تنسيق روسي ـ فرنسي في محاربة الإرهاب والقاذفات الاستراتيجية تقصف «داعش»
قالت وزارة الدفاع الأميركية أمس، إن التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» والذي تقوده واشنطن لا ينسق عملياته مع روسيا، ولكنه «جاهز لأي تعديلات» بحسب الحاجة.
وأضاف متحدث باسم «البنتاغون» أن روسيا أبلغت التحالف عن ضرباتها الجديدة ضد التنظيم في سورية، عبر مركز عمليات التحالف الجوية في قطر، مشيراً إلى أن «مقاتلات التحالف مستمرة في مهماتها في سورية ولكنها تحافظ على مستوى عال من اليقظة بسبب ارتفاع حدّة الضربات الروسية».
من ناحية أخرى، كشف وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس أن بلاده بدأت عملية مع تركيا لإغلاق ما تبقى من حدودها مع سورية، وقال: «تم إغلاق الآن 75 في المئة من كامل الحدود الشمالية لسورية. ونحن نقوم بعملية مع الأتراك لإغلاق آخر 98 كلم متبقية».
ورأى الوزير الأميركي أن وقف إطلاق النار بسورية ممكن خلال الأسابيع الـ3 أو الـ4 المقبلة وذلك مع توسيع عدد المشاركين في التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش».
ورأى الدبلوماسي الأميركي أن سورية قد تبدأ مرحلة انتقال سياسي كبير في غضون أسابيع، كنتيجة للتسوية الدولية التي تم التوصل إليها في ختام محادثات فيينا.
وأوضح وزير الخارجية الأميركي أن «كل ما نحتاج إليه هو بداية عملية سياسية، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار. إنها خطوة جبارة»، وأعرب عن ارتياحه «لوجود إيران وروسيا على طاولة المفاوضات»، واصفاً هذه الخطوة بأنها فريدة من نوعها.
وفي السياق، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة والتحالف الدولي بأن أغلب ضرباتهما في سورية لم تستهدف وحدات «داعش» القادرة على إضعاف الجيش السوري.
وقال إن «تحليل الضربات التي وجهوها إلى مواقع الإرهابيين على مدة أكثر من عام يسمح بالتوصل إلى استنتاج مفاده أنهم قصفوا بشكل انتقائي، ويمكن أن أقول إنهم قصفوا برأفة ولم ستهدفوا في أغلب الأحيان تلك وحدات «داعش» التي كانت قادرة على إضعاف الجيش السوري بشكل جدي».
وأشار الوزير الروسي إلى أن قوات التحالف تريد أن يضعف «داعش» الأسد بأسرع ما يمكن ولا يريد في الوقت ذاته أن يعزز ذلك كثيراً «داعش» الذي قد يستولى بعد ذلك على السلطة.
ووصف نتائج عملية التحالف الدولي التي بدأت في آب عام 2014 الماضي بأنها «محدودة إن لم نقل إنها غير موجودة إطلاقاً» باستثناء توسع «داعش» في هذه الفترة، وقال التحالف حقق نجاحاً تكتيكياً، عندما تمكن من طرد «داعش» من مدينتين في العراق، إلا أن التنظيم الإرهابي عموماً تمكن من توسيع المناطق الخاضعة لسيطرته وأقام هناك شبه الدولة وقام بتنظيم الحياة اليومية هناك وفي الوقت ذاته بفرض نظام قمعي وتمييز جميع المنتمين إلى طوائف أخرى.
جاء ذلك في وقت دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى وضع خطة مشتركة مع فرنسا لإجراء عملية مشتركة في سورية من البحر والجو ضد الإرهاب.
من جانب آخر، أعلن الكرملين أن الرئيسين الروسي والفرنسي اتفقا أمس خلال مكالمة هاتفية على إطلاق تنسيق أوثق بين وزارتي الدفاع وهيئات الاستخبارات بين البلدين، في سياق عمليات مكافحة الإرهاب التي تجريها روسيا وفرنسا في سورية.
