اطمئنوا يا حكّام العرب
راسم عبيدات ـ القدس المحتلة
غزة لن تسقط يا عرب وما زالت تقاوم… ألفا شهيد واكثر من عشرة آلاف جريح يا عرب… وفي سبيل حريتنا وكرامتنا مستعدون للتضحية والفداء ودفع المزيد من الثمن، فنحن شعب نرفض الذل والخنوع، ونعتز بكرامتنا وننشد حريتنا، وتجارب الشعوب ونضالاتها وتضحياتها، علمتنا بأنّ النصر لا يقاس بحجم الخسائر والتضحيات، بل بدحر العدوان وشق وغرس وحفر طريق النضال والكفاح والمقاومة في وجدان وذاكرة ووعي الأجيال القادمة، لكي يكون هذا الصمود والنصر «بروفة» لنصر وحرية كاملة وشاملة لشعب أدرك انه لا نصر ولا حرية إلا بالمقاومة والتضحيات، هكذا علّمتنا الجزائر بلد المليون شهيد في حربها ضدّ المستعمر الفرنسي، وهكذا علّمنا ثوار «الفيتكونغ» الفيتناميين في حربهم ضدّ المستعمر الأمريكي، دفعوا مليون ومئة ألف شهيد ولكنهم في النهاية انتصروا وطردوا الغاصب وحرّروا فيتنام ووحّدوها، ولم يقولوا إنّ امريكا خسرت فقط 57 الف جندي وعسكري، كما يحاول العديد من دعاة نهج الاستنعاج والهزائم والانهيار، فلسطينيّين وعربا، القول بأنّ تدمير غزة وهذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى، هل يستحق مثل هذه المغامرة وأين هو النصر المزعوم؟ في تقزيم وتشكيك بالنصر ونهج وخيار المقاومة، فهؤلاء فقدوا إرادتهم وتربّوا على الذلّ والمهانة، وأي نصر بالمقاومة يحرجهم ويعرّيهم امام الشعوب والجماهير.
لا «تقلقوا» علينا يا عرب، فكما تريدون لحم أطفالنا يُشوى بالنابالم وكل الأسلحة المحرمة دولياً ومنازلنا تسوّى بالأرض، ويُستباح بشرنا وشجرنا وحجرنا… تابعوا حياتكم وبرامجكم اليومية والعادية… مارسوا الحب مع نسائكم وعشيقاتكم واجزلوا لهن العطاء… واستمروا في مسابقات الخيل والنوق والجمال والماعز ورحلات الصيد… تابعوا لاعبي كرة القدم المفضّلين لديكم ومغنياتكم المفضلات وراقصات العري واغدقوا عليهن الأموال، فهنّ «أحق» بهذه الأموال من القدس وغزة، وكلّ من شرّد وهجّر من أبناء أمتنا بفضل اموالكم في ليبيا والعراق وسورية ولبنان، واستمتعوا بسماع أخبار قصف وتدمير «إسرائيل» للمساجد والكنائس والمدارس ومقرات الأمم المتحدة في غزة، وحمّلوا عبر فضائياتكم وتصريحاتكم ومقابلاتكم المقاومة مسؤولية ما يجري من قتل ودمار، ولكن ثقوا تماماً بأنّ ذلك لن يشفي غليلكم، فشعبنا وطائر فينيقنا خرج اكثر من مرة من تحت الرماد محلقاً أشدّ وأقوى وأصلب من قبل.
وكذلك نقول اطمئنوا يا عرب… القدس لن تسقط وستبقى تقاوم، فيها قوم جبارون، بأسهم شديد وعزيمتهم أقوى وأصلب من الحديد… أكثر من ستمائة معتقل منذ جريمة حرق الفتى الشهيد ابو خضير حياً في الثالث من تموز وحتى الآن، والمواجهة والهبات الجماهيرية في القدس متواصلة ومتصاعدة، وقودها شباب وأطفال القدس ونساءها وكل أبنائها… والقدس ستبقى تقاوم… حرائرها المدافعات عن الأقصى في وجه طغيان وعربدة المستوطنين وجيش وشرطة الاحتلال، لن تبلغ رؤوس جيوشكم وقياداتكم المثقلة صدورها وأكتافها بالأوسمة والنياشين والنجوم المزوّرة نعالها… فأنتم يلفكم خزي وعار وذلّ تعوّدتم عليه… تعوّدتم على الاستنعاج والجبن والخوف، تعوّدتم وتطوّعت عقلياتكم على انّ جيش الاحتلال لا يهزم، ولكن ثبت لكم في حربه العدوانية على لبنان وحزب الله في تموز/2006، وعلى شعبنا وأهلنا في غزة أعوام 2008 -2009 و 2012 والآن بأنّ دولة الاحتلال كما قال سيد المقاومة السيد حسن نصر الله، إنّ دولة الاحتلال «أوهن من بيت العنكبوت»، وهي كذلك حيث ثبت في عدوانها الأخير على مقاومتنا وشعبنا في القطاع، بأنها أصبحت دولة غير صالحة للقتال، باعتراف قياداتها وحلفائها.
