الوطن

رفض سياسي وشعبي لقرار سلامة والاحتجاجات تعمّ الشوارع

أثار قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفع الدعم عن المحروقات ردود فعل سياسية وشعبية، رافضةً القرار ومحذّرةً من تداعياته السلبية على الأوضاع المعيشية.

وفي هذا السياق، رأت كتلة الوفاء للمقاومة، أن الإجراء الذي اعتمده سلامة «هو إجراء مرفوض لأنه خارج سياق أي خطة إنقاذية ومخالف للسياسة التي قرّرتها الحكومة وأقرّها مجلس النواب حين صادق على البطاقة التمويلية التي تدعم العوائل الفقيرة، ودعا إلى تنفيذها قبل أي إجراء آخر يتصل برفع أو تخفيف الدعم عن أي مادة من المواد الحيوية للمواطنين».

ودانت «كل إجراء نقدي أو مالي أو اقتصادي يفاقم الضغط المعيشي على اللبنانيين ولا يأخذ في الاعتبار مستوى الاحتقان الشعبي الناجم عن لا مبالاة المسؤولين تجاه الناس من جهة، وتقصيرهم المشبوه والمريب تجاه معالجة مشاكلهم وملاحقة سارقي لقمة عيشهم من جهة أخرى». ورأت «وجوب إيلاء تشغيل وتزويد معامل الكهرباء بالمحروقات والتخفيف من غلواء الحاجة إلى المازوت للمولدات أمراً حيوياً ملحاً يتطلب سرعةً في تنفيذ الاتفاق مع الجمهورية العراقية ومباشرة خيارات عملية أخرى لإنجاز هذا الأمر».

وجدّدت «مناشدتها جميع المعنيين اللبنانيين إيلاء تشكيل الحكومة الأولوية الموصوفة، وذلك من أجل وقف التدهور في أوضاع المواد الحيوية والقطاعات والمرافق المختلفة في البلاد، بدءاً من المازوت والبنزين، مروراً بالإنترنت، وصولاً إلى الأدوية والخبز وحليب الأطفال، وتجنباً للأسوأ الذي ينتظر المواطنين إن على الصعيد المعيشي والاقتصادي أو على صعيد الاستقرار الاجتماعي الذي بات يتهدده تفاقم العوز والعجز عن ضبط المخالفات ومنع التجاوزات المتمادية».

كما دعت الكتلة «وزراء وحكومة تصريف الأعمال والأجهزة الرقابية المختصة إلى تفعيل جهودهم وملاحقاتهم لكل إخلالٍ بالنظام العام، ومتابعة ومعالجة مشاكل الناس الناجمة عن استغلال البعض لغياب الدولة ومحاولته الإثراء السريع والحرام على حساب وجع الناس وضيق أحوالهم».

ورأى النائب الدكتور قاسم هاشم في تصريح، أن ما أقدم عليه سلامة «لم يكن بهذه السرعة، لو لم يحظ بغطاء، وأحدث إرباكاً وتخبطاً يدفع ثمنه المواطن، إذ إن الخطوة الارتجالية أفسحت المجال لكارتيل النفط والعصابات المتفرّعة لتراكم أرباحها على حساب المواطن، وأقفلت المحطات وأبواب الشركات بانتظار الاستفادة من السعر الجديد، وهذه سرقة موصوفة لا يجوز السكوت عنها وما على النيابات العامّة إلاّ الإيعاز الفوري للأجهزة الأمنية، ووضع يدها على المستودعات ومحطات المحروقات وإجبارها على تسيير أمور الناس وبالأسعار التي كانت حدّدتها وزارة الطاقة من دون زيادة، وإلاّ فالجميع مسؤول وعاجز».

أضاف «أمّا التراجع عن نية الحاكم بأمره أو اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع السرقة والاحتكار أو فليتول الناس إدارة أمورهم والوصول لحقوقهم بما يرونه مناسباً إذا لم يجدوا من يجرؤ على تحمّل مسؤوليته».

وأكد الأمين العام لـ «التيار الأسعدي» المحامي معن الأسعد في تصريح أن قرار سلامة «برفع الدعم عن المحروقات وربط سعرها بدولار السوق السوداء قرار تفجيري، وهذا يعني إدخال لبنان في فوضى شاملة غير محسوبة النتائج والتداعيات»، مشيراً إلى أن قراره «لم يأت صدفة، بل يأتي بعد وصول البنزين الإيراني إلى سورية تمهيداً لنقله إلى لبنان».

وقال «ليس المطلوب رفع الدعم عن المحروقات وغيرها، لأن المطلوب رفع الدعم عن رياض سلامة، وتحميل الطبقة السياسية والمالية الحاكمة وحدها المسؤولية وهي الشريكة والمتواطئة والحامية لسلامة وغيره من المافيات وتجار الجشع والطمع والاحتكار»، محمّلاً «أركان السلطة مسؤولية ما يحصل من انهيارات وفقر وجوع وغلاء فاحش وبطالة وذلّ وحرمان من المحروقات والغذاء والدواء والطحين وغيرها»، داعياً الشعب إلى «الخروج من ارتهانه وتبعيته وصمته ومواجهة هذه السلطة التي تفاخر بإنجازاتها التي دمّرت البلد وبحماية سلامة».