وقال بوتين خلال اجتماع ترأسه في مركز العمليات القوات الروسية إنه قد أعطى الأوامر بهذا الشأن لوزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة قائلاً: «علينا أن نضع خطة للعمليات المشتركة معهم الفرنسيين في البحر وفي الجو».
وذكر، متوجهاً إلى قائد الطراد الصاروخي الروسي «موسكو» الموجود حالياً أمام سواحل سورية، «في القريب العاجل ستصل إلى المنطقة التي تعملون فيها مجموعة سفن حربية فرنسية بقيادة حاملة طائرات. وتجب إقامة اتصالات مباشرة بالفرنسيين والتعاون معهم بصفتهم حلفاء».
ووجه سلاح الجو الروسي أمس سلسلة ضربات مكثفة غير مسبوقة على مواقع «داعش» في سورية. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عند تقديمه تقريراً للرئيس بوتين حول الضربات الروسية الأخيرة في سورية، قال إن عدد الطلعات القتالية للطائرات الروسية المشاركة في العملية الجوية بسورية تضاعف، وهذا ما «يتيح توجيه ضربات دقيقية قوية على إرهابيي «داعش» في عمق الأراضي السورية»، كاشفاً أن سلاح الجو الروسي نفذ أكثر من 127 طلعة جوية دمر خلالها 206 أهداف للإرهابيين، إضافة إلى 82 طلعة دمّر خلالها 140 هدفاً للعصابات الإرهابية، والعملية ما زالت مستمرة ومن المخطط تنفيذ 45 طلعة أخرى الثلاثاء .
وفي وقت سابق، أمر الرئيس الروسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، بتكثيف الغارات على مواقع الإرهابيين في سورية، لكي يدرك المجرمون أن «الانتقام لا مفر منه»، في إشارة إلى تورط الإرهابيين في تفجير الطائرة الروسية في سيناء.
كما أعلن شويغو بدء مشاركة قاذفات استراتيجية روسية بعيدة المدى في توجيه الضربات إلى مواقع «داعش» في سورية، موضحاً أن الحديث يدور عن طائرات « تو- 160» و«تو- 95 إم إس» و«تو- 22 إم3» تابعة للطيران الروسي بعيد المدى.
وأوضح أن 12 قاذفة روسية استراتيجية من طراز «تو- 22 إم 3» شاركت فجر أمس في توجيه الضربات إلى معاقل «داعش» في الرقة. ومن ثمة قامت طائرات «تو- 160» و«تو- 95 إم إس» بإطلاق 34 صاروخاً مجنحاً على مواقع الإرهابيين في ريفي حلب وإدلب.
بدوره، قال قائد الطيران الروسي بعيد المدى أناتولي جيخاريف إن طائرات «تو-160» و«تو-95 إم إس» في سياق مشاركتها في العمليات بسورية بقيت في الجو لمدة تجاوزت 8 ساعات، فيما قطعت طائرات «تو-22 إم3» مسافة تجاوزت 4500 كيلومتر.
وكشف رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف أنه سيتم تعزيز القوات الجوفضائية المرابطة في سورية بــ37 طائرة أخرى، بما في ذلك قاذفات القنابل، بينها 8 طائرات «سوخوي 34» و4 «سوخوي 27».
وكشف أن الضربات التي نفذتها الطائرات الروسية بواسطة 34 صاروخاً مجنحاً، أسفرت عن تدمير 14 موقعاً مهماً للإرهابيين، بما فيها مراكز قيادة معنية بتنسيق عمليات عصابات «داعش» في ريفي إدلب وحلب، ومخازن كبيرة للذخيرة في شمال غربي سورية.
وأكد أن الجيش الروسي أبلغ مسبقاً سلاح الجو الأميركي وجيوش الدول الأخرى المشاركة في التحالف الدولي بتوجيه الضربات الصاروخية الروسية المكثفة على مواقع «داعش».