نحن… يا حكام العرب… في القدس رغم أنوفكم ورغم أنف الاحتلال تعوّدنا على الاستئساد والتنمّر، تعلموا من أطفال القدس يطاردون جنود الاحتلال ومستوطنيه في كلّ حيّ وزقة وشارع من شوارعها، تعلموا من بطولاتهم وتضحياتهم وصمودهم، تعلموا المقاومة من ستاليننغراد القدس، قرية العيساوية البطلة، نموذج وفخر المقاومة الفلسطينية المحاطة بالمستوطنات والمغلقة مداخلها، ولكنها ما فتئت تقاوم وتتصدّر المقاومة الشعبية في القدس بلا منازع… اطمئنّوا يا عرب… لن تسقط غزة ولن تسقط القدس، كذلك لن تسقط دمشق التي جنّدتم كلّ طاقاتكم وإمكانياتكم، حنفيات أموال، أسلحة من كلّ الأنواع، حيوانات على هيئة بشر جلبتبوهم من كلّ أصقاع الدنيا، لكي يمارسوا القتل والذبح «الحلال»، وسائل إعلام ورجال دين ووعّاظ ومفتين، جنّدتموهم لهذا المشروع، مشروع تدمير الأوطان وتفكيكها وإدخالها في صراعات وحروب وفتن مذهبية وطائفية، لا تحصد فقط أرواح البشر، بل تترك ندوباً وجراحات عميقة، يصعب ان تندمل، وكذلك تخلق ثارات تطول وتقضي على وحدة المجتمع.
لعنة أطفال غزة ولحومهم المشوية… وعذابات ومآسي أرامل الشام ومشرّديها ستطاردكم في نومكم وفي قبوركم، وستظلّ تقلق راحتكم ليل نهار، بأنكم قتلة ومجرمين وتجار دم ووطن… تريدون بيع حرائر الشام في السوق النخاسة إرضاء لشهواتكم وجوعكم الجنسي… وتريدون ان تجعلوا من دموع أمهاتنا الثكلى والمفجوعات بأطفالهنّ الذين شوى طيران العدو لحومهم ومزقها أشلاء، سوقاً ومزاداً تكفّرون فيه عن خطاياكم وذنوبكم، عبر ذرف دموع التماسيح عليهم، وإرسال شحنات من المساعدات الغذائية والطبية تبيّض صفحتكم وتظهر إنسانيتكم وتعاطفكم معنا، ولكن كلّ ذلك لم ولن يشفع لكم، فالحرب على شعبنا في قطاع غزة كشفت معدنكم وبانت عوراتكم غير مستورة بورقة التوت، حيث قسم منكم لم يخجل بأن يصطف علناً الى جانب العدو ضدّ شعبنا ومقاومتنا في القطاع، وقسم كان من تحت الطاولة يدعم العدوان، وما تبقى منكم متفرّج، إلا ما رحم ربي فسورية رغم جراحها وقفت معنا، وكذلك هي الجزائر وحزب الله، وطبعاً لا ننسى كلّ الجماهير العربية التي انتفضت لنصرتنا، رغم تأخرها وتقدم شعوب وجماهير العالم عليها.
اطمئنوا يا حكام العرب… لا القدس ولا غزة ولا الشام ستسقط، والمقاومة تتصاعد وتتقوّى يوماً بعد يوم، وستدك عروشكم وستطال رؤوسكم مؤذنة بتغيير واقعنا العربي وانتصار نهج المقاومة وخيارها.