أولى

خريطة طريق السعودية حول سورية

تحدّث وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان بعد انتهاء مؤتمر القمة العربية حول المقاربة التي تشكل رؤية السعودية وتم الأخذ بها عربياً في قرار استعادة سورية مقعدها ودورها في الجامعة ومن ثم في القمة وما سوف يليها.
جوهر هذه المقاربة أن الوضع في سورية وصل الى مرحلة يستحيل الاستمرار فيها بالتعامل وفق الأدوات القديمة. فالوجود العسكري للمعارضة انتهى لحساب جماعات إرهابية، والدولة السورية حسمت سيطرتها العسكرية على أغلبية الأراضي السورية، باستثناء المناطق التي تنتشر فيها قوات أجنبية وتشكل غطاء لميليشيات تنازع الدولة سيادتها. وبالمقابل، فإن مشكلتين كبيرتين تهددان بالانفجار، وضع اقتصادي يزداد سوءا وأزمة لاجئين غير قابلة للاحتواء، والقطيعة مع الدولة السورية وفرض العقوبات على سورية تحولت إلى مصدر تفاقم للمشكلات بدلاً من أن تكون حلولا لها.
تقول المقاربة بأن تحويل مؤسسات الجامعة العربية من القمة الى المستوى الوزاري ومنظمات الجامعة الى اطار تشترك فيه سورية بشكل طبيعي كدولة عربية مؤسسة للجامعة، صار خياراً طبيعياً للتداول مع سورية بما يمكن فعله، سواء من الجانب العربي او من الدولة السورية أو من كليهما معاً، وأن هذه المقاربة لاقت قبولاً سورياً، دون اشتراطات مسبقة من أحد على أحد. وفي قلب هذا التفاعل تقول المقاربة السعودية التي صارت عربية بعد القمة، بدعم الدولة السورية لإخراج الوجود الأجنبي غير المشروع، والمقصود واضح وهو الاحتلال الاميركي والاحتلال التركي دون تسميتهما، وواقعياً هذا هو المدخل لأن فتح ملف الوجود الروسي والإيراني يعني عدم وجود نية للتقدم، وبالتوازي تأييد الدولة السورية لإنهاء الميليشيات واسترداد السيطرة على كامل أراضيها وإنهاء كل تهديد لوحدتها. وهذا يعني فتح الطريق للتشارك مع الدولة السورية في مقاربة الملف السياسي، بالتنسيق مع الأمم المتحدة ضمن إطار اللجنة الدستورية، والدولة السورية منسجمة مع هذا الطرح طالما يقوم على هذا المسار.
تستند هذه المقاربة السياسية على الدعوة الى عمل عاجل يفصل مسار عودة النازحين وإعادة الإعمار عن المسار السياسي، الذي يكفي جعله مسار نيات ومبادئ متفق عليها في البداية، فيتم تقديم ضمانات سورية لعدم ملاحقة النازحين العائدين، وإتاحة اندماجهم في الحياة السورية بكل أبعادها، مقابل ضمان عربي لشروط لائقة لعودتهم بما في ذلك من ضرورات إعادة الإعمار.
تفترض هذه المقاربة أن الغرب الأوروبي والأميركي لا يستطيع رفض التعاون مع المسعى العربي الجديد لأنه واقعي، ولأن نتائج استمرار الوضع الحالي كارثية، ولذلك فإن استثناء متطلبات عودة النازحين وإعادة الإعمار من العقوبات هو طلب واقعي وممكن التحقيق.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى