتائج للحل.
وقالت المصادر أن بدء تطبيق هذه الوثيقة مرتبط بالمبعوث الدولي دي ميستورا الذي وضع المبادرة والوثائق المرتبطة أصلاً بالتوافق الدولي والسياسي للمجموعة الدولية والإقليمية، وهي من المفروض أن تكون راعية لمبادرته، أي أن الأخير يضع الأسس وينتظر الإشارة أو أي تحرك من قبل المجتمع الدولي ليبدأ بتطبيق هذه المبادرة.
من جهته، أبدى «الائتلاف المعارض» تحفظات على نقاط عدة سيسلمها إلى دي ميستورا خلال زيارته إلى اسطنبول. ورأى «الائتلاف» أنه ليس من حق المبعوث الدولي تحديد الأسماء التي ستشارك في مجموعات العمل. كما انتقد ضم طرف ثالث وهو هيئات المجتمع المدني في الحوار.
وأشار «الائتلاف» إلى عدم وجود رؤية واضحة لآلية تطبيق جنيف واحد، لجهة الفترات الزمنية، ولجهة مصير الرئيس السوري بعد تشكيل الهيئة الانتقالية. وعلمت «الميادين» أن ضغطاً كبيراً مارسه سفراء المجموعة الغربية في مجموعة «أصدقاء سورية» على الائتلاف، وطالبوه بالموافقة على المشاركة في مجموعات العمل المقترحة.
وفي السياق، أكد رئيس وفد ملتقى الحوار الوطني السوري علي حيدر أن هناك إجماعاً على الحل السياسي لإنهاء الأزمة الدائرة في سورية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي لوفد ملتقى الحوار الوطني السوري الذي يجري مشاورات في موسكو أعلن خلاله نتائج مباحثات الوفد في موسكو.
وأكد حيدر التفاف القوى المشاركة في إيجاد مبادرة الحل السياسي للخروج من النفق المظلم الذي غرقت فيه سورية منذ 4 سنوات بسبب النزاع الدائر هناك وانتشار الجماعات المسلحة والإرهاب.
وحول هذه النقطة، أوضح حيدر أن الإرهاب في سورية وصل إلى حد اللاعودة، وساهم في تعطيل المسار السياسي لحل الأزمة في البلاد، ومجدداً تأكيده على أن الإرهاب أصبح أولوية أيضاً في بنود الملف السوري.
ويرى حيدر أن الإرهاب بات آفة عالمية، تستنزف قوى الجميع، وهو ما يتطلب حشد جميع الجهود الدولية لصد هذا الخطر العالمي، مشيراً الى أن التسوية السياسية للأزمة السورية مطروحة ضمن عمل الجهود الدبلوماسية الدولية، ويجب أن تؤمن الظرف الموضوعي للحوار السوري – السوري، مؤكداً ضرورة التحضير الجيد لأي استحقاق سياسي يتعلق بالأزمة السورية، في إشارة إلى موقفه من لقاء «موسكو- 3»، الذي يراه ضروريا لتهيئة المناخ المناسب لنجاح «جنيف – 3».
وتحدث حيدر عن الانعكاسات الإيجابية لاتفاق إيران النووي مع دول الغرب والذي خلق مناخاً أفضل لحل الأزمة في سورية، حسب قوله، مضيفاً أن هذا الاتفاق سيسمح للسوريين الجلوس للتفاوض على طاولة واحدة.
ميدانياً، أعلن عن التوصل إلى هدنة لمدة 48 ساعة بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة في الزبداني بريف دمشق، وفي الفوعة وكفريا بريف إدلب.
وقالت المصادر إن الهدنة في الزبداني بدأت أمس الخميس وسيصار غداً إلى اخلاء الجرحى من الطرفين، كما سيتم نقل جرحى المسلحين في الزبداني عبر الصليب الأحمر باتجاه مناطق سيطرتهم في إدلب.
أما الجرحى في كفريا والفوعة فسيجري نقلهم إلى مستشفى في اللاذقية. وفي اليوم الثالث سيتم إخلاء المسنين من كفريا والفوعة.
وقالت المصادر إنه سيتم إبرام الاتفاق النهائي على خروج المسلحين من الزبداني إلى ريف إدلب، وعند إبرام الاتفاق يجري تمديد الهدنة تلقائياً.
الهدنة تأتي لدراسة باقي النقاط العالقة، بعد هدنة سابقة درست انسحاب المسلحين من الزبداني، مقابل وقف الهجوم على بلدتي كفريا والفوعة.
ويشمل اتفاق الهدنة إخراج المسنيين من كفريا والفوعا في اليوم الثالث أيضاً… ويشمل نجاح المفاوضات إنهاء معاناة المدنيين، عبر إخراجهم من كفريا والفوعة إلى مناطق أخرى، بالتوازي مع تسوية أوضاع من يود من المسلحين داخل الزبداني ضمن شروط المصالحات.