كما كشف غيراسيموف أن سلاح الجو الروسي قام منذ بدء العملية العسكرية في سورية يوم 30 أيلول الماضي بـ 2289 طلعة قتالية، ودمر 4111 موقعاً للإرهابيين، بما في ذلك 562 مركز قيادة و64 قاعدة تدريب للإرهابيين و54 ورشة لإنتاج الأسلحة والذخيرة.
وتابع أن الغطاء الجوي الروسي سمح للجيش السوري ببدء التقدم على كامل خط الجبهة في محافظات حلب واللاذقية وإدلب وحمص ودمشق، وتحرير 80 بلدة من أيدي الإرهابيين، واستعادة السيطرة على أراض تتجاوز مساحتها 500 كيلومتر مربع، مشيراً الى توسيع المنطقة الآمنة حول قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية.
وكشف رئيس هيئة الأركان العامة الروسية فاليري غيراسيموف خلال الاجتماع أن القوات المسلحة الروسية تعتمد على بيانات تقدمها 10 أقمار استطلاع روسية اصطناعية، وهي أقمار عسكرية ومدنية، كاشفاً عن تعديل مدار بعض الأقمار من أجل التقاط صور للأراضي السورية بشكل دوري.
وتابع رئيس هيئة الأركان أنه من المخطط مواصلة تعزيز مجموعة الأقمار الاصطناعية المعنية بالعمليات الاستطلاعية في سورية عن طريق إطلاق أقمار جديدة والاعتماد على أجهزة فضائية احتياطية.
وفي شأن متصل، أعلن مصدر مقرب من وزارة الدفاع الروسية أن الغواصة الروسية التي تعمل على الديزل والكهرباء «روستوف- نا -دونو»، ضربت مواقع «داعش» في الرقة بالصواريخ المجنحة «كاليبر».
وقال المصدر: «الأن يتم تحليل تأثير الضربات باستخدام طائرات الاستطلاع الجوية الفضائية، وقد قمنا بتوجيه الضربات بعد أن طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعزيز الضربات الجوية ضد الإرهابيين، وجاءت هذه الأوامر بعد اكتشافنا أن الإرهابيين هم من فجروا الطائرة الروسية في مصر».
الى ذلك، دعت وزارة الخارجية الروسية أمس مجلس الأمن، من دون تأخير، إلى اتخاذ قرار لتشكيل جبهة واسعة لمحاربة الإرهاب.
وقالت الوزارة في بيانها: «نرحب بإدراك جميع شركائنا المتزايد لضرورة توحيد جهود المجتمع الدولي لإخماد التهديدات الإرهابية الدولية، هذا بكل حق هو مركز جميع المسائل التي تتطلب انتباهاً أولوياً، والأهم إجراءات من دون أي شروط أولية وروابط».
وأضاف البيان: «ندعو مجلس الأمن الدولي إلى التوافق على المشروع الروسي المقدم في 30 أيلول حول تشكيل جبهة واسعة لمحاربة الإرهاب على أساس معايير ومبادئ القانون الدولي وبنود ميثاق الأمم المتحدة».
وأشارت الوزارة في بيانها إلى أنه «بناء على توجيهات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نخطر بهذا جميع الشركاء الدوليين ببدء الأجهزة المختصة الروسية البحث عن المجرمين»، مؤكدة أن عمل هذه الأجهزة سيستمر حتى الكشف عن جميع المتورطين أينما كانوا وتقديمهم إلى العدالة.
وأضاف البيان: «ولهذا نحن نتوجه إلى جميع الدول والمؤسسات والأشخاص، وجميع الأصدقاء والشركاء بطلب المساعدة في هذه المهمة لينال المجرمون جزاءهم»، مشيراً إلى أن تحركات موسكو ضد الإرهاب بعد تفجير الطائرة A321 سيكون وفقاً لحق الدول في الدفاع عن نفسها الموثق في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وقال البيان: «من جانبنا ننظر إلى الهجوم البربري على مواطنينا أنه يأتي في سياق سلسلة هجمات دموية نفذت في الفترة الأخيرة في باريس وبيروت والعراق وأنقرة ومصر»، وأضاف أن روسيا في هذا الوضع ستتصرف بما يتسق مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.