وأشار رئيس تيار «صرخة وطن» جهاد ذبيان، في تصريح، إلى أن قرار رفع الدعم عن المحروقات، الذي اتخذه سلامة «والذي يشكل كارثة اجتماعية بكل ما للكلمة من معنى، يُثبت مجدّداً أن سلامة هو الحاكم بأمر السلطة والمال  من دون حسيب أو رقيب».

وسأل «وسط كل هذا المشهد الفوضوي، أين القوى السياسية الحاكمة من كل هذا وما هو دورها في العمل على الحدّ من آثار الانفجار الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأنا ندخل مراحله المتقدمة بفضل قرارات رياض سلامة، وهل تعلم أن سكوتها يجعلها شريكة في هذه الجريمة التي تُرتكب بحق الشعب اللبناني، أم أن لديها حساباتها الانتخابية الخاصة، لكن هل سيبقى هناك وطن وشعب، وعلى ماذا تراهن هذه الطبقة الحاكمة التي عاثت فساداً وتدميراً ممنهجاً لكل مقومات الصمود في هذا البلد».

ودعا ذبيان اللبنانيين إلى «ألاّ يكونوا بعد اليوم أداةً طيّعةً يوظفها السياسيون كما يشاؤون وساعة يريدون خدمةً لمآربهم وحساباتهم السياسية والانتخابية الضيّقة، بل عليهم مواجهة هذه السلطة التي تُمعن إفقاراً للشعب وتقضي على كل مقومات الحياة في هذا البلد».

أزمة وقود وقطع طرق

ميدانياً، شهد لبنان أمس، موجة تحركات في مختلف المناطق احتجاجاً على قرار سلامة رفع الدعم وأقفلت محطات وقود رغم الكميات الموجودة في خزاناتها.

وتحت شعار «ضد سلطة العتمة»، وبدعوة من الهيئة الزحلية، اعتصم الآلاف أمام سراي زحلة الحكومي للمطالبة بالمازوت لشركة كهرباء زحلة لتستمر بتأمين الكهرباء لزحلة و16 بلدة ولأكثر من 300 ألف مواطن.

 وشارك في الاعتصام كل الهيئات والجمعيات والأحزاب ورؤساء البلديات والمخاتير في قضاء زحلة وشخصيات نيابية وسياسية وروحية.

وشدّد مدير عام كهرباء زحلة أسعد نكد على أهمية تأمين المازوت للشركة لتستمر24/24  مؤكداً أن «هذه الأزمة التي يمرّ بها كل لبنان سببها مشروع رفع الدعم»، مناشداً الزحليين والبقاعيين الوقوف دائماً إلى جانب الشركة لأنها شركتهم.

وشهدت المحطات التي لم تقفل إقبالاً غير مسبوق لا سيما على الأوتوستراد الساحلي الذي غصّ بأرتال السيارات المتوقفة عند مداخل المحطات ما أدى إلى عرقلة حركة المرور. وامتدت طوابير من السيارات منذ الليل من بلدة إلى أخرى، فيما تذمّر المواطنون من الذلّ اللاحق بهم.

وفي السياق، أشار عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس، إلى أن «قرار مصرف لبنان  جاء مباغتاً وفاجأ الجميع»، متسائلاً «إن كان حاكم المصرف المركزي اتّخذ هذا القرار بمفرده أم تشاور مع السلطة السياسية؟».

وشدّد على أن «النقابة تحت سقف القانون وتنتظر القرار الذي سيصدر عن وزارة الطاقة لمعرفة ما يجب فعله»، مؤكداً أن «النفط الموجود في الوقت الراهن في مستودعات المنشآت والمحطات تم شراؤه وفق تسعيرة 3900 ليرة لبنانية».

كذلك أقفل عدد من سائقي السيارات مسلكي الأوتوستراد في البترون عند محطتي «كورال» احتجاجاً على التوقف عن تعبئة البنزين للسيارات التي التي امتدت أرتالها لكيلومترات بانتظار ملء خزاناتها بالوقود.

ومع ساعات بعد الظهر قُطع السير على أوتوستراد البداوي بالاتجاهين، كما قطع محتجون أوتوستراد صيدا – صور في البابلية بالاتجاهين بالشاحنات والسيارات.

وكان عدد من المحتجين قطع الطريق التي تربط كفررمان بالنبطية، بالسيارات والعوائق الحديدية والحجارة عند تمثال الصباح، ومنعوا السيارات من دخول المدينة، احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية المتردية. وأكّدوا أن مطلبهم مطلب كل لبنانيّ. وشددّوا على أن الصمت في هذه الظروف لم يعد مجدياً.

كما قُطع السير على أوتوستراد الناعمة بالاتجاهين، و‏قطع محتجون السير على طريق عام ‎الشويفات محلة التيرو.

وشمالاً، قطع الأهالي في منطقة الكورة، طريق الهيكلية ضهر العين لفقدان المازوت وإطفاء المولدات. من جهة أخرى، قطع أصحاب الفانات طريق المصنع راشيا عند نقطة دار الحنان احتجاجاً على انقطاع البنزين والمازوت